يحيل الدرك الملكي بتالوين غدا الخميس أربعة طلبة قرآنيين على غرفة الجنايات باستئنافية أكادير في حالة اعتقال، إلى جانب طلبة آخرين في حالة سراح بتهمة "التسبب في الإيداء غير العمدي المؤدي إلى وفاة"، بعد إزهاق روح سميرة ضحية الكي والجلد بقضبان الزيتون بزاوية تامورت. عاشت سميرة قتامة الحياة وضنك العيش بغرفة مع أسرتها وماتت في غرفة بمستشفى الحسن الثاني وهي تنتظر فرصة علاج يوم الاحد، وفي ليلة أمس ووري الثرى عليها تحت جنح الظلام بعد صلاة المغرب. أزيد من مائتي مؤبن صلوا عليها الجنازة بمسجد يبعد بمائتي متر عن بيتها، لينطلقوا في موكب جنائزي نحو أقرب مقبرة، عندما وصلوا كان الظلام أرخى سدوله على أطراف المكان، والهدوء استبد بذلك الربع بمركز تالوين وحده صوت الصراصير وطقطقة الأقدام ظلت تكسر الصمت الذي فرضته هيبة المكان.
بعد توقف الموكب الجنائزي عند الحفرة انطلق صوت الفقهاء فجأة مثل طلقة مدفع فاهتز المكان بتلاوة القرآن والدعاء للفقيدة بالرحمة والمغفرة. كانت لحظات حزينة بين المؤبنين ممن عايشوا قسطا من معاناة سميرة مع أمراضها العقلية التي بدأت مند سن التاسعة، ساعدوا أسرتها بما تيسر للتغلب على ضنك العيش دون أن تظفر هي باي حصة علاج لدى مختصين. المعزون ظلوا يتوافدون في تلك اللحظة العصيبة على خيمة العزاء المنصوبة قرب البيت الصغير الهامشي بمنحدر بمركز تالوين، وفي الجهة الأخرى كان مركز الدرك الملكي بتالوين يستمع إلى 17 فقيها من الطلبة القرآنيين بالمدرسة الملحقة بزاوية تامورت، ليلة بيضاء قضتها عناصره وهي تنجز المحضر تلو الآخر تحت أوامر الوكيل العام للملك باسئنافية أكادير. "الأحداث المغربية" زارت بيت العزاء وتابعت موكب الجنازة، واستمعت لأفراد الاسرة الذين وجهوا تهمة التسبب في الوفاة إلى الطلبة الفقهاء بتامورت، اتهموهم باستعمال النار، والتعذيب بقضبان فروع شجر الزيتون لطرد الجن من جسد سميرة، بعدها انطلق طاقم الجردية إلى زاوية تامورت حيث لم تتمكن من اللقاء بإمام الزاوية بدعوى أنه مريض، وانتدب نائبه للحديث حول القضية والدفاع عن سمعة الزاوية والمدرسة القرآنية الملحقة بها. نائبه رفض بالبث والمطلق الحديث عن هذه القضية، بعدما صدرت أوامر بأن يلتزموا الصمت، مكتفيا بالقول بأن تامورت تضع كامل الثقة في القضاء لاستجلاء حقيقة هذه القضية والكشف عن أسباب وفاة الفقيدة، وأضاف نائب الإمام بأن الزاوية منفصلة عن المدرسة وتعتبر مقصدا لحفظة القرآن وطلبة العلم من كل مناطق المغرب كما تحظى بعناية وزارة الأوقاف والشؤوون الإسلامية. إدريس النجار/تصوير: إبراهيم فاضل