عندما كانت في سن العاشرة، سألها والدها ذات يوم السؤال التقليدي الذي يحاول به الآباء سبر أغوار تطلعات صغارهم : ‘‘ نوال، ما هو المنصب الذي ترغبين في شغله عندما تكبرين ؟ ‘‘ أجابت الصغيرة في هدوء وثقة : ‘‘بغيت نكون مشهورة ونهز راية المغرب‘‘. بعد اثنتي عشرة سنة عن هذا الحوار الحميمي، كانت عينا والد نوال المتوكل تغرورقان في دموع الفرح والانتصار، وهو يعاين ابنته فوق أعلى منصات التتويج الأولمبية في دروة لوس أنجلوس 1984. والحقيقة أن نوال في تلك الليلة التاريخية، لم تدخل الفرح على قلب الوالد والعائلة الصغيرة في بوركون فحسب. في ليلة 8 غشت 1984 الخالدة سهرت كل أطياف الشعب المغربي لمتابعة نهائي سباق ال400 متر حواجز، حيث كانت نوال تستعد في انطلاقة الممر الثالث، بقامتها القصيرة وفانلتها الخضراء وشورتها الأحمر المميزين. غير بعيد عن نوال، في الممر الثامن تحديدا، كانت صديقتها والمرشحة الأولى للفوز بالسباق جودي براون تبتسم لعدسات المصورين في ثقة كأنها تضرب موعدا بتتويج مضمون. حبس المغرب أنفاسه من بداية السباق إلى خط النهاية : انتصرت نوال، وانفجر صوت الفرح … فلأول مرة يتوج المغرب بالذهب في مسابقة أولمبية، ولأول مرة يعتري المغاربة قاطبة إحساس بأن المستحيل ممكن بالإرادة والعزيمة. منذ تلك اللحظة التاريخية تكرست صورة ‘‘ البطلة ‘‘ في شخص نوال المتوكل. فتح إنجازها غير المسبوق الباب الرياضي لأجيال من الفتيات والشابات، اللواتي حصرن أحلامهن في تتويج ممكن، وهو ما تم بالفعل في غير ما مناسبة من تاريخ ألعاب القوى الوطنية. نوال أصبحت أيضا مثالا شعبيا وموضوع تندر في اللغة المغربية الشعبية، وصارت كل من جرت على مضمار تسابق تشبه بنوال أو يقال لها على سبيل الفكاهة : ‘‘ واش بغيتي تكوني بحال نوال ‘. صحيح أن مشوارها الرياضي لم يحفل بإنجازات كبيرة على غرار تتويج لوس أنجلوس، لكن ما حدث ليلة 8 غشت 1984 كان كافيا، ليدفع بالصغيرة التي كانت تحلم برفع راية المغرب، إلى تسلق أعلى قمم المجد والنجاح. مشوارها الرياضي ابتدأ رسميا العام 1978 عن سن السادسة عشرة، وكان للمدرب الفرنسي جان فرانسوا كوكان دور كبير في توهج إسم نوال المتوكل. فبعد أشهر قليلة من التدريبات المشتركة نصحها الخبير الفرنسي بالتخصص في مسافة ال 400 متر. بعد سنتين ستنتقل نوال للدراسة في جامعة أيوا الأمريكية دون أن تنسى حلمها الرياضي. في أمريكا صقلت نوال إمكانيات بفضل الإمكانيات المتاحة. والنتيجة اكتساح شامل على المستوى الإفريقي والعربي، انطلاقا من العام 1982 حيث فازت بذهبيتين في الألعاب الإفريقية المنظمة بالعاصمة المصرية القاهرة. إسم نوال سيكتسب شهرة أكبر خلال دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها الدارالبيضاء العام 1983، بحصولها أيضا على ميداليتين ذهبيتين. بعد التتويج الأولمبي الذي أعطى شهرتها صبغة عالمية، استمرت نوال في حصد التتويجات الذهبية للمغرب في السنتين المواليتين 1984 و 1985 قبل أن تعلق مشاركاتها الدولية سنة بعد ذلك، وتتحول إلى التدريب في العام 1989 بعد حصولها على شهادة تأهيلية من جامعة أيوا الأمريكية . المغاربة يعتبرون نوال ‘‘مرضية الوالدين‘‘ لأنه حسب زعمهم ‘‘ جرية وحدة كانت كافية لوصولها إلى الوزارة ‘‘. انتشرت هذه النكتة مباشرة بعدما عينها الملك الراحل الحسن الثاني كاتبة للدولة في الشبية والرياضة العام 1997 في حكومة عبد اللطيف الفيلالي الثالثة، وهو المنصب الذي احتفظت به إلى غاية شهر مارس من العام الموالي. على عهد عباس الفاسي، عادت نوال المتوكل لدواليب الحكومة مرة أخرى، وتقلدت هذه المرة منصب وزير الشباب والرياضة، لسنتين كاملتين، قبل أن تنتهي هذه التجربة وتعوض في يوليوز 2009 بمنصف بلخياط . ‘‘ رضا الوالدين ‘‘ بمصاحبة رضا كل المغاربة، فتح لنوال أبوابا أخرى في مؤسسات أخرى، محلية ودولية، إلى أن أصبحت بحق سفيرة للمرأة والرياضة المغربيتين. أوسمة الاستحقاق التي نالتها من مختلف دول العالم شهادة أخرى على أن الاستحقاق حق، وأن التفرد قد ‘‘ يجري على صاحبه طول عمره ‘‘. من تونس إلى أمريكا، ومن فرنسا إلى السينغال، استقبلت نوال ووشحت كالأبطال، وكأنها خارجة للتو من سابق ليلة 8 غشت 1984. البداية كانت من المغرب، حيث استقبلها الآلاف بالهتاف في مركب محمد الخامس بمعية الأسطورة سعيد عويطة، عشية توشيحها بوسام الاستحقاق الوطني. سنة 1998 وشحها الرئيس السينغالي عبدو ضيوف بوسام الفارس، وسنة بعد ذلك عينت كسفيرة للنوايا الحسنة لليونسيف. ثم توشيح ملكي ثاني العام 2004 بوسام الاستحقاق الوطني من يد جلالة الملك محمدد السادس، ووسام مماثل من رئاسة الجمهورية التونسية في 2005. قبل خمس سنوات اصبحت نوال المتوكل سفيرة لأهداف التنمية من أجل الألفية التابعة للأمم المتحدة، وقبل سنة واحدة اختيرت من بين ال 50 شخصية الأكثر تأثيرا في السنة في إفريقيا. ولأنها من الأبطال الرياضيين القلائل الذين توفرت فيهم صفات القيادة والمعرفة، فقد خاضت نوال غمار التسيير الإداري داخل مؤسسات رياضية عالمية، بالتزامن مع التزاماتها السياسية والحقوقية. فنوال لا تنسى قضية المرأة بمفهومها الواسع، وتسعى من خلال كل ما تقوم به إلى إبراز الدور النسوي رياضيا، وفي باقي المجالات إن أمكن. منذ 1995 أصبحت نوال المتوكل عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لألعاب القوى. سنة 2012 حازت نوال عضوية اللجنة الأولمبية الدولية وأصبحت عضوا في لجنتها التنفيذية، قبل أن تصبح نائبا للرئيس سنة بعد ذلك. نوال عينت رئيسا للجنة الأولمبية التي قررت وجهة ألعاب دورة 2016 وكان عليها أن تختار بين المدن الخمس المتنافسة. اليوم نوال أيضا هي رئيسىة لجنة التنسيق للتحضير لألعاب ريو دي جانييرو المقررة صيف هذه السنة. نوال إذن ليست بطلة فحسب. نوال قيادية وسفيرة ومسيرة وسياسية ومدربة … مشوار نجاح باهر لا يتوقف، بالرغم من اختلاف العصور والأمكنة. تواريخ مهمة: 1962 : الولادة بالدارالبيضاء 1978 : الاحتراف الرياضي 1980 : الالتحاق بجامعة ايوا الأمريكية والتخرج منها بدبلوم الماجستير في العلوم الرياضية 1984 : ذهبية ال400 حواجز في أولمبياد لوس انجلوس 1995 : عضوا في الاتحاد الدولي لألعاب القوى 1997 – 2007 : كاتبة دولة ووزيرة للرياضة 2012 : عضوية المكتب التنفيذية في اللجنة الأولمبية الدولية 2013 : نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية