عرضت القناة الفرنسية الثالثة مساء أمس الخميس الشريط الوثائقي ‘‘ محمد السادس : الحكم السري ‘‘ الذي أثار الكثير من الجدل قبل عرضه، وشكل مادة إعلامية قفزت عليها العديد من المواقع الاعلامية، في المغرب وخارجه، على أمل الظفر بشيء جديد في حربها القديمة / الجديدة على المغرب. غير أن كل من تابع الشريط الوثائقي خرج بنتيجة واحدة: الكثير من الضجيج الفارغ والقليل من المهنية، مع البصم على مرور تلفزي فارغ المحتوى والمضمون والكشف، مادام المطلوب في ما يسمى بصحافة التحقيقات، هو الكشف عن الحقائق المخفية. مخرج الشريط الوثائقي جان لوي بيريز الذي كان في الأصل يعد مادته من أجل إخراج فيلم سينمائي على المغرب، عاد في بداية الشريط إلى السنوات الأولى لاعتلاء الملك محمد السادس للعرش وما واكبها من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية في المغرب، بشكل يحاول أن يرسم أوجه الاختلاف بين طريقة وأسلوب حكم الملك الراحل الحسن الثاني و محمد السادس، معززا هذه المقارنة بشهادات لصحافيين وشخصيات مغربية منها من كان يعاني من مشاكل مع الدولة المغربية خلال عهد الملك الراحل، كمدخل للانتقال إلى ‘‘ انتقاد ‘‘ فترة حكم العاهل الحالي دون الإشارة إلى أي تجاوز في تعامل الملك المغربي مع شعبه، ودون الانتباه إلى أن كل المستجوبين هم مواطنون مغاربة اختاروا معاداة بلدهم لأسباب شخصية محضة. وهو ما سيظهر خلال النصف الثاني من البرنامج، حين سيعرض المخرج حالة زكريا المومني، الذي فشل بدوره في ابتزاز الدولة المغربية، فتحول إلى معارض للنظام. النية المبيتة لصاحب البرنامج تبدت جلية في عدم إشارته لإسقاط النائب العام الفرنسي في باريس لشكوى المومني ضد المغربية كآخر تطور في القضية، مفضلا التركيز على أسطوانة التعذيب والاحتجاز المشروخة. سقوط البرنامج إعلاميا ومهنيا يظهر أيضا من خلال عدم نجاحه في إبراز أي جديد فيما يتعلق بالملك، والاقتصاد المغربي على الرغم من محاولته حشو مادته الإعلامية عنوة بعلاقة افتراضية بين تطور بعض القطاعات الاقتصادية التي تشرف عليها إدارة قريبة من القصر الملكي – وهو ما لا يخفى على كل المغاربة – وتباين المستوى الاجتماعي للمغاربة. وتمادى المستجوبون في البرنامج في تعداد مشاكل المجتمع المغربي العادية والمعروفة، كالرشوة وتدني مستوى التعليم، دون النجاح في الربط بين طريقة تسيير البلاد وهذه الآفات الاجتماعية. انتهى برنامج القناة الفرنسية الثالثة ‘‘ بجولة طاولة ‘‘ على من شاركوا في هذا الطلقة الإعلامية ‘‘ الخاوية ‘‘ بدءا من الأمير مولاي هشام الذي أبدى أمنيته في ‘‘ ملكية دستورية في المغرب ‘‘ و رضا بنشمسي من منفاه الاختياري في أمريكا بحلمه في ‘‘ ملك يسود ولا يحكم ‘‘ لأن ‘‘ الملكية ذات ثقل مهم في الميزان الاجتماعي المغربي ‘‘. فيما كرر علي لمرابط وبوبكر الجامعي حكاياتهما القديمة عن ‘‘ التضييق على العمل الصحفي في المغرب ‘‘، ونهج نجيب أقصبي والمومني على منوال خطاباتهما السابقة في تذكير متابعي البرنامج بأسباب مغادرتهما للمغرب، فيما عاد النقيب السابق مصطفى أديب لأسباب عزله من الخدمة العسكرية. حتى كاترين غراسي نفسها عادت لتفاصيل ضبطها بالجرم المشهود وهي تستلم مسبق الميلوني أورو من محامي القصر الملكي، معترفة أنها ‘‘ إنسانة تخطئ كما يخطئ الجميع ‘‘. برنامج جان لوي بيريز الذي شاركت في إعداده كاترين غراسيي أيضا، لم يقدم شيئا جديدا في أي مرحلة من مراحله. جمع لروايات و شهادات معروفة ومشروخة لأشخاص معينين لديهم مشاكل شخصية مع دوائر وقطاعات معينة في المغرب، وهي حالات معدودة على رؤوس أصابع اليد الواحدة، ولا يمكن بالتالي وبأي حال من الأحوال أن تنسحب على المغاربة جميعا.