حرب يومية تلك التي تدور رحاها بحي الأربعين بمدينة تمارة، مستثمر قاده حظه العاثر إلى إنشاء سوق ممتازة في مكان غير بعيد من محطة القطار في المدينة، وبعض من ساكنة الحي، الرافضين لوجود متجر يبيع الخمور على مرمى حجر من منازلهم، تعززت صفوفهم بأناس يأتون كل يوم بين صلاتي المغرب والعشاء، يحاصرون المكان إلى أن تحتجب واجهة المحل خلف هاماتهم الكثيرة. المدة، التي يفترض أنها فترة ذروة من حيث المبيعات، يقضيها صاحب المحل والعاملون معه محتجزين، لا يدخل عندهم زبون إلا فوق صراط من المضايقات وتحت سيل جارف من الكلمات المهينة، « «السكيري بوقرعة » للزبناء و «الكراب» لصاحب المحل الذي يجد، بعد ثلاثة أشهر على الحال، سوى الرضوخ لإرادة سلطة «الأمر بالمعروف» وتشريد 20 من العاملين وأسرهم في انتظار أن يرد عليه القضاء حكم «محكمة النهي عن المنكر». لكن الشعارات المرفوعة ليست كلها من « باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» فيها مطالب ب «الحق في الأمن والسكينة، وفيها «خوف على الأبناء من الانحراف»، و فيها لوم للسلطات الأمنية على ««عدم وجودها في مكان تكاثرت زبائنه و تنوعت أشكالهم »، في إشارة من المحتجين إلى عدد الوافدين على المحل من « القرى و الدواوير القريبة»، ما جعل الساحة المقابلة للسوق الممتازة تضيق ب« الراكبين والراجلين» ، دون أن يسلم الأمر، حسب وصفهم، « من بعض السكارى الذين يتسولون ثمن مايريدون شراءه من خمور». الرواج، الذي أثار حفيظة المحتجين أصبح اليوم من الذكريات الجميلة لصاحب المحل، بعدما تضاعفت أعداد المحتجين منذ «تعيين حكومة ابن كيران» على حد وصف سائق سيارة أجرة، وهو يجيب عن تساؤلات الجالس بجانبه، وعلى سؤال عن السبب، تكلم السائق بنبرة العارف بخبايا الأمور «هاذوا غير الإسلاميين باغيين يسدو لهذاك خينا». استنتاج لا يبتعد كثيرا عن تفسير السلطات المحلية، ذلك ما يستفاد من إفادة مصدر من العمالة، اعتبر أن جهة سياسية ما تركب على استياء سكان الحي من كثرة المرتادين للمطالبة بإغلاق المحل. في الوقت الذي يقول فيه الغاضبون بأن السوق الممتازة لا تبيع سوى الخمور، ينفي صاحب المشروع ذلك موضحا أنه «من الطبيعي أن تشكل المشروبات الكحولية السلعة الرئيسية للمحل، وذلك بالنظر إلى ارتفاع الطلب عليها »، وعن سؤال تسبب الزبناء في «اختلال الوضع الأمني» بالحي على حد وصف بعض المحتجين، يجيب المسؤولون عن السوق بأن الذي يخل بالأمن هو من « يمنع الناس من التسوق ويعرقل السير و يهدد العاملين بالمحل، بدعوى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر». وكما يطالب المحتجون بضرورة توفير الحماية لساكنة الحي من زبناء المحل الذين « يتسببون في العديد من الجرائم و الاعتداءات»، يطالب العاملون في السوق بتوفير الحماية لهم من « مضايقات الجهات المحتجة و تحرشاتها واحتلالها للمخرج الوحيد للمحل»، ما يتسبب في احتجازهم لساعات طويلة لا تنتهي إلا « بأذان صلاة العشاء» ، حين ينصرف المحتجون إلى حال سبيلهم بنصر أكيد، مادام الوقت يصادف موعد نهاية المدة اليومية التي تحددها رخصة بيع المشروبات الكحولية في الثامنة مساء.