بعد الزوبعة التي خلقتها الروائح الكريهة التي تجتاح هواء مكناس كل ليل والصباح الباكر، وما صاحبها من استنكار وامتعاض الساكنة، وأمام التضارب في تفسير مصدرها وخطورتها على البيئة والمواطنين، خص الدكتور عبد الرحيم الخويط، الأستاذ الجامعي في الهندسة المدنية بكندا والخبير في تدبير النفايات، "الأحداث المغربية" بتفسير علمي للظاهرة التي أثارت نقاشا واسعا داخل مكناس و خلقت حالة من التوجس بين صفوف المواطنين، خصوصا بالأحياء القريبة من مطرح النفايات "النزالة الرداية". وفي هذا الصدد قال الدكتور عبد الرحيم الخويط، إن مصدر الرائحة التي تزكم أنوف المكناسيين ليلا وخلال الصباح الباكر، سببها غاز كيبريتيد الهيدروجين وهو مركب كميائي يحمل الصيغة "H2S"، تشبه إلى حد كبير رائحة البيض الفاسد، تنبعث من مطارح النقايات التقليدية كما هو الحال بالنسبة لمطرح نفايات "النزالة الرداية" المتواجد شمال مكناس، وعصارة الأزبال المسماة "الليكسيفيا" أو "LIXIVIAT". و فسر الخبير عبد الرحيم الخويط، انتشار هذه الرائحة النتنة بقوة بالليل وخلال الصباح الباكر، باتجاه الرياح وعدم الاستقرار الحراري Instabilité" "thermique، حيث تصبح كثافة جزيئات كبريتيد الهيدروجين المسؤولة عن الرائحة أثقل من الهواء، ولذلك لا تتسرب إلى الطبقات العليا من الهواء، بحيث تبقى قريبة من الأنوف في الطبقات المنخفظة، وبالنهار تخف كثافتها فتصعد إلى الطبقات العليا فتقوم الرياح بتشتيت الجزيئات فلا يتم اشتمامها أو الشعور بها بشكل قوي، مضيفا أن الخطير هو كون هذه الجزيئات تلتصق بالأجسام والملابس والأشياء، فيتم اشتمامها طيلة النهار بنسب متفاوتة. وأوضح الدكتور الخويط أن هذه الظاهرة تستفحل مع المطارح التقليدية التي لاتراعي اتجاه الرياح، بحيث يتم وضعها في اتجاه الرياح التي تهب على مكان استقرار الساكنة، مشيرا أن مطارح النفايات تفرز غازات أخرى خطيرة لا نشتمها إلى جانب كبريتيد الهيدروجين ذو الرائحة الكريهة، مثل الميثان "CH4″، و ديوكسيد الكاربون "dioxyde de carbone co2″، المسببة إلى جانب "H2S" في أمراض ومشاكل نفسية، والسرطان، وممكن أن تشتعل إذا تعدت كتلة الميثان 10% من الكتلة الهوائية. ومن الحلول الذي يقترحها الخبير عبد الرحيم الخويط على المسؤولين بمكناس، توفر المدينة على مطرح بمعايير عصرية يراعى فيها معطى المكان الذي يجب أن يكون بعيدا ومعاكسا لاتجاه الرياح بالتجمعات السكنية، ثم تغطية الأحوض التي تصب فيها عصارة القمامة "الليكسيفيا"، بتقنية خاصة وذلك لحماية الفرشة المائية ومجاري المياه بالإضافة إلى تفادي التلوث البصري ورونق وجمالية المدينة. وبالنسبة لغاز الميثان، اقترح الدكتور الخويط المقيم بكندا والأستاذ الجامعي في الهندسة المدنية، حلا يتمثل في تجميع هذا الغاز وحرقه وتحويله إلى طاقة كهربائية، قبل أن يختتم تصريحه بمد يد العون مجانا لتشكيل فريق من أجل المساعدة خدمة للبيئة ومصلحة المواطن وبدون مقابل.