إذا صحت الفرضية التي تقول بأن هاجس الإعداد للانتخابات التشريعية القادمة يقف وراء إقدام وزارة الداخلية، في هذا التوقيت، على إجراء حركة التنقيلات و التعيينات الجديدة في الإدارة الترابية، فإن التساؤل عن المعيار الذي بموجبه شملت الحركة أقاليم دون غيرها يجد لنفسه مبررا و سندا قويين، خصوصا أن عددا من عمال الأقاليم عمَّروا أكثر مما ينبغي في مناصبهم، و أن بعضهم الآخر أشرف على السن القانونية للتقاعد مما يعني بالضرورة احترام الإشارات التي سبق و أن أطلقتها الحكومة الحالية حول العمل على تجديد دماء الداخلية و تشبيب أطر الوزارة، من خلال رفض ملتمسات الموافقة على التمديد للعمال و الولاة البالغين سن التقاعد… لكن شتان ما بين الفعل و التنظير.. فبقدرة قادر حظي، مثلا، السيد محمد علي اوقسو، عامل إقليمخنيفرة، بالموافقة على طلب التمديد الذي تقدم به للداخلية، محافظا بذلك على منصبه إلى ما شاء الله له ذلك… فما الذي أنجزه الرجل في ال46 شهرا التي قضاها على رأس العمالة حتى تتم مكافأته بهذا الشكل؟ مضت اليوم حوالي أربع سنوات إلا قليل على ذاك اليوم الذي تم فيه تنصيب محمد علي اوقسو عاملا على إقليمخنيفرة خلفا لسلفه "السوبر عامل" أوعلي حجير.. و ما بين تلك اللحظة و يوم الناس هذا، جرت مياه كثيرة تحت الجسر.. دارت الأرض مرات و مرات.. كبُر الصغار و بعض الكبار ماتوا.. تغير الحجر و البشر و بقي شيء واحد صامدا عصيا على التنمية و التغيير: هذه الرقعة من جغرافيا الوطن التي تسمى "خنيفرة"، فلا الإدارة الترابية و لا المجالس المنتخبة تمكنت من تحقيق آمال الساكنة في التنمية و التأهيل الحضري و اقتصادي المنشودين. لكل ذلك كانت ساكنة خنيفرة أكثر ترقبا من غيرها لما ستفرج عنه الحركة الانتقالية للعمال و الولاة من جديد قد يعوض عليها ما أخفقت فيه الانتخابات الأخيرة التي جعلت من شخص معزول من طرف الداخلية و متهم باختلاس أموال عمومية آمرا بالصرف بالإقليم… لكن شيئا من ذلك لم يحدث بعدما اقترح رئيس الحكومة على الملك وبمبادرة من وزير الداخلية استثناء إقليمخنيفرة من لائحة التعيينات الجديدة، ضاربا بذلك عرض الحائط بمطلب التغيير الذي تنادي به الساكنة التواقة لإقلاع حقيقي ينتشلها من تبعات "السورسي" الذي وضعتها فيه ظروف سياسية قذرة… و رغم أنه من الإجحاف تحميل العامل الحالي مسؤولية عقود من التهميش و الإقصاء التي عانى منها إقليمخنيفرة، فإن ذلك لا يمنع من التساؤل عن النجاحات التي رأت المصالح المركزية لوزارة الداخلية أنه قد حققها سواء على المستوى التنموي أو السياسي، خصوصا في ظل "شبهة" التعاطف مع "معسكر" ضد آخر و التي تسببت في انسحاب منتدبي 10 جماعات قروية و حضرية من عملية انتخاب المكتب المسير لمجموعة الجماعات "الأطلس"، و كذا اتهام العمالة بوضعها آليات و معدات تابعة للدولة رهن إشارة برلماني من أجل تشييد لفيلا بمنطقة أروكو أواسط شهر دجنبر الماضي، ثم تسخير نفس المعدات لصالح برلماني ثان من أجل قيامه بعملية الاستغلال و الاستخراج من مقلع في ملكيته بالجماعة القروية الحمّام و هي الاتهامات التي رد عليها أحمد حصاد بالتمديد لمحمد علي اوقسو على راس عمالة خنيفرة لفترة زمنية لا يعلم أمدها إلا الله. محمد فكراوي