يخلد الاتحاد الوطني لنساء المغرب الذكرى ال47 لتأسيسه وقد راكم رصيدا مهما من الانجازات مكنت من ترسيخ حضور فعال ومؤثر للمرأة، على ضوء الإرشادات المستمرة لرئيسته صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، بتوجيه أنشطته نحو تمكين المرأة في مختلف المجالات. وقد عمل الاتحاد، منذ إحداثه بمبادرة من جلالة المغفور له الحسن الثاني في 6 ماي سنة 1969، على النهوض بوضعية المرأة ، وتأهيلها للممارسة الفعلية لحقوقها مع تمتيعها بكل مؤهلات المواطنة الفاعلة في الحياة العامة للمجتمع. ولتحقيق ذلك رسم الاتحاد جملة من الاهداف تتمثل بالأساس في تشجيع المرأة على الاندماج والاستثمار في مجالات اقتصادية شتى، وذلك من خلال إحداث تعاونيات ومقاولات خاصة وغيرها، ودعم وضعية المرأة على المستويين الثقافي والمادي. كما تشمل هذه الاهداف تأمين تكوين المرأة سعيا إلى جعلها تضطلع بواجبها كمواطنة مستقلة، وتحسيسها بدورها في الحماية الطبية والبيئية وتشجيعها على الاستثمار في القطاعات الاقتصادية، وإنشاء مقاولتها الخاصة، إلى جانب تأطير المرأة المهاجرة ومساعدتها. وقد دشن الاتحاد مسيرته في خدمة المرأة من خلال تأسيس مراكز تكوينية نسوية (الطرز، الخياطة والفصالة العصرية والتقليدية، التريكو على الآلة، الرسم على الحرير، الديكور، السيراميك، الحلاقة، محو الأمية، الطبخ والتكنولوجيات الحديثة)، علاوة على النهوض بقدرات المرأة القروية، لاسيما عبر إحداث تعاونيات فلاحية. وتتمحور أنشطة الاتحاد حول محاربة الفقر، حيث أنشأ في هذا الصدد تعاونيات نسائية، أضحت تشكل نقطة تحول ملموسة في أنشطة المرأة بصفة عامة، اعتبارا لكون التعاونية ليست بنية للتكوين في ميدانها فحسب، بل تعتبر في منظور الاتحاد مصدرا للعيش الكريم والرقي بالمستوى الثقافي والاجتماعي للمرأة. ومن هذا المنطلق، تأسست تعاونيات نسائية لتربية النحل وإنتاج العسل وتعاونيات لصناعة دمى الأطفال وتعاونيات لتربية الماعز وصناعة الجبن، كما اعتمد الاتحاد برامج لمحاربة الأمية تستفيد منها النساء والفتيات، والشابات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و45 سنة، لاسيما النساء القرويات والقاطنات بالمدار شبه الحضري. ويولي الاتحاد ايضا اهتماما خاصا بصحة الأم من خلال سهره على تنظيم فعاليات طبية واجتماعية وتنسيق حملات تحسيسية بتعاون مع النيابات التابعة لوزارة الصحة، والسلطات المحلية والجمعيات الطبية. ومن أجل تشجيع المشاريع المدرة للدخل، قام الاتحاد بإحداث بنيات للشغل لفائدة النساء والفتيات الشابات، عن طريق إحداثه لمجموعة من التعاونيات النسائية والبرامج المدرة للدخل، بالإضافة إلى تكفله بضمان تكوين مستمر لهؤلاء النساء في مادة إدارة التسويق. ومنذ صدور قانون الأسرة في فبراير 2004، قام الاتحاد بحملة تحسيسية واسعة لضمان فهم سليم لهذا القانون الجديد، وفي هذا الإطار نظم موائد مستديرة وأياما إعلامية عن طريق مكاتبه الفرعية. وعمل الاتحاد في إطار ضمان الفهم والتطبيق الجيدين لهذا القانون الجديد بفتح مراكز للاستماع للنساء اللواتي يعشن مشاكل مع أزواجهن في مدن مثل الرباط ووجدة وفاس وطنجة والدار البيضاء ومراكش. وعلى الصعيد الوطني، وعندما أعلن جلالة الملك محمد السادس في 18 ماي 2005 عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وجد الاتحاد الوطني لنساء المغرب نفسه مؤهلا للتفاعل مع هذه المبادرة الخلاقة، ومن ثم انخرط بحماس في هذا الورش المجتمعي الكبير الذي يروم محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي. وفي إطار تعاونه مع عدد من الشركاء، وقع الاتحاد الوطني لنساء المغرب بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس 2016) ، تحت رئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، على خمس اتفاقيات شراكة مع عدد من الشركاء. ويتعلق الأمر باتفاقية للشراكة والتعاون مع وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والتي تسعى إلى إرساء أسس التعاون بين الطرفين من أجل إدماج المرأة في الحياة العملية بواسطة تنمية مهاراتها وتشجيعها على تأسيس أو الانخراط في تعاونيات الصناعة التقليدية. وتنص الاتفاقية الثانية، الموقعة مع الوكالة المغربية للتعاون الدولي، على خلق إطار عمل مشترك لتحقيق المشاريع الخاصة بالأنشطة الدولية التي يقوم بها الاتحاد. وتروم الاتفاقية الثالثة الموقعة مع المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، تكوين وتدريب متدرجات مركز للا مريم للتكوين بالتدرج المهني في شعبة ممرضة مساعدة. وتهم الاتفاقية الرابعة، الموقعة مع "البريد بنك" دعم المشاريع التنموية التي يقوم بها الاتحاد الوطني لنساء المغرب لصالح المرأة القروية، ومساعدة النساء القرويات الحاملات للمشاريع المدرة للدخل. اما الاتفاقية الخامسة، الموقعة مع "بريد المغرب" ، فتهدف إلى إصدار طابع بريدي يجسد ثقافة اللا عنف تجاه النساء، يحمل صورة لوحة فنية للفنان المغربي عبد الرحمان وردان سبق أن أهداها للاتحاد بمناسبة إحياء الاتحاد لذكرى 8 مارس في السنة الماضية حول "ثقافة اللا عنف: نظرة استشرافية". وعلى الصعيد الدولي، حصل الاتحاد منذ تأسيسه على العضوية في الاتحاد النسائي العربي العام، وكذا منظمة النساء الإفريقيات، والمنظمة العالمية للنساء، والشبكة العربية للمنظمات الأهلية. إن الانجازات التي حققها الاتحاد الوطني لنساء المغرب من أجل النهوض بوضعية المرأة تشكل محطة مضيئة في مساره والتي لن تزيده الا حماسا وإصرارا على مواصلة الجهود من أجل صيانة هذه المكتسبات وتمكين المرأة من التمتع بحقوقها تشريعا وممارسة ، في ظل دستور 2011 الذي شكل خطوة كبيرة في تكريس حقوق المرأة.