عثر فارزو الأزبال بمطرخ نفايات " النزالة الرداية" على جثة رضيع ذكر ملفوفة بقطعة قماش، وكما جرت العادة حضر إلى عين المكان مسؤولو السطة المحلية و عناصر الأمن، تم أخذ الصور، ونُقلت الجثة إلى مستودع الأموات بمستشفى محمد الخامس، بعد إخطار السلطات المعنية. الحادث لم يكن الأول أو الثاني أو الخامس، بل سبقته أحداث وحالات كثيرة مماثلة، حتى أصبح الأمر مألوفا لدى الجميع، والخبر جد عاد، وصار منظر جثث الرضع والأجنة المختلطة بأطنان النفايات القادمة من أحياء مكناس والتي تلفظها شاحنات القمامة بمطرح النزالة، غير دي أهمية، ولا يختلف وقعها في القلوب على منظر الحيوانات النافقة، فالضحايا مجرد كيلوغرامات من اللحم البشري لا حول لها ولا قوة، ولدت في جنح الظلام ووئدت داخل حاويات القمامة في جنح الظلام، وتحولت من مخلوقات فضلها الله على مخلوقات العالمين إلى مجرد فضلات وقمامة بشرية، دون تحرك يُذكر لمتابعة الأمهات المجرمات، مجرد تحاليل على جثث هؤلاء الأبرياء كافية بالإيقاع بقتلتهم. كما أن جمعيات المجتمع المدني المهتمة بقضايا الطفل وحقوق الإنسان، والمتبجحة بشعارات الكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية، والحق في الحياة والعيش الكريم….لا تضع هذه الظاهرة وهذه الشريحة ضمن برامجها ومبادراتها، لأنها باختصار لا تدر المال والشهرة، ولايأتي من ورائها سوى "حريق الراس"، أما الباحثون في المجال من أكاديميين وغيرهم فلا يكلفون أنفسهم عناء القيام ببحث شامل عن الظاهرة والوقوف على أسبابها ومسبباتها، ومقارباتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية… للمساهمة في تطويقها والحد منها في أفق اجتثاثها من المجتمع، مع أن الكل وجب أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذه الفئة الموؤودة. محمد بنعمر