الأستاذ إبراهيم المصري نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية بلبنان ل"التجديد":الجماعة الإسلامية تيار منفتح.. ومستقبل الإسلام كبير اعتبر الأستاذ إبراهيم المصري نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية بلبنان، أن بلده ساحة حرة سياسيا نتيجة التعدد الطائفي والمذهبي والسياسي، وتحدث عن الجماعة الإسلامية ونشأتها وتركيز اهتمامها في بدايتها على الجوانب الدعوية والفكرية والتربوية لتنتقل إلى الاهتمام أيضا بالشأن السياسي. وأكد نائب الأمين العام للجماعة في هذا الحوار الذي أجرته معه التجديد على هامش حضوره للمؤتمر الخامس لحزب العدالة والتنمية المنعقد خلال يومي 11-10 أبريل الحالي أن سوريا هي العمق الاستراتيجي للمسلمين في لبنان وخيار جماعته المعتمد دائما هو التنسيق مع سوريا بما يخدم المصلحة العربية العامة، مشيدا بتجربة الجماعة معتبرا إياها تجربة غنية سياسيا، لكونها استطاعت رغم كل التقلبات في لبنان أن تحتفظ بوجودها السياسي المعلن رغم حالة صراع نظرا للتعدد الطائفي والتبشير المسيحي عبر المؤسسات الكاثوليكية أو البروتستانتية... وهذا نص المقابلة: نود أن تعطونا نظرة عن المشهد السياسي بلبنان؟ لبنان يكاد يكون إن لم يكن أغنى الساحات العربية بتجربته السياسية، فهو من أبرزها، لأن لبنان منذ نشأته واستقلاله وهو يعيش في جو كبير من الحرية السياسية، نتيجة التعدد الطائفي والمذهبي والسياسي في هذا البلد، فلعل ما حفظ لبنان من أن يتحول إلى حكم شمولي أو حكم عسكري هو وجود بنى اجتماعية لبنانية وبنى طائفية هي أكبر من الدولة، ولها القدرة على أن تحكم مسارات الناس، لذلك لبنان ساحة حرة سياسيا، و نشأ العمل الإسلامي في لبنان منذ أوائل الخمسينات، وتقلب في عدة أسماء، وامتد إلينا العمل الإسلامي عبر سوريا، عندما كان الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله لاجئا في لبنان في أوائل الخمسينيات، والتقى مع بعض القوى والفعاليات الإسلامية، وأسس أول خلية إسلامية في لبنان واستمر العمل الإسلامي تحت اسم عباد الرحمان، وفي أوائل الستينيات برزت فكرة الجماعة الإسلامية، وما تزال قائمة حتى الآن. والجماعة الإسلامية بلبنان كانت تعني في بدايتها بالجوانب الدعوية والفكرية والتربوية، لكنها، وكأمر طبيعي شأن كل القوى والحركات الإسلامية، اهتمت بالشأن السياسي بكل جوانبه، وكانت لها أول تجربة في ممارسة الترشح للانتخابات النيابية عام 1972 في طرابلس، وسنة 1975 عندما بدأت الحرب اللبنانية كنا مضطرين لأن نشترك في هذه الحرب من أجل حماية مناطقنا الإسلامية، واضطرت الجماعة لإنشاء تنظيم المجاهدين وهو تنظيم عسكري، لأن أي فكرة أو طرح كان لا يلاقي أي احترام لدى المواطنين إلا إذا كانت تحميه بندقية، وكان هذا الأمر لازما، ولعله صبغ الحياة الفكرية بلبنان بصبغة ما كنا نتمناه لكنه الأمر الواقع الذي حصل، واستمرت الجماعة الإسلامية تواكب الحرب اللبنانية، دون الإيغال في تفاصيلها، لأننا كنا ندرك أن الحرب ستنتهي ولن يكون فيها فائز قط. والذي نجح في هذه الحرب وحصل مكاسب هو من وظف الشعب اللبناني لخدمة أغراضه، ونحن نعتقد أن إسرائيل كانت تسعى من أجل تفجير الساحة اللبنانية والتضييق على المقاومة الفلسطينية من أجل أن تعصف بالساحة، وقد تحقق لها ذلك بشكل جزئي، لكن المشروع الإسرائيلي انهزم في لبنان، خاصة بعد الغزو الإسرائيلي الكبير عام 1982 عندما برزت مقاومة إسلامية لبنانية بجناحين إسلامي سني وإسلامي شيعي، وعندما انسحبت إسرائيل من المناطق السنية من صيدا وتخومها إلى الشريط الحدودي كانت بديهيا أن تبقى هذه المقاومة بجناحها الشيعي لأن المنطقة مع الحدود مع فلسطينالمحتلة يغلب عليها الطابع الشيعي وليس فيها السني. ما علاقتكم بالجماعات الإسلامية عالميا؟ تربطنا بكل القوى الإسلامية في العالم العربي بصفة خاصة وفي العالم عموما، نلتقي معها في ملتقيات، نتعلم من تجاربها ونفيدها، لكننا جماعة لبنانية وقراراتنا داخلية، ونمارس هذا الدور بفعالية كاملة وبحرية وباستقلالية. علاقتكم بالحركة الإسلامية في فلسطين والعراق؟ نعتبر أن الحركة الإسلامية بهذين البلدين جزء من العالم، وهم الآن في مقاومة ندعو لهم بالنصر ونمدهم بما نستطيع من دعم اجتماعي ومادي، ونرجو لهم الاستقرار، ونتمنى سقوط المشروع الصهيوني، لأن هذا الأخير لن يستطيع أن يبني كيانا ثابتا على الساحة الفلسطينية. ماذا عن علاقتكم بالحركة الإسلامية بالمغرب؟ نتواصل فكريا مع الجميع، قد تكون علاقتنا مع الحركات الإسلامية مع المشرق العربي أكثر وأكثر التصاقا من الحركات الإسلامية المغربية، فهذه أول مرة يأتي وفد من الجماعة الإسلامية من لبنان للمغرب ليشارك في مؤتمر حزب سياسي له جذور إسلامية، لذلك علاقتنا متوازنة مع الجميع، وليس معناه أننا إذا شاركنا مع هذا الفريق نلغي علاقتنا مع فريق آخر، قد تدعونا جماعة إسلامية مغربية أخرى وسنستجيب لها ونتواصل معها. لبنان كبلد مهدد أمنيا.. ألا ترى أنه ينبغي الانخراط في المقاومة بغض النظر عن سكان المنطقة أهم شيعة أم سنة؟ هذا صحيح، فحزب الله لم يبدأ المقاومة إلا بعد الاحتلال الإسرائيلي سنة ,1983 بينما كنا نحن ننسق مع بعض الفصائل الفلسطينية قبل الاحتلال الإسرائيلي، الآن لنا امتدادنا بالمخيمات الفلسطينية والمناطق الجنوبية، لكن عندما احتلت إسرائيل المناطق الجنوبية برز حزب الله مدعوما بغطاء إيراني وسوري، وهذا ما مكنه من السيطرة على المناطق الجنوبية كبديل للجيش اللبناني، حيث تولى مهمة رسمية بالوكالة عن الجيش اللبناني في المناطق الجنوبية، وعن الحكومة اللبنانية بمسؤوليته عن الحدود مع فلسطينالمحتلة، وهذا أمر لا نتمتع به نحن، هناك كلام كثير في الساحة اللبنانية على موضوع تفرد حزب الله بالمنطقة لكن هناك معادلة لابد من الانسجام معها، فنحن نعتبر أننا موجودون بالمناطق الجنوبية طالما أن هناك راية إسلامية مرفوعة لمواجهة العدو الإسرائيلي، ونحن لنا تنسيق مع حزب الله، ولنا عملياتنا وشهداؤنا، فنحن نشارك في هذه المقاومة وإن كان الطابع الغالب عليها هو الطابع الشيعي. أصدرت جماعتكم ورقة أسمتها ميثاق العمل الإسلامي بلبنان، كيف تفاعلت معها الهيئات الأخرى؟ أخذت الجماعة مبادرة منذ أشهر، ووضعت ورقة أسمتها ميثاق العمل الإسلامي بلبنان، وعممتها على كل الهيئات والشخصيات الإسلامية، بلغ عددها حوالي 600 شخصية وجمعية إسلامية ثم دعونا إلى مؤتمر كبير شارك في هذا الاجتماع حوالي 260 شخصية وجمعية إسلامية لبنانية، واقتصرنا على ساحتنا الإسلامية السنية في أول الأمر وتلقينا مقترحات أضفناها للورقة، فأصدرنا الصيغة النهائية للميثاق وبعد توقيعها من المشاركين، قدمناها للمراجع الروحية الإسلامية والمسيحية، وقد لقي هذا الميثاق قبولا حسنا لاسيما لدى الأوساط المسيحية، وقد تحدثنا فيها عن العيش المشترك مع المسيحيين والعلاقة بهم، وعن موضوع الإرهاب، وما ينبغي أن يحكم العلاقة ما بين النفوس المسيحية والإسلامية، وفتحت بعض القوى حوارا ما يزال مستمرا حتى الآن، سواء على مستوى الهيئة العليا للحوار، أو عقد لقاءات مع اللجنة البطريكية للحوار الإسلامي المسيحي، فاستفدنا وأفدنا وصححنا صورة الإسلام التي تشيع في الإعلام اللبناني والعالمي حول الحركة الإسلامية، ونحسب أن هذا الانفتاح يخدم المصلحة الإسلامية والمصلحة اللبنانية بشكل عام. ماذا عن علاقتكم بالجماعات الأخرى المحسوبة على أهل السنة؟ تكاد الجماعة الإسلامية بلبنان تكون هي الجماعة الإسلامية الوحيدة المنتشرة في كل المناطق الإسلامية، والجماعة الأقدم والأعرق، إذ تملك طاقات فكرية ناضجة وطرحا سياسيا متوازنا، وهناك جمعيات تمثل المشهد الإسلامي المعروف، مثل الطرق الصوفية والجمعيات السلفية والمعاهد الشرعية، ونحن نحرص على التنسيق مع هذه الجمعيات وليس لنا مشكل مع أحد. ماذا عن جمعية الأحباش والمشاريع؟ خاصة أن لها كتب تسيء إلى بعض العلماء؟ بالنسبة لجمعية المشاريع والأحباش، نعتبرها فصيلا أمنيا أكثر مما هما حركة إسلامية هي مجموعة من الناس تستظل بظل أحد المشايخ الطاعن في السن، الذي لا يكاد يعني من أمور الدنيا شيئا، فهي تنسب إلى الشيخ عبد الله الحبشي، علاقتهم مع كل القوى الإسلامية سيئة، بدءا من دار الفتوى وامتدادا إلى كل القوى الإسلامية اللبنانية، فهم يعيشون في إطار ضيق، وتحولوا مع الأسف الشديد إلى أداة في يد الأجهزة الأمنية اللبنانية وغير اللبنانية، ويحرصون على أن يغطوا أنفسهم بقوى أمنية تحمي تجاوزتهم على الساحة اللبنانية، فهم يطرحون أنفسهم أنهم يمثلون الاعتدال في الساحة، مع أنه عندما أعلنت بعض القوى المسيحية أنها تريد التظاهر في بيروت للمطالبة ببعض الحقوق، استجاب الأحباش لبعض القوى الأمنية ونزلوا إلى الساحة يحملون العصي و السواطير. مما أعطى صورة منفرة إلى كل ما يمت للعمل الإسلامي بصورة، لذلك الأحباش يعلو رصيدهم ويهبط بقدر ما تخطط لهم الأجهزة الأمنية التي لها مصلحة في إنعاش هذا التيار. وماذا عن الجماعة الإسلامية والشأن الداخلي؟ الجماعة الإسلامية تنظيم لبناني مرخص من السلطة اللبنانية، لديها مؤسساتها التنظيمية، التي يجري تبديلها بانتظام، ويحضر ممثل لوزارة الداخلية عند إجراء العمليات الانتخابية داخل الجماعة، ويرفع تقريرا إلى السلطة بما يرى ويسمع، في بداية هذا العام أجرت الجماعة انتخابات على مستوى مجلس شورى الجماعة، وانتخبت أمينا عاما هو الشيخ فيصل مولوي وانتخبت مؤسسات أخرى سواء بالنسبة للمكتب السياسي أو المكتب الدعوي أو التربوي، وما إلى ذلك فالجماعة هيئة تنظيمية وليست لدينا إشكالات تجعلنا نعمل في السرية. ما هي خصوصية تجربة الحركة الإسلامية بلبنان خاصة في ظل تعددها الطائفي؟ نحن جزء من الحركة الإسلامية في العالم، وإن كان لكل بلد ظروفه وخصوصياته، نحن استفدنا من فكر الحركة الإسلامية، كما أن التيارات الإسلامية بالمغرب تستفيد من الحركات الإسلامية بالعالم، وأستطيع القول إننا نجحنا إلى حد كبير في بناء علاقة قوية مع كل القوى اللبنانية والإقليمية بالمنطقة، على اعتبار أن لبنان منذ عام 1976 دخلته القوات السورية في إطار قوات الردع العربي فقد نسقنا العلاقة مع سوريا، وهذا لا يعني أننا كنا دائما في تفاهم مع الإخوة السوريين، لكننا مقتنعون وكان القرار واضح بضرورة متابعة التنسيق والتعاون، سواء اختلفنا أو اتفقنا، لأننا نعتبر أن سوريا هي العمق الاستراتيجي للمسلمين في لبنان خاصة أن حدودنا المفتوحة هي على سوريا من الشمال والشرق وليس لها حدود مشتركة مع أي قطر عربي آخر، وحدودنا الأخرى هي حدود صغيرة مع الكيان الصهيوني، وخيارنا المعتمد دائما هو التنسيق مع سوريا بما يخدم المصلحة العربية العامة. أعتبر أن تجربة الجماعة تجربة غنية سياسيا، وقد استطاعت الجماعة رغم كل التقلبات في لبنان أن تحتفظ بوجودها السياسي المعلن مستمرا بدون انقطاع، واستطاعت أن تفرز مؤسسات تخدم المجتمع المدني وتحضنه خاصة في غياب الدولة، لأننا في لبنان منذ حوالي عشرين سنة، والدولة ليس لها حضور على المستوى الصحي أو الاجتماعي، وقد اضطرت قوى المجتمع المدني ومنها جماعتنا أن تبني مؤسسات، ولنا دورنا في هذا المجال. ولعل أهم ما استطاعت الجماعة إفرازه هو بناء مجموعة كبيرة من المدارس الابتدائية والثانوية والجامعية، واستطاعت المؤسسات أن تصوغ الإنسان اللبناني المسلم، رغم أننا كنا في حالة صراع نظرا للتعدد الطائفي والتبشير المسيحي عبر المؤسسات الكاثوليكية أو البروتستانتية التي كانت تتسابق على الساحة اللبنانية، وقد سبقتنا بأجيال، لذلك كنا مضطرين لأن نبني المؤسسات التعليمية التي تصوغ الإنسان المسلم صياغة تربوية وفكرية. ألا تفكر الجماعة الإسلامية في فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي؟ ورد هذا الموضوع في مؤسسات الجماعة التنفيذية في عام 1996 وأعلن يومها أن الجماعة التنفيذية في عام ,1996 ستشكل حزبا سياسيا يحمل اسم حزب الإصلاح، لكن تعذر الحصول على ترخيص لهذا الحزب، لذلك نحن في لبنان نمارس العمل السياسي باسم الجماعة الإسلامية، ومن حين لآخر يطرح هذا الموضوع كاحتياط للمستقبل، باعتبار أن الجماعة ليست حزبا سياسيا بكل معنى الكلمة، وتحمل اسما إسلاميا، يشكل إرباكا على الساحة العالمية، نتيجة وجود مجموعات تحمل اسم الجماعة الإسلامية المسلحة القتالية، ورغم ذلك فنحن نمارس عملنا السياسي دون مشكل باسم الجماعة. ماذا عن الجماعة الإسلامية والعمل السياسي بشقيه النيابي والبلدي؟ الجماعة أسهمت في العمل السياسي منذ نشأتها، لأننا نحمل نظرة كاملة نحو الإسلام، وتعتبر أن الإسلام لا مجال فيه للتفريق بين العمل العبادي والعمل السياسي، ونعتبر أن العمل السياسي إذا مارسه الإنسان المسلم بإخلاص من أجل خدمة مجتمعه فهو عبادة، لذلك نعتبر أن العمل السياسي عمل إسلامي بكل معنى الكلمة، أما بالنسبة للمشاركة النيابية، فقد كانت مشاركتنا الأولى سنة 1992 بعد غياب الانتخابات عن الساحة اللبنانية منذ ,1972 وقدمنا ترشيحاتنا في بعض المناطق وكان لنا ثلاث نواب في أول الانتخابات أجريت بعد الحرب اللبنانية. أما الآن فليس لنا أي تمثيلية، وهذا رهين بقانون الانتخابات الذي تجري صياغته، وقانون الانتخابات أحيانا يكون مسؤولا عن إخراج هذه الفئة أو تلك من الساحة النيابية، لأن لبنان مقسم طائفيا، وقانون الانتخابات وتقسيم الدوائر له أثر كبير على فرص نجاح أي فريق لبناني في الانتخابات. ألا تتوقعون أن قانون الانتخابات الذي تجري صياغته سيحد من مشاركتكم في الانتخابات مثل بعض القوانين التي تسعى للتضييق على حزب ذي طابع ديني؟ مع الأسف، في لبنان لا وجود لقانون انتخابات دائم، فكل دورة تصوغ الحكومة اللبنانية قانونا بما يخدم مصالحها وتوجهات النافذين فيها، لكن أستطيع القول إن ما تتحدثين عنه مازال بعيدا عن لبنان، بمعنى أن الإملاءات الأمريكية تحاول إقصاء القوى الإسلامية، لم نستشعر هذا بعد في لبنان لأن التماسك اللبناني السوري وبدعم القوى الحية سواء كانت قومية أو إسلامية تجعل الإملاءات الأمريكية بعيدة عن التطبيق، لكن لا أستبعد أن يقع هذا في الانتخابات القادمة التي ستجري في أقل من سنة رغم عدم وجود قانون انتخابات، وأتأسف للحكومة اللبنانية التي تترك قانون الانتخابات لربع ساعة الأخير، حيث تعلنه قبل بشهر أو شهرين من الانتخابات حتى تفوت الفرصة على بعض القوى اللبنانية التي تريد تحقيق ذاتها خلال الانتخابات. ورغم ذلك نحن موجودون على الساحة السياسية اللبنانية سواء كنا ممثلين بالبرلمان أو غير ممثلين، لنا حضورنا الإعلامي والفكري والسياسي في ساحة مفتوحة للجميع، لذلك لا نعاني كثيرا من قضية قانون الانتخابات أو ما يمكن أن يطرحه بعد ذلك. يجري الآن التحضير للانتخابات البلدية بلبنان، ماذا عن مشاركتكم في هذه الانتخابات؟ بعد أقل من شهر تبدأ الانتخابات البلدية في لبنان، والجماعة في الدورة الماضية كان لها تمثيل كبير في هذا الميدان، فلها بلديات تتولى رئاستها، ومشاركة في البلديات الكبرى في المدن الكبرى، نحن موجودون بتحالف ببلدية صيدا في الجنوب وببلدية طرابلس في الشمال، وممثلون ببلدية بيروت، وفي معظم البلديات الموجودة في المناطق الإسلامية، وما يجري الآن هو التحضير للحملة الانتخابية البلدية التي يجري فيها اختيار أعضاء المجالس البلدية في الأحياء والقرى. هل تنوون عقد تحالفات خلال الانتخابات البلدية المقبلة؟ في المدن يحصل هذا، والانتخابات البلدية تجرى على أساس حزبي، وتحكمها العلاقات السياسية، أما في القرى فغالبا ما يكون تحالف العائلات والتنسيق بينها والطوائف هي التي تحكم تحالفات البلدية، وإخواننا يعملون في هذا المجال، وقد تشكلت لجنة لمتابعة التحالفات، وأحسب أنها قطعت شوطا جيدا في هذا المجال. ألا تتعرضون للتضييق أثناء القيام بحملتكم الانتخابية؟ التضييق بمعناه المعتاد في بعض الدول لا يقع، لابد من الاعتراف أن هناك حرية متاحة في لبنان غير موجودة في أي بلد عربي آخر، بلبنان أعراف ديمقراطية، لكن التضييق يكون بشكل غير مباشر وذلك عبر حرمان الحركة الإسلامية من الظهور في وسائل الإعلام المؤثرة، والتضييق يكون بضيق ذات اليد لدى الحركة الإسلامية مما يجعلها قاصرة عن الوفاء بمستلزمات الحملة الانتخابية، التضييق يكون عبر إملاءات عليا من القوى النافذة في البلد من أجل إغلاق بعض اللوائح، وتضييق مجال التحالفات أمام الحركة الإسلامية، لكن أقول إننا لا نشعر بهذا ولا مصلحة لأحد في لبنان بالتضييق على الجماعة الإسلامية، لأنها تيار إسلامي منفتح ويمثل شريحة واسعة في الجماعة السنية بلبنان، فلا أتوقع أن يتم عزل الجماعة عن المشاركة. ما هو حجم مشاركتكم خلال الانتخابات البلدية المقبلة؟ قانون الانتخابات ليس قانونا حزبيا في لبنان، ولا توجد بلبنان حياة حزبية، التحالفات بلبنان عنوانها طائفي، وشخصي، لذلك تبقى تحالفات كل مدينة منفصلة عن مدينة أخرى، وكما قلت تحالف العائلات أحيانا يفرض نفسه على أي تركيبة أخرى، فلا مجال بلبنان للقول إن هذا الحزب حصد الأغلبية، لأن كل حزب لبناني يصطبغ بصيغة طائفته، نحن مثلا في الجماعة الإسلامية ننشط في المناطق الإسلامية السنية، وحزب الله ينشط في المناطق الإسلامية الشيعية، وهناك تيارات سياسية مقتصرة على مدينة أو مدينتين، مثلا تيار السيد الرفيق الحريري تيار نافذ في البلد، له نفوذ في بيروت، وبشكل جزئي في صيدا، وغير موجود في بقية المناطق. تتميز لبنان بتعدد طائفي، كيف تصفون علاقتكم بالهيئات الممثلة لهذا التعدد، وماذا عن الحوار الإسلامي المسيحي؟ أملت تجربة الجماعة الإسلامية بلبنان أن تكون منفتحة على كل القوى اللبنانية لاسيما الأساسية، وتربطنا علاقة طيبة مع الإخوة الشيعة لاسيما حزب الله، إذ تربطنا بهم علاقة سياسية وفكرية وجهادية في بعض المناطق الجنوبية، وننسق معهم على المستوى السياسي والانتخابات النقابية، أما بالنسبة للجانب المسيحي فنحن نشارك في الهيئة العليا للحوار الإسلامي المسيحي. صرح أحد النواب السابقين كان ينتمي لجماعتكم ويدعى خالد الضاهر بأن الجماعة لم تقدم جديدا؟ خالد الضاهر كان ممثل الجماعة ثم قرر المكتب السياسي ألا يرشحه ثانية في الانتخابات، وكانت هذه إشكالية لفترة زمنية محددة، وقد هدأت النفوس بعد ذلك، هذا الكلام قد يكون من رواسب المرحلة الانتخابية السابقة، أما الآن فليس هناك كلام في الموضوع، وأصبح جزءا من التاريخ، وخالد الضاهر لم يعد نائبا برلمانيا، وأخذ مكانه، في قريته يحرص على تصحيح علاقته بالجماعة، وإلى الآن ما يزال خارج إطار الجماعة. عرف العالم حملة ضد الإرهاب تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية، كيف تفاعلت الجماعة مع هذا الأمر؟ هذه حملة ظالمة بدون شك، صحيح أن هناك عمليات مدانة مارستها بعض القوى لا أدري إذا كانت منسوبة إلى التيار الإسلامي أم لا، هذه قضية أخرى، لكن أستطيع القول إن أمريكا بدأت تسير في معاداة القوى الإسلامية بالعالم حتى قبل تفجيرات 11 شتنبر وانتهت إلى أن احتلت أفغانستان والعراق، آمل أن ينتهي المشروع الأمريكي ويسقط في العراق نتيجة وجود المقاومة التي تقودها مجموعات إسلامية عراقية، نعتبر دعمها واجبا شرعيا ووطنيا وقوميا، لذلك نتمنى أن يسقط شعار مكافحة الإرهاب لأنه مزور، وأمريكا هي التي مارست وتمارس الإرهاب ضد المسلمين في أكثر من مكان على الأرض، وهي التي دعمت الحكومات والأنظمة الاستبدادية في العالم العربي والإسلامي، وأرى أن الرئيس الأمريكي سوف تستمر أسهمه في الهبوط إلى أن ينتهي هذا الشعار وتعود الأمور إلى صيغتها المفتوحة المرنة ويعم الحب والسلام في العالم، لا أن ننشر الحقد والكراهية بين شعوب العالم. هل تأثرت لبنان بهذه الحملة؟ برزت مجموعة صغيرة في لبنان سنة 1999 في منطقة نائية يبدو أنها كانت مرسلة من لدن تنظيم القاعدة وحاولت أن تستقطب أتباعا لها، ولكنها اصطدمت مع القاعدة الأمنية، ولم تجد أي تجاوب مع أنها في منطقة إسلامية صرفة، فصفيت ولازال مجموعة من هؤلاء الشباب في السجن ينتظرون محاكمتهم، وليس هناك تيار محدد، قد يكونوا أفرادا معزولين عن الساحة، وأظن أن هذا الطرح لن يجد له رصيدا في لبنان لأن لبنان بلد حر، يعطي فرصة للناس لأن يتحركوا بحرية ويقولوا ما يشاؤون، أيا كانوا، والمواطن هو الذي يحكم، وموضوع الإرهاب لن يوجد له مكانا في لبنان، حتى اللبنانيين في الخارج يوجد واحد فقط ورد اسمه عند التحقيق في تفجيرات أحداث 11 شتنبر، وهذا لم يكن محسوب على التيار الإسلامي بلبنان، لذلك فموضوع الإرهاب ومحاربته مجرد شعارات تمارسها أمريكا، ويحاول السفير الأمريكي بلبنان تسويقها على الساحة اللبنانية لكنها مرفوضة لدى معظم القوى الحية بالمجتمع اللبناني. هل أصدرتم قانونا لمكافحة الإرهاب مثل بعض الدول؟ الإرهاب غير موجود بلبنان ولا يشتكي منه أحد، لبنان فيه مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، والدولة اللبنانية تعترف بالمقاومة، وتخلت لها عن مواجهة العدو الإسرائيلي على الحدود الفاصلة بين لبنان وفلسطينالمحتلة، والمنطق الأمريكي مرفوض في لبنان سواء من قبل الحكومة أو الشعب. بصفتكم رئيسا لتحرير مجلة الأمان، كيف تقيمون تعاطي الإعلام اللبناني مع حملة الإرهاب؟ الإعلام اللبناني يتعاطى مع الحملة بتعقل، ويدرك أن هناك مؤثرات تحمل بعض هذه القوى على أن تتورط في أعمال مدانة، ويدرك الإعلام اللبناني. هناك أيضا عملية تضخيم لبعض الاتهامات، ويجري إلصاقها ببعض القوى الإسلامية، لكن على المستوى العالمي هناك حملة علينا التعاون لمواجهتها، لأنه لا مصلحة للأنظمة العربية حكومة وشعوبا لأن تسود ساحتنا معاني الكراهية والإلغاء والإقصاء، نحن مطالبون بأن نشد أزرنا، فالأنظمة مستهدفة والقوى الحية مستهدفة قومية كانت أو إسلامية، وعليها أن تواجه الضغوط الأمريكية التي لا تريد أحدنا يعيش بخير سواء كنا ليبراليين أو إسلاميين. كيف ترون مستقبل الحركات الإسلامية عموما؟ مستقبل الإسلام كبير، والتيارات الإسلامية تكاد تكون الوحيدة التي لها سند جماهيري، والمهم أن تتمكن هذه الحركة من مواكبة الزمن الذي تعيشه وتستوعب القضايا والمشاكل التي تعترضها سواء في الإطار الفكري أو السياسي. حاورته: خديجة عليموسى الأستاذ إبراهيم المصري في سطور إبراهيم المصري من مواليد مدينة طرابلس بشمال لبنان، عمل في بداية عمره بالتعليم، ومنذ أوائل الستينيات اتجه إلي ميدان العمل الإعلامي، حيث أشرف على عدة مجلات إسلامية، ابتداء من مجلة المجتمع اللبنانية سنة 1964 كانت نصف شهرية، إلى سنة 1966 ثم أصدر مجلة الشهاب بعد تشكيل الجماعة الإسلامية في لبنان، ثم استمرت الشهاب إلى سنة 1975وكانت نصف شهرية، وتوقفت سبب الحرب اللبنانية في ذلك الوقت، وفي سنة 1979 تم إصدار مجلة الأمان الأسبوعية، وهي مجلة سياسية تعطلت بفعل الأحداث اللبنانية مرة أخرى، ثم في سنة 1993 أصدرت مرة أخرى وهي ما تزال مستمرة بشكل أسبوعي وتغطي الجوانب الفكرية والسياسي بلبنان خاصة وفي العالم عموما، ويشغل منصب نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية بلبنان.