س المهرجان الدولي الذي تنظمه الرابطة المتحدة للثقافة والفنون بمدينة مراكش راكم مسارا متميزا وصل إلى الدورة الثالثة هذه السنة . ما سر هذا الاستمرار؟ ج لأحدثك عن مسار المهرجان و هو يصل إلى نسخته الثالثة خلال هذه السنة لابد أن أقول لك أن البداية كانت حلما فتحول الحلم إلى فكرة قابلة للتحقيق و بعد أول خطوة ساعدنا الصمود و محبة الفن و الرغبة في المساهمة في تحريك المشهد الثقافي بمدينة مراكش على الاستمرار بالرغم من كل الاكراهات التي عانيناها فبعد تأسيس الرابطة المتحدة للثقافة و الفنون سنة 2012 ، بدأنا بسلسلة من المعارض التشكيلية الجماعية بمدينة مراكش تقتصر على مشاركة بعض الفنانين من المدينة, و ناقشنا في الجمعية فكرة تطوير المعارض من المستوى المحلي إلى معارض وطنية ثم دولية و هذه هي الانطلاقة و عوض أن نقتصر على معارض اللوحات قررنا تنظيم مهرجانا للفن المعاصر يشمل التشكيل و التصوير الفوطوغرافي و النحت و الأعمال المركبة و كل الفنون البصرية عدا السينما و المسرح فكانت الدورة الأولى من المهرجان سنة 2014 تحت اسم "الحدث الدولي للفن المعاصر" وقد جاء هذا الاسم لأننا أردنا أن يكون المهرجان حدثا فنيا بالنسبة لمدينة مراكش على شاكلة المهرجانات الفنية العالمية التي تضم معارض متنوعة يجد فيها الزائر ضالته , و تكون محط اكتشافه, و كل ذلك بإمكانيات بسيطة رأسمالنا الأساسي هو محبة الفن و تبليغ رسالته للجمهور و طموح كبير في جعل مدينة مراكش مدينة الثقافة و الفن و ليس فقط مدينة التاريخ و الآثار والتنوع الطبيعي وقد عرفت الدورة الأولى عرض لوحات تشكيلية من مختلف الأساليب بفضاء المسرح الملكي و منحوتات فنية تختلف أحجامها بالإضافة إلى الأعمال المركبة التي تستعمل تقنية الضوء كما عرفت مشاركة فنانين من المغرب و بعض الفنانين من دول أخرى عربية و أروبية , في سنة 2015 كان موعد الدورة الثانية في 16 ماي و حرصت كمدير للمهرجان على أن استفيد من الدورة الأولى على المستوى التنظيمي حيث بدأنا الاستعدادات في وقت مبكر حتى نضمن نجاحا اكبر من الدورة الأولى و الجميع يعرف أننا بدون دعم لن نستطيع تحقيق النجاح الذي نصبو إليه فطرقنا جميع الأبواب من اجل دعمنا في التظاهرة من الجهات العمومية و الخاصة منهم من استجاب و منهم أغلق الباب في وجوهنا , حصلنا على دعم لوجيستيكي من المجلس الجماعي لمدينة مراكش ومقاطعتي جليز و المنارة لتوفير أدنى الشروط وذلك ساعدنا كثيرا في تحقيق نجاح الدورة بينما وزارة الثقافة أغلقت أبوابها أمامنا عدا مديريتها الجهوية بمراكش التي ساهمت معنا في طباعة عدد قليل من الملصقات و الدعوات, وقد عرفت الدورة الثانية مشاركة فنانين من المغرب و من بلجيكا و فرنسا و اسبانيا و سويسرا و تونس و الجزائر و استطعنا أن نحقق نجاحا اكبر بحيث قسمنا فضاءات العرض بين المسرح الملكي و متحف دار السي سعيد و هي أماكن يؤمها الزوار بكثرة و استطعنا الوصول إلى جمهور المدينة من خلال ورشة حول موضوع السلام بالقلب النابض لمدينة مراكش ساحة جامع الفنا كما عرف برنامج الدورة الثانية ورشة فنية مع أطفال مركز حماية الطفولة وورشة لانجاز جداريات بنفس المركز .
س انتقل المهرجان من المحلي ، أي المغربي إلى العربي الدولي . لماذا هذا الانفتاح على الفن التشكيلي العربي والدولي ، وما هي دلالاته الفنية؟
ج كما قلت سالفا في البداية اقتصرنا على معارض محلية ثم و طنية لكن لم نبلغ إلى مستوى مهرجان حتى نضجت فكرة تنظيمه, و أرى شخصيا أن الانفتاح على الثقافات بشكل عام يساهم في تطوير الفرد و يغني أفكاره و بالنسبة للفنانين فعملية الالتقاء في ما بينهم تكون مثمرة جدا وتنعكس على تطوير إبداعاتهم , كل فنان يطلع على تجربة فنان آخر و يستفيد منها دون أن يستنسخها و لاسيما بين الفنانين المغاربة و الأجانب و هذا ما يستفيذه الفنانون في المهرجان كما أن الانفتاح على التجارب الفنية من خارج المغرب من شانه أن يشكل حركة فنية مواكبة للتطور الذي يشهده المجال على المستوى العالمي. س أمام هذا التراكم والتميز ، ما هي المقاييس والمعايير الفنية التي تعتمدونها في اختيار الفنانين المشاركين المغاربة والعرب ؟ ولماذا ؟
ج الدورة الأولى و الثانية من المهرجان الدولي للفن المعاصر أعطتنا كمنظمين صورة عامة عن طبيعة الأعمال المشاركة لذلك عملنا خلال هذه الدورة أن يتم اختيار المشاركين عبر لجنة متخصصة لانتقاء الفنانين المهنيين الذين ينتهجون أسلوب البحث في مجالهم و يساهمون في تطويره مع فسح هامش للفنانين الشباب لإبراز موهبتهم و تشجيعهم على إتمام مسارهم .
س أكيد لكل فعل جاد ولكل استمرارية تحد ، ما هو تحدي الرابطة لكي يستمر المهرجان ويتألق إقليميا وعربيا ؟ ج تنظيم مهرجان للفن المعاصر يهتم بالفنون التشكيلية هو في حد ذاته تحدي، فجمهور هذا النوع من الفن يعتبر هزيلا جدا بالمقارنة مع جمهور الأغنية الشعبية مثلا هذا لايعني أن الفن التشكيلي لا يلقى إقبالا ، بل هناك عشاقه الذين يتذوقونه باعتباره فعلا إبداعيا لا يخلو من حمولته التعبيرية و الفكرية ، لكن لازلنا في المغرب محتاجين إلى تشجيع المبادرات التي تساهم في تقريب الفن التشكيلي من الجمهور العريض كما أن الفنان التشكيلي أيضا يحتاج إلى وضعية اعتبارية و دعم من اجل مواصلة مساره و حياته الفنية و نحن كمنظمين لمهرجان يهتم بالفن التشكيلي لمسنا مدى الصعوبات التي تعترض التظاهرات من هذا النوع ، أول هذه التحديات هو الدعم، ودعني أتحدث إليك عن هذا الجانب بحكم تجربتي كفنان تشكيلي و كمدير للمهرجان, في السنة الماضية اعددنا مايفوق من 20 طلب دعم التظاهرة قدمناها إلى الشركات الخاصة فلم نتلق أي رد وأنا متأكد لو نظمنا مهرجانا للرقص و الغناء و لا اقصد الاحتقار هنا أو التصغير من الشأن بل فقط النظر إلى التمييز الذي يتعامل به المدعمون ولا سيما الخواص بين فن و فن ، قلت لو كنا ننظم مهرجان للغناء لفتحت أمامنا الابوب من جانب آخر حز في نفسي أننا قدمنا طلب الدعم لوزارة الثقافة ثلاث مرات ولم يقبل ملفنا و لو لمرة واحدة مع أن ملفنا معزز بكل العناصر المتطلبة و لم نفهم حقا ماذا يجري و عندما نعود إلى اللائحة التي تسرد المستفيدين من الدعم نجد من بينها تظاهرات تنظم لأول مرة و منح لها دعم بالملايين أما المهرجان الدولي للفن المعاصر و الذي يعتبر ثالث تظاهرة مهمة تنظم بالمدينة الحمراء على المستوى الدولي و هذا ما قالته بعض الصحف لازالت أبواب وزارة الثقافة موصدة أمامنا و لا نعرف السبب و هذا دفعنا إلى التفكير بجدية إلى اعتبار الدورة الثالثة التي ستنظم هذه السنة آخر دورة و انتهينا مادام ليس هناك دعم .
س ما هي المشاكل أو الإشكاليات التي تعترض الرابطة ، وما هي الاكراهات التي تصادفونها ؟
ج إلى جانب مشكل البحث عن المدعمين من اجل استمرار المهرجان في نسخه المقبلة و أضيف أننا في مدينة مراكش التي تعتبر مدينة سياحية ذات صيت عالمي لا نتوفر على قاعة واحدة صالحة للعرض التشكيلي مع العلم أن هناك فئة مهمة من السياح يختارون وجهاتهم حسب الغنى في الأنشطة الثقافية والفنية التي سيجدونها بالمتاحف وصالات العرض و المسارح و كل الفضاءات الثقافية وهي ما يسمى السياحة الثقافية و يكفينا مثالا لذلك أن ننظر إلى عدد الزوار الذين يستقطبهم متحف اللوفر لوحده بفرنسا و هنا أدعو القيمين على الشأن بالمدينة إلى التفكير في هذا الأمر, هناك رواق باب دكالة الذي تم إصلاحه مؤخرا ليستقبل المعارض التشكيلية هو فعلا من الداخل فضاء جميل مجهز بكل لوازم العرض من إضاءة وطلاء ابيض و غيرها لكن ما إن تقف في عتبت بابه حتى تدفعك الروائح الكريهة التي تنبعث من جنابته إلى الهروب فورا, فكيف يمكن لنا أن نعرض إبداعات جميلة في مكان تحيط به النتانة و في ظل هذه الشروط عادة ما نفضل اللجوء إلى بهو المسرح الملكي الذي يهيأ للمعارض التشكيلية لان اضاءاته خفيفة و لا تساعد على إبراز الملامح الحقيقية للوحة فضلا عن ذلك فان نوعية طلاء جدرانه لا تدعم جودة العمل فلو كانت الجدران بيضاء لكان أفضل, و خلال هذه السنة اخترنا بناية بنك المغرب القديمة بساحة جامع الفنا و هو فضاء جميل جدا و يصلح أن يكون رواقا للفن بامتياز إذا أضيفت له بعض الشروط البسيطة .