ظل شاب، ضحية حادثة سير، بالدارالبيضاء، يسأل الممرضة، وهو مضرج في دمائه بمستعجلات المستشفى الجامعي ابن رشد "هل أصلحوا السكانير؟" ، الذي أصابه عطل مفاجئ، صباح الخميس الماضي، حتى غاب تماما عن الوعي، وعندما استفاق المسكين، عاد ليسأل أخته بجانبه، "هل أصلحوا الديكسيونير !!!". تمعنت الأخت المكلومة في وجه شقيقها، وصرخت "ناري خويا كيموت، ناري بدا يدخل ويخرج في الهضرة...". لم تنفع توسلاتها، ومعها باقي المرضى، الذين ينتظرون دورهم، للاستفادة من الفحص بالأشعة. لكن الممرض المسؤول عن هذا الجهاز يجيب بكل ببرودة: "ما ضيعوش وقتكم، راه السكانير مازال خاسر..". أحد المرافقين لرجل مصاب في رأسه في حادث انهيار سقف بيت قديم، احتج بقوة، وحاول اقتحام قاعة الفحص، لكن حراس الأمن الخاصين يمنعونه بعنف، ويهددون بتسليمه للشرطة، الممرض ينزع قفازه الطبي، ويغادر القسم، بعصبية، في اتجاه غير معروف، ورجلان من الوقاية المدينة، أدخلا، للتو، سيدة في حالة حرجة، إلى قسم الإنعاش، يحاولان تهدئة بعض أقرباء المرضى، الذين بدأوا يحتجون، عن التأخر الحاصل في إصلاح السكانير. السيدة، التي لم يعد شقيقها المصاب في رأسه، يميز بين كلمتي "السكانير" و"الديكسيونير"، اضطرت لتركه في قاعة الانتظار، وذهبت لتهاتف أحد أفراد أسرتها ليأتيها بمبلغ 200 درهم، ثمن الفحص بالأشعة بالمستشفى "العمومي" ابن رشد. مرافقو بعض المرضى من الذين أعياهم الانتظار، بدأوا يسألون عن المصحات الخاصة التي تتوفر على جهاز السكانير، فأسرع إليهم بعض سائقي سيارات الإسعاف، المرابضة أمام بوابة المستعجلات، ليعرض عليهم عناوين المصحات المتوفرة على هذا الجهاز، مقترحا عليهم أثمنة مغرية للفحص، تتراوح بين 1500 و2000 درهم. الثامنة ليلا، جهاز السكانير الوحيد بقسم المستعجلات، لم يُصلح بعد، الممرض الغاضب من احتجاجات الناس لم يظهر له أثر، والشاب المصاب في حادثة سير ما زال يسأل "واش صايبو الدّيكسيونر؟". عدد المرضى والمصابين يزداد في قاعة الانتظار، سيدة في خريف العمر تشعر بالاختناق، فتطلب من شاب بجانبها فتح إحدى النوافذ، لكن ممرضة بدينة، تنهره، وتأمره بإغلاق النافذة، مرددة بسخرية "المرضى كُثار والريحة خايبة".