عندما تجمع السيدة نبيلة حقيبة بعلها عبد الإله تضع فيها كثيرا من الجوارب لكي يغير يوميا – حين السفر – مايرتديه تحت الحذاء، وتصر السيدة نبيلة على أن تضع ملابس داخلية كثيرة أيضا تحسبا لكل المفاجآت والتطورات، ولا تنسى ربطات العنق وإن كان عبد الإله لم يتعودها بعد ولازالت تشكل له ضيقا لا ينتهي خصوصا وأنها لا تلائمه ولا تساير شكله الخارجي العام في حقيبة عبد الإله من الضروري أن يوجد المصحف، ومعه كثير من اللوازم العادية: فرشاة أسنان، صابون حلاقة، أو لنقل حلاقة خفيفة تجتزئ من اللحية زغبها الفوقي لكن تتركها واضحة، وبعض العطور الضرورية وياحبذا لو كانت خالية من الكحول، ومع كل هذا يضع عبد الإله في حقيبته هاتفا مستعدا لتلقي كل المكالمات، ووثائق رسمية ضرورية قد يوقع عليها في الطائرة أو في أي وسيلة نقل يستقلها وهو مسافر، ثم بقية المتعلقات عندما ينتهي عبد الإله من حزم حقيبته، يقفلها بالقفل، ويضع المفتاح الصغير في مكان آمن، لأنه سمع يوما أن بعض موظفي المطارات من عديمي النزاهة يفتشون حقائب المسافرين، ويستلون منها ما خف وزنه وغلا ثمنه. لون حقيبة عبد الإله أخضر، وهو اختار قصدا هذا اللون لكي يسهل عليه التعرف على الحقيبة فور خروجها من البساط المتحرك الذي يحمل حقائب المسافرين، وإن كان عبد الإله منذ أن أصبح موظفا ساميا قد أعفي من انتظار حقائبه، وصارت رحلاته أفضل وأكثر مدعاة للراحة والارتياح في المغرب يسمون الحقيبة "الباليزا" في تحوير مغربي كعادة كل الأشياء التي يصر أهل هذا البلد على منحها الخصوصية المغربية لكلمة "LA VALISE" الفرنسية. و"باليزة" عبد الإله مجموعة منذ مدة غير هينة، أو هذا علي الأقل ما أخبر به البرلمانيين حين التقى بهم، مع أنها ليست أول مرة يقول فيها الرجل هذا الكلام، فهو كان دائما يبشر الناس ليس باستقالته، لكن بتفكيره في الاستقالة ثم عدوله عنها في اللحظة الصفر، أو الدقيقة الأخيرة من عمر اللقاء أو الوقت بدل الضائع مثلما يقول أهل الكرة لماذا استل عبد الإله حقيبته هذه المرة؟ وإلي أين الوجهة إن شاء الله؟ لا أحد يمتلك الجواب. وحده عبد الإله يعرف سر التلويح بالفيزا والباليزا في لحظة المغاربة هاته سفر ميمون على كل حال، "يلا ماتراجعش معاك الحال"