صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    الحسيمة : ملتقي المقاولة يناقش الانتقال الرقمي والسياحة المستدامة (الفيديو)    تعيين مدير جديد للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    اشتباكات بين الجمهور الفرنسي والاسرائيلي في مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مباراة المنتخبين    السفيرة بنيعيش: المغرب عبأ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني على خلفية الفيضانات    مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة.. وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير للغبار    بحضور التازي وشلبي ومورو.. إطلاق مشاريع تنموية واعدة بإقليم وزان    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    لمدة 10 سنوات... المغرب يسعى لتوريد 7.5 ملايين طن من الكبريت من قطر    الأرصاد الجوية تحذر من هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    الدرك الملكي بتارجيست يضبط سيارة محملة ب130 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    هل يستغني "الفيفا" عن تقنية "الفار" قريباً؟    مصرع شخص وإصابة اثنين في حادث انقلاب سيارة بأزيلال    بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي.. مارين لوبان تواجه عقوبة السجن في فرنسا    بعد ورود اسمه ضمن لائحة المتغيبين عن جلسة للبرلمان .. مضيان يوضح    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تسلم "بطاقة الملاعب" للصحافيين المهنيين    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    صيدليات المغرب تكشف عن السكري    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة        معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    الدولة الفلسطينية وشلَل المنظومة الدولية    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    الجيش الملكي يمدد عقد اللاعب أمين زحزوح    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    غينيا الاستوائية والكوت ديفوار يتأهلان إلى نهائيات "كان المغرب 2025"    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب يدشن عهد المحطات «الخضراء» بسقفين للوحات الشمسية وإنارة ذاتية
نشر في الأحداث المغربية يوم 13 - 03 - 2016

مهندس مشروعي محطتي طنجة للقطار فائق السرعة ومحطة أكدال يفتح مكتبه وأفكاره وقلبه للأحداث المغربية في حوار صريح وكاشف، يشرح فيه مفهومه للمشاريع الحضرية الكبرى للمدن، ومدى تطابقه مع مفهومه الخاص ‘‘ للتصميم المعماري السياقي ‘‘ الذي يحافظ على الهوية الإنسانية وينفتح على المستقبل. يوسف مليحي اختص الأحداث المغربية بالحديث عن الشكل الإيكولوجي الجديد للمحطات الطرقية، ودورها الاجتماعي في ربط جسور التلاقي بين مختلف الأحياء بالرغم من تركيبتها السوسيو اقتصادية المختلفة، وكيف تحولت في نماذج مغربية سابقة إلى قاطرة للتنمية المحلية.
يوسف مليحي مهندس مشروعي محطة طنجة للقطار فائق السرعة ومحطة أكدال الجديدة للأحداث المغربية
« المحطات الجديدة ستوظف كجسر اجتماعي بين مختلف الأحياء والشرائح الاجتماعية »
« الجيل الجديد لمحطات القطار رافعة للتنمية المحلية تستحضر هويتنا وتنفتح على المستقبل »
* ما الرؤية التي يندرج فيها التصميم المعماري الجديد لمحطة الرباط أكدال ؟
** مشروع محطة أكدال الجديدة يندرج ضمن رؤية شمولية ترمي إلى تطوير المحيط الجغرافي للحي بأكمله، وتحديدا المساحة الأرضية المحيطة بمجال المحطة الحالية بما فيها البنايات الإدارية التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية. المحطة الجديدة لن تكون سوى حلقة أولى في سلسلة مشاريع لإعادة التهييئة المجالية، بهدف تحويل المنطقة إلى ‘‘ فضاء حياة ‘‘ سواء من خلال تحديث البنية التحتية أو فتح حي أكدال على محيطه الاجتماعي. المشروع يعكس أيضا في رغبة المسؤولين عن المدينة في جعل المحطة قطبا جديد في العاصمة يضاهي باقي المشاريع الكبرى التي تعرفها العاصمة . التصميم الجديد لمحطة أكدال يراعي الأبعاد السوسيو اقتصادية المحيطة، كما أنه سيكرس تحولها إلى محطة رئيسية على اعتبار أنها ستسقبل خطوط القطارات فائقة السرعة، بالاضافة إلى خطوط النقل السككي المكوكي والوطني.
القيمة المضافة للمحطة الجديدة لأكدال، وبغض النظر عن قيمها الوظيفية في ضمان سير الحركة السياسية، تكمن في البعد الاجتماعي الذي ستضطلع به. إذ من المنتظر أن تعمل على تقريب الهوة الاجتماعية بين حي أكدال وحي العكاري القريب مثلا، بالنظر إلى تصميمها الجديد الذي سينفتح على كلا الحيين، وهو ما كان مفتقدا في التصميم الحالي. فكما نعلم، محطة أكدال الحالية لا يمكن ولوجها إلا من جهة واحدة، حي أكدال، فيما تنغلق من الجهة المقابلة لحي العكاري، ما يعطي الانطباع على أنها محطة معزولة اجتماعيا عن محيطها. التصور الجديد للمحطة سيعطيها صفة الجسر الاجتماعي بين عالمين متباينين، على اعتبار احتضانها لمحلات تجارية مفتوحة للجميع وتراعي الشروط الاقتصادية لكل فئة اجتماعية، بالإضافة إلى احتضانها للبرج الجديد للمكتب الوطني للسكك الحديدية وبعض الإدارات المرتبطة بهذا القطاع، دون نسيان المركبات السياحية كالفنادق ومراكز التوقف والاستراحة.

* تتحدثون عن مفهوم جديد في التصور المعماري ‘‘ التصميم المعماري السياقي ‘‘ L'architecture contextuelle هل لكم أن تقربون القارئ من هذا المفهوم ؟
** هي الفكرة الأساسية لكل التصورات والرؤى المعمارية التي أشتغل عليها وهو مفهوم شامل يعني بالأساس الخصوصيات الواجب أخذها بعين النظر عند التفكير في وضع تصميم لمشروع ما، بشكل ي يجعله مندرجا بانسجام في محيطه السوسية اقتصادي أولا، باستعمال أدوات التاريخ المعماري للحضارة التي ينتمي إليها، ورموزه ودلالاته. أي أن الأولوية تعطى للمكان قبل وضع التصور، بشكل يجعل كل مشروع فريد ومتفرد في محيطه الخاص فقط. محطة الرباط مثلا لا يمكن أن تصمم معماريا خارج معطيين أساسيين مرتبطان بالمجال : الاصالة والعصرنة. فالمدينة ذات تاريخ طويل وتراثها المعماري فن قائم بذاته، لكن بالمقابل الرباط مدينة عصرية ومتطورة، ومن ثم جاء التفكير في أن تجسد المحطة هذه الفكرة المركبة لتتحول إلى جسر معماري واجتماعي يوحد مشاهدها المختلفة.
* مشاريع كبرى من هذا القبيل لا بد وأن تنخرط في الوعي البيئي المتنامي وطنيا وعالميا. عمليا كيف أدمج التصميم الجديد الأبعاد الإيكولوجية في المقومات الوظيفية للمحطة ؟
** صحيح، فالبعد الإيكولوجي صار ضرورة محايثة لكل مشاريع المعمار في عالم اليوم، بالنظر للوعي الوطني والعالمي المتنامي حول أهمية المسألة المناخية. ونظرا لكون الأبعاد الإيكولوجية متعددة عند تناولها من الزاوية المعمارية، فإن أول معطى وجب الانتباه له يتعلق بموقع المحطة الجديدة الجغرافي الذي يجب أن يتوائم مع حركة الشمس على المدينة، بشكل يجعل أشعتها تنعكس على مدار اليوم داخل أروقة المحطة، ويسمح بتركيز ضوئي كافي يغني عن استعمال الإنارة المكثفة أو مصادر الحرارة المحركة بواسطة الطاقة الأحفورية. من الناحية الطاقية، تم التفكير في وضع ثلاث آليات لتخفيض الاستهلاك الطاقي للمحطة : أولا ‘‘ الكلوسترا ‘‘ أو المشربيات التي تنفتح وتنغلق آليا من جل فسح المجال لمرور أكبر قدر ممكن من الأشعة الشمسية، وهي تقنية معروفة في المعمار المغربي منذ القدم، حيث تتوسط البيوت في المدن العتيقة مشربيات أو مداخل ضوئية تسمح بتركيز أشعة الشمس داخلها من أجل التدفئة والانارة. ثم القباب العلوية التي تسمح أيضا بالتنوير على مدار اليوم. وثالثا، وهذا هو الجزء الأهم في المفهوم الإيكولوجي الجديد للمشاريع الكبرى، ستغطى مساحة كبيرة من سقف المحطة ( حوالي الثلين ) بخلايا التجميع الضوئي، بشكل يسمح لمحطة أكدال الجديدة بنوع من الاستقلال الطاقي مستقبلا.

* الجيل الجديد من محطات القطار يهدف إلى تحويلها إلى «فضاء للحياة » أيضا وليس معبرا للسفر ...
** طبعا المفروض في مشروع مماثل، وفي ظل التطورات الاقتصادية والبيئية التي يعرفها المغرب والعالم، أن يتجاوز جوانبه الوظيفية والتقنية، ليتحول إلى جسر اجتماعي ينشر الحياة في محيطه. في هذا التصور الجديد ستنفتح محطة أكدال على شوارع الحرية ولاكورنيش القريبين من الأحياء الاجتماعية المتوسطة، على أمل أن تشكل المحلات التجارية والفضاءات الاقتصادية المركبة لتصميمه النهائي فرصة للمواطنين في هذه الأحياء لإيجاد فرص حياة أفضل، أو ربما عمل أو وظيفة لم لا. يجب أن نعلم، وهذه فكرة ناتجة عن تجارب سابقة، بأن المشاريع الكبرى ذات الأبعاد الاجتماعية والمعمارية، تعمل على تغيير المحيط كليا ما ينعكس أيضا على سلوكات مرتادي فضاءاتها المختلفة، وبالتالي فيمكت اعتبار محطة أكدال الجديدة ‘‘ قاطرة ‘‘ للتنمية المحلية، على غرار محطات أخرى لعبت هذا الدور الاجتماعي بعد إنشائها، كمحطة مراكش الجديدة للقطار أو محطة طنجة الجديدة، التي كانت سببا في ‘‘ ثورة عمرانية ‘‘ مهمة انتشرت في محيطها خلال السنوات الأخيرة. الأكيد أن محطة أكدال ستغير مشهد حي أكدال بكامله، حيث سيتم اعتماد مبدأ ‘‘التسطيح‘‘ انطلاقا من شارع فال ولد عمير القريب إلى غاية ما بعد شارعي الحرية ولاكورنيش، مرورا بالمركز التجاري الكبير المنتظر إلحاقه ببناية المحطة الجديدة مستقبلا، حيث من المنتظر أن يشكل رافدا اقتصاديا داخليا مهما لهذه المحطة، في إطار التوجه الجديد للبنايات الكبرى والتي أصبح ‘‘ التمويل الذاتي ‘‘ أحد مقوماتها الأساسية، على غرار محطات القطار الكبرى في أوروبا أو أمريكا أو الشرق الأقصى .
* ما التاريخ المتوقع للانتهاء من هذه الأشغال ؟
** من المنتظر أن يتم الانتهاء من أشغال الجزء الأول من محطة أكدال الجديدة، والمتعلقة بموقع القطارات والإركاب وكل ما يتعلق بالسفر، في يونيو 2018 ، بالتزامن مع افتتاح خطوط سير القطارات فائقة السرعة في المغرب . في نفس الوقت ستنتهي الأشغال أيضا في باقي المحطات التي تتحول الآن إلى أوراش مفتوحة لتكون في الموعد مع هذا الرهان التكنولوجي الكبير والنقلة النوعية في مجال السكك الحديدية، في كل من القنيطرة وطنجة والدارالبيضاء.
* التناغم مع روح المدينة الحضاري والمعماري شرط آخر لنجاح المشاريع الكبرى. هل تستحضرون هذا البعد في أعمالكم ؟
** أكيد أن المفروض في مشاريع مماثلة استحضار روح المدينة وأنا أشبه الأمر بالعلاقة بين الجسد والخلايا المكونة له، إذ أن المعلومات الأساسية المكون للخلية الواحدة هي نفسها تلك التي تكون الجسد ككل، وبالتالي فإن كل اختلال في تركيبة إحدى الخلايا تؤدي إلى ‘‘ قطيعة مرضية ‘‘ مع باقي الأعضاء. من هنا يصبح تجسيد روح المدينة مقوما أساسيا في في كل المشاريع المعمارية الكبيرة. غير أن هذا التسجيد لا ينبغي أن يسقط مبدأ فتح المشروع نفسه لآفاق التحديث والعصرنة حتى يكون المشروع في نفس الوقت، رافدا يمتح من تراث المنطقة ونافذتها على المستقبل . تجارب محطات مراكش وطنجة الجديدة للقطار أظهرت تغيرا كبيرا على سلوك المواطنين حيث أصبحت ‘‘ المواطنة الإيجابية ‘‘ عنوانا لتصرفاتهم على خلاف السابق. محطة مغوغة بطنجة مثلا أصبحت تستقطب عينات أخرى من الزبناء بعد تحديثها. من هنا يجب أن نستوعب أن المعنى الحضاري والاجتماعي للمحطات الجديدة تنعكس بالضرورة على سلوك المواطن، وهو معطى مهم يجب استثماره على نطاق أوسع .
* تشرفون أيضا على إنجاز المحطة الجديدة للخطوط فائقة السرعة في طنجة . هل هناك فروق تقنية ووظيفية بين تصميم هذا النوع من المحطات والمحطات العادية ؟
** تقنيا ليس هناك فرق في الأبعاد الوظيفية بين محطات القطار العادية والأخرى الموجهة للقطارات فائقة السرعة، لكن مقياس الجودة والدقة يصبح أولوية قصوى. هذه هي المرة الأولى التي سيشهد فيها المغرب إنجاز تصاميم لمحطات خاصة بالخطوط فائقة السرعة، ولعل أول المعطيات التي يجب مراعاتها في هذا الخصوص، تتعلق بدقة مواقيت الرحلات. زبناء الخطوط السككية فائقة السرعة هم من بروفايلات سوسية مهنية معينة، وبالتالي فإن تصميم هذه المحطات يجب أن يندرج في مفهوم تسهيل عملية الولوج وسرعة الإركاب تماشيا مع دقة مواقيت الرحلات وانسيابيتها المستمرة. عملية الولوج إلى أرصفة المحطات الخاصة بالقطارات فائقة السرعة تتطلب مراقبة دقيقة للمسافرين مع ضمان مستويات مميزة للجودة، وهذا يقتضي، كما هو الحال كل دول العالم، إحداث صالات للإركاب، يتم فيها التأكد من هويات المسافرين بسرعة، ومن ثم الولوج المباشر للعربات. لا يجب أن ننسى أن هذا النوع من القطارات مصمم لربح الوقت مقارنة بالرحلات في القطارات العادية.
* المسافرون عبر هذا الخط يختلفون نوعيا عن المسافرين العاديين. كيف يمكن للتصميم الجديد أن يلبي متطالبات هذه العينة من الزبائن ؟
** بطبيعة الحال فالمسافرين عبر رحلات الخطوط فائقة السرعة يختلفون نوعيا عن المسافرين العاديين، وهذا يفترض من مسؤولي المحطات الجديدة توفير كل وسائل الراحة و التكنولوجيا ووضعها تحت رهن إشارتهم من أجل سفر لائق بقيمة ونوعية المسافرين والقطارات. المعايير التي نضعها قبل وضع تصاميم هذه المحطات هي نفس المعايير الأوروبية المعمول بها في هذا الإطار. المسافرون عبر الخط فائق السرعة يحتاجون للتوصل بالمعلومة في كل لحظة وهو ما يحتم ربط المحطة بشبكة الأنترنيت وكذا عربات القطارات، كما أن الوقت الذي سيقضيه في الانتظار داخل المحطة يجب ملأه بكل ما يحتاجه من أسباب الراحة أولا ثم آليات التكنولوجيا والمعرفة المباشرة ، كما أن المعلومات الخاصة بالرحلات والأخرى المسهلة للولوج لمختلف مرافق المحطة ستوضع رهن إشارته عن طريق التأشير الآلي، وبلغات مختلفة، تمكن الزوار الأجانب من ولوجية غير معقدة لهذه المرافق. الحميمية أيضا معطى مطلوب توفره في فضاء مماثل، حيث أنه يجدر بمصمم المشروع تخيل كل التفاصيل الممكنة لإعطاء الزبون المسافر الإحساس بانتمائه للمكان وحرصه على الاستمتاع بكل ما يتوفر فيه.
* تسبقنا دول عديدة في هذا المجال. كيف وفقتم بين ما وصلت إليه هذه الدول و استحضار الهوية المغربية في تصميم هذا النوع «المستقبلي» من المحطات ؟
** أكيد أن وضع تصاميم المحطات الجديدة للقطارات فائقة السرعة لا يمكن أن يتم دون الإطلاع على مشاريع مماثلة في دول أخرى سبقتنا إلى هذه التجربة، وأظن أنه في زمن الانترنيت تصبح عملية التعرف على ما يقوم به الآخرون في هذا المجال أبسط إلى حد ما. كنت في زيارة لشانغاي الصينية مؤخرا، حيث تتوفر هذه المدينة على آخر أشكال المحطات التي يمكن مقارنتها بالمطارات العالمية لجودتها ووظيفيتها العالية. كما أنني اطلعت على آخر التحديثات المجراة داخل كبريات المحطات الأوروبية المتطورة. من هنا يمكن أن أؤكد أن التوجه الآن سائر باتجاه إحداث محطات بوظيفية عالية تضمن في نفس الوقت الانسيابية الكبيرة للرحلات والزوار، مع مسايرة آخر لمسات التقنية والكنولوجيا. التجربة أعطتنا فرصة في تطبيق بعض من هذه التحديثات، ففي محطة مراكش الجديدة للقطار تم توظيف معطى مهم متعلق بمشاهدة المسافر لرصيف القطارات من خارج المحطة، وهي مسألة مهمة على المستوى النفسي ، حيث أن هذه الشفافية تلغي ‘‘ الفوبيا ‘‘ الكلاسيكية المرتبطة بالخوف الكامن فينا جميعا من ‘‘ تضييع القطار ‘‘ الذي نرغب في ركوبه في رحلة ما.


* يخلو الربط الطرقي في المغرب من مبدأ « الولوجية المتعددة » L'intermodalité وهو ما قد يؤثرعلى وظيفية المشروع الجديد. هل تتوقعون استجابة من الفاعلين في هذا القطاع لتطوير هذه النقطة تحديدا ؟
** صحيح مشكل ‘‘ الولوجية المتعددة ‘‘ معضلة واضحة في سياسات النقل العمومي بالمغرب. إذ يندر العثور على مكان التقاء جماعي لخطوط النقل الخاصة مثلا بالحافلات وسيارات الأجرة والقطارات، وهو ما يؤثر كثيرا على انسيابية النقل تحديدا في المدن الكبرى. هذا أمر يجب تداركه بسرعة لأنه من غير المعقول أن تكون محطات القطارات فائقة السرعة غير مرتبطة بشبكة متكاملة لباقي أنواع النقل الأخرى، كما هو معمول به في سائر الدول. أتمنى أن يتم الانتباه لهذا الأمر سريعا، خصوصا وأنه من المفترض أن يستعمل الزوار الأجانب هذه الخطوط مستقبلا بشكل مكثف، ومن الأجدى لصورة المشروع ولصورة المغرب، أن لا يسقط هؤلاء الزوار في مشاكل من قبيل غياب آليات النقل العمومي الأخرى أو تباعد أماكن وجودها. في مراكش مثلا وبعد تدشين المحطة الجديدة، كنت أتمنى إنشاء محطتين طرقيتين مرتبطتين بها، واحدة تخصص للسفر إلى الجنوب لأن سكة القطار تتوقف في مدينة مراكش، وأخرى تخصص لربط المدينة بمدن الشمال. هذا التنظيم كان سيعفي مراكش من مشاكل الاكتظاظ الكبيرة التي تعرفها في محيط محطة القطار وباقي الشوارع والمخارج.
غالبا ما تكون هناك لقاءات مع مسؤولي المدن وكل القطاعات المتدخلة في إنجاز هذه المشاريع، لكنها في الغالب تكون اجتماعات تقنية من أجل تحديد مهام الإنجاز أكثر من أي شيء آخر.كمهندسين نولي أولوية كبرى لمثل هذه التفاصيل المهمة قبل الإنجاز أو وضع التصاميم كما نحتفظ بالكثير من الأفكار حول موضوع ‘‘ الولوجية المتعددة ‘‘ للأسف لا تصل للمسؤولين إما لأن الفرصة لا تكون ملائمة للتعمق أكثر أو لأن أولوليات الإنجاز تكون أكثر حدة. على العموم هناك وعي أكبر الآن لدى مسؤولي المدن والمجالس الحضرية بأهمية هذه المعطى في تحسين جودة السير والجولان وهو ما ننتظر تحقيقه على أرض الواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.