رغم الصعوبات الكثيرة التي اعترضته في مشواره الطويل بسلك القضاء، الذي دام ل37 سنة، فما زال «فؤاد ضاهر» يحنّ إلى مهنته القديمة، حيث لا يتردد في القول أنه ولو عاد به الزمن الى الوراء سنوات، لاختار مرة أخرى ركب القضاء من جديد، ولكن رغم حبِه لمسؤولية العدالة. فقد كانت وصيته الأولى لابنه عدم الانخراط في هذا السلك خوفا عليه من أن يضعف أمام الإغراءات الكبيرة، وحماية له من التهديدات التي يمكن أن تجعل حياته ويومياته مرتبكة ومضطربة. القاضي السابق «فؤاد ضاهر» المزداد سنة 1925 ببلدة «أميون الكورة» بلبنان. كان يعتبر أصغر رئيس بلدية في بلاد شجر الأرز ما بين (1951 – 1955)، حيث استقال ليحتل مركزا في سلك القضاء. فهو خريج معهد الحقوق في دمشق سنة 1947، حيث انتمى لنقابة المحامين بشمال لبنان كمتدرِج في مكتب شقيقه النقيب الراحل «سامي ضاهر». ومارس المحاماة إلى حدود سنة 1956. ثم استلم وظيفته كقاضٍ منفرد ببلدة «بشري» قبل طلب نقله إلى طرابلس في سنة 1960، وبعدها إلى «جبيل» عام 1962. وفي 1964 عاد إلى طرابلس كمستشار لدى محكمة استئناف جزاء لبنان الشمالي، وبعد سنتين أصبح مستشارا لدى محكمة الجنايات بنفس المنطقة القضائية. وابتداء من السبعينات كلِف برئاسة الاستئناف. وفي سنة 1978 بالرئاسة الأولى لمحكمة استئناف لبنان الشمالي. وفي عام 1987 عين عضوا في مجلس القضاء الأعلى، وبقي في المركز المذكور حتى عام 1990. وفي العام 1991 عين رئيسا أول على محكمة استئناف لبنان الشمالي إلى غاية 1993، التي أحيل فيها على التقاعد. وبعد التقاعد عاد إلى الانتساب إلى نقابة المحامين في الشمال. ومن خلال رأيه في المقارنة بين وظيفتي القضاء والمحاماة، فهو يعترف أن رغم كل الصعوبات التي تشوب القضاء اللبناني، فقد كان العمل في هذا السلك أهون منه في المحاماة... وعن صعوبات تقلده مهمة القضاء لا يخفى أنه عاني من تدخلات رجال السياسية، الذين كانوا يحاربونه، ويعيقون عملية ترقيته وأدائه لواجبه المهني. وكان هذا بالطبع نتيجة مسيرته الجدية في العمل القضائي، وعدم محاباته لأي أحد ذا نفوذ أو سلطة، حيث كان يقول عنه الرئيس الراحل «رشيد كرامي» لكل من يراجعه بشأنٍ ما في القضاء بأنه لن يتدخل، لأن القاضي فؤاد ضاهر يحكم بضميره ولن يظلم أحدا. هذه صورة للقاضي العادل يلخصها «فؤاد ضاهر» في بعض آرائه المعلنة، بالقول أنه «على القاضي أن يعمل بجد وإخلاص، ويجب أن يكون صامدا، لا يتأثر ولا يخاف من التهديدات من أي نوع كانت ومن أي مصدر أتت.. فهذه رسالة بل مهمة شاقة لا يدرك قيمتها وقدرها إلا مَن عمل فيها..». اليوم، فإن القاضي «فؤاد ضاهر» ذو 86 سنة من العمر، متقاعد ويقيم في منزله في الحي الغربي من أميون، ويقضي وقته في تأليف الكتب القانونية والحقوقية، التي وصل عددها إلى حوالي 28 كتابا حتى الآن.