باسم عامل الحي الحسني يتحدث: «أنا العاملة هي اللي حاطاني هنا.. وما عند حتى واحد الحق يهضر معايا»... بهذه العبارة وبغيرها من الألفاظ النابية والسب والقذف يواجه أحد عمال شركة الأغراس، التابعة لمجلس المدينة كل من يجرؤ على استنكار عمليات الهدر المتوالية التي تعيشها المياه بحديقة لا تحمل من معنى الحدائق ومفهومها إلا الاسم.. ورغم ذلك يتم إهدار كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب، في سقي الأتربة وإرواء مربعات الزليج، إلى درجة تتكون بفعل هدر المياه برك فوق الأرض من الماء الصالح للشرب، سرعان ما تتبخر بفعل أشعة الشمس، وتتبخر معها مادة حيوية يموت أشخاص في بلدان مجاورة بحثا عنها، ويقطع مواطنون في مناطق أخرى مغربية كيلومترات بحثا عن كميات منها لسد الرمق وإطفاء العطش. في صورة مؤلمة، تترك ندوبا في الخاطر يتابع المواطنون بعمالة مقاطعة الحي الحسني بالدارالبيضاء أصنافا بشعة من هدر المياه الصالحة للشرب بأحد المناطق الخاضعة لنفوذ هذه العمالة، التي توجد على رأسها إحدى بنات هذه المنطقة التي شبت وترعرعت في أحياء هذه العمالة وتابعت دراستها ضمن مؤسساتها التعليمية، لكن يظهر أن الكثير من مظاهر الفوضى والتسيب قد غدت تضرب الكثير من الأحياء التابعة لهذه العمالة، لذلك يعتبر بعض السكان ممن تحدثت إليهم جريدة «الأحداث المغربية» أن «آمالهم التي علقوها على تعيين ابنة الحي على رأس هذه العمالة قد خابت»، وأن المتمنيات التي انتظروها قد تبخرت بمرور السنوات»، «فلم يحمل الزمن تغييرا ملموسا»، وإنما غدت الفوضى تضرب بأطنابها المنطقة. آخر أصناف الفوضى تلك التي وقفت عليها جريدة «الأحداث المغربية»، صباح أول أمس السبت، بحديقة ما يعرف بشارع أفغانستان، القريبة من السوق البلدي، والصورة البشعة التي تهدر به المياه في عز فصل الصيف، والحاجة الماسة إلى هذه المادة الحيوية التي إن نذرت أو عز وجودها أصابت الكائن الحي في مقتل، واندلعت بفعلها الصراعات.. صورة وثقتها الجريدة فوتوغرافيا وعبر شريط فيديو قصير يوضح بجلاء ارتفاع مياه التي تنبعث من رشاش وسقوطها فوق الأتربة والإسفلت. فطيلة صباح السبت الماضي تم وضع رشاشة للسقي، من قبيل تلك التي تستعمل في سقي الأراضي الفلاحية فوق أرضية مبلطة بمربعات الزليج، بل إن جزء منها اقتلعت مربعاته وغدا مجرد أرض متربة، ورغم ذلك وضع المكلف بالإشراف على صيانة نباتات هذه الحديقة، المعين حديثامن طرف الشركة المكلفة بالأغراس بمجلس مدينة الدارالبيضاء رشاشة السقي في أرض «جرداء» لا نبات عليها، لتظل المياه تهدر فوق قطع مربعات الزليج، وفوق الأتربة غير المغروسة. لكن الغريب في أمر هدر المياه الصالحة للشرب بحديقة أفغانستان بالحي الحسني، أن عامل شركة الأغراس المكلفة من طرف مجلس المدينة لا ينصت لنصائح السكان أوالمارة ممن يؤلمهم التضييع المستمر والمتوالي للمياه بدون فائدة، على الإسفلت أحيانا وفي جنبات الحديقة وممراتها بأغلب الأحيان، بل إنه يظهر استعدادا للدخول في مشاحنات مع كل من يبدي اعتراضه على طريقة هدر المياه التي تبلغ حد «السفه» في تضييع الماء. كما أن عملية «السقي» المفترى عليها، والتي تتم بعشوائية، والتي يشرف عليها العامل الملتحق خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان بهذه الحديقة، والذي يتجول بين الأطفال والنساء والمارة، محيطا حزامه بمنشار يستغله في قطع بعض الأعشاب والأشجار «المقاومة» بهذه الحديقة، لا تراعي مكانا ولا تلتزم بأوقات محددة، حيث إن المياه يتم إطلاقها حوالي الساعة التاسعة صباحا وإلى حدود منتصف الليل بدون حسيب أو رقيب من الشركة المكلفة بالأغراس بمجلس المدينة لعمالها والطرق العشوائية التي يشتغلون بها. وتبعا لهذه الفوضى في السقي بحديقة أفغانستان بعمالة الحي الحسني، فلا الأغراس التي تحتضر استعادت خضرتها، ولا المياه الصالحة للشرب يتم ترشيد استهلاكها.. وحده العامل المكلف يتباهى بأن الجالسة على كرسي العمالة هي من وضعته في مكانه، ولا أحد يملك حق نقد طريقة اشتغاله أو هدره للمياه الصالحة للشرب في عز فصل الصيف. رشيد قبول