غفوة مستسلمة و يائسة، جعلته يسترخي بكل صمت فوق الأرضية المبلطة لقاعة المحكمة، في الوقت الذي استبدت بالحضور مشاعر متناقضة بين الحزن والترقب والانفعال، بينما البعض الآخر استرعته الأصوات الرتيبة للأرجل و هي تشق خطواتها بسرعة باتجاه القاعة (8) بمحكمة الاستئناف بمدينة الدارالبيضاء، بعد انتشار الخبر السيء. «سي شعيبي .. سي شعيبي» .. وحركات إسعاف عفوية علها تنعش قلب الأستاذ / «الشعيبي الحاج»، وتفيقه من غفوته غير المتوقعة، لكن شحوب وجهه، وتثاقل جسده، فرضا على المتحلقين حوله ضرورة الاستنجاد بمصالح مستعجلات المستشفى الأقرب من مقر المحكمة بشارع «الجيش الملكي»، ليتناهى إلى أسماعهم لحظات بعد ذلك خبر نعيه بعدما لم تجدي الإسعافات الأولية معه نفعا، حيث توفي داخل سيارة الإسعاف. «رجل من أطيب خلق الله .. تهاوى بقاعة المحكمة وأغمي عليه، وهو يرتدي زي المهنة التي بقي وفيا لها إلى آخر رمق في حياته»، يصرح أحد المحامين الذي كان شاهدا عيانا على الواقعة التي أدخلت الحزن على قلوب كل المسؤولين القضائيين والمحاميين وموظفي المحكمة. وكان الراحل يبلغ قيد حياته 52 سنة، ويشغل منصب نائب الوكيل العام لدى استئنافية البيضاء، مكلف بغرفة الجنايات الاستئنافية، وسبق له قبل الالتحاق بالدائرة القضائية «الدارالبيضاء»، أن تقلد عدة مناصب قضائية، كقاضي مقيم بمركز «ولاد فرج» ثم مستشارا بمحكمة الاستئناف بالجديدة، ثم وكيلا للملك بابتدائية مدينة «الفقيه بن صالح»، ثم تقلد منصب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمدينة «الجديدة»، وهو متزوج وله أربعة أبناء. ورجحت مصادر مطلعة أن أزمة قلبية حادة هي التي كانت سببا مباشرا في وفاة المسؤول القضائي. محمد كريم كفال