الراية السوداء ترفرف فوق أبراج معلمي السباحة بشواطئ تطوان، منذرة ببحر هائج جدا، ومنع واضح للسباحة به نظرا لخطورته. بحيث عاشت جل الشواطئ التطوانية فترة هيجان طويلة خلال الصيف الجاري. الأعلام السوداء المرفرفة بتلك الشواطئ، لم تكن لتقنع البعض بتجنب السباحة نهائيا وعدم المغامرة، أو على الأقل التحلي بالحيطة والحذر المبالغ فيهما، تجنبا لأي مفاجأة غير محمودة العواقب. خاصة وأن قوة الرياح التي تعرفها المنطقة، حولت البحر بأمواجه لوحش هائج يتحين الفرصة لاصطياد الفرائس. قد يكون الحظ مع الكثيرين كون الرياح التي تعرفها المنطقة، وإن كانت سببا في هيجانه، رياحا شرقية وهي تساعد على الخروج أكثر مما تجر للداخل، لكن علو الموج كاف ليتعب أحسن السباحين فما بال الهواة ممن عاكسوا الطبيعة وإرادتها ليغامروا سباحة بين أمواج عالية وأعلام سوداء مخيفة. الحصيلة ثقيلة جدا ومحزنة أكثر، فعدد الغرقى في ارتفاع ويزداد يوم بعد يوم، خاصة وأن فترة الهيجان تزامنت مع فترة الذروة الصيفية التي تعرفها المنطقة، وتواجد مئات الآلاف من الزوار على طول الساحل التطواني، ممن لم يستسلموا لواقع رداءة أحوال الجو وهم القادمون من بعيد صارفين مبالغ مالية، للإستمتاع بمياه الساحل المتوسطي. حوالي سبع غرقى لقوا حتفهم، وأضعاف مضاعفة تم إنقاذهم بطرق مختلفة. من بينهم شاب غامر بحياته لينقذ فتاة تمكن من إخراجها لكنه لم يتمكن من الخروج هو، فابتلعته الأمواج لتختفي جثته لساعات قبل أن يخرجها بعض شبان جمعية للغطس، ساهموا خلال الأيام الأخيرة في إنقاذ الكثيرين. وينتقد الكثير من الحاضرين والمتتبعين لعمليات الإنقاذ، عدم توفر غالبية المنقذين، العاملين موسميا، على أدنى تكوين في مجال الانقاذ والإسعافات الأولية، وعلى رأسها التنفس الإصطناعي وإنعاش الغرقى. فيما لا تتوفر جل سيارات الاسعاف التي تتدخل لنقل الغرقى على أبسط وسيلة يمكنها إنقاذ الأرواح، وهي قارورة الأكسجين، وهي التي يجب توفرها في جل الشواطئ لدى المنقذين، ولو بوضعها في أماكن قريبة يمكن اللجوء لها في الحالات المستعجلة.