صلاحيات الولاة والعمال الولاة والعمال تحت سلطة رئيس الحكومة. تعيين الولاة والعمال يكون باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني ويتم ذلك داخل المجلس الوزاري. يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية. يعمل الولاة والعمال باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية. يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، خاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات، والبرامج التنموية.
العامل الذي استقال طوعا في سنة 1979 غادر المهدي متقي كرسي عمالة الجديدة، بعد أن جمع أغراضه وودع موظفيه وأصدقاءه، واستدعى شاحنة لنقل أثاث منزله الوظيفي عائدا إلى بيته في الدارالبيضاء. لم يكن أحد يصدق أن عاملا يقتسم مع ادريس البصري كاتب الدولة في الداخلية آنذاك، سيقدم على قرار الاستقالة، في زمن لم يكن فيه العمال يغادرون مقرات عملهم إلا بالإقالة أو الإحالة على التقاعد أو الموت. عرف عن المهدي منذ تعيينه عاملا على إقليمآسفي، موقفه الرافض للقرارات الفوقية، بل إنه رفض الانخراط في لعبة الانتخابات التي رسمها البصري، ودخل في صراع مع الاتحاديين، وظل، حسب شهادات لحسن بروكسي، "رافضا الانصياع لقرارات الداخلية، رغم ما يربطه مع إدريس البصري من علاقة صداقة ترجع إلى فترة الطفولة في سطات، كما درسا سويا في إحدى ثانويات الدارالبيضاء". يعود سر استقالة عامل الجديدة إلى رسالة تنبيه توصل بها من المصالح المركزية، تحمل بين سطورها عتابا أشبه بالتوبيخ، على خلفية اجتماع أقيم في الرباط قالت عنه العيون الاستخباراتية للبصري إن متقي "كان مخلا بطقوس البروتوكول في حضرة الملك الحسن الثاني". وهو ما جعل فكرة مغادرة صرح الداخلية تكبر في دواخله، قبل أن يقرر تحرير سطور رسالة استقالة فوجئ بها البصري لكنه قبلها على مضض. كان بروكسي يستفز البصري حين يقول له بأن متقي أكثر منه تمرسا باللعبة السياسية، بل إن العامل كان يرد على قرارات الداخلية، بإغلاق هاتفه ووضع جهاز التيليكس المرتبط بالوزارة خارج الخدمة، وهو الذي كان يفضل إعداد وجبة الانتخابات على نار هادئة بعيدا عن وصفة الوزارة، التي كانت ترفض خروج متقي عن النص. غادر المهدي السلطة، وانتاب علاقته مع ادريس البصري الكثير من الجفاء، لاسيما وأن بيته ظل مقصدا للوزير كلما حل بالدارالبيضاء. عاد الرجل إلى مكتبه كموثق وهي المهمة التي مارسها في مراكشوالدارالبيضاء، قبل أن يدخل دهاليز الإدارة الترابية. لكن ليس البصري هو المساند الرسمي للعامل المستقيل، بل إنه كان يتمتع بمكانة خاصة لدى الجنرال مولاي حفيظ العلوي، وهو الذي كان له فضل كبير في تعيين إدريس البصري على رأس مديرية الشؤون العامة. رغم أنه من النادر أن يلجأ عامل إلى الاستقالة، إلا أن الملك الحسن الثاني لم يكن يعارض اللجوء لهذا الخيار، إذ كان يوصي وزيره الأقوى بقبول استقالة أي مسؤول في الوزارة كشف عن رغبته في القطع مع الإدارة الترابية والاستمتاع بما تبقى من أيام العمر في راحة تعفي الأذهان من حالة التوجس التي تنتابها مع رنة هواتف أم الوزارات.
جلموس: أول ضحايا اكديم إيزيك سقط اسم محمد جلموس فجأة من لائحة تعيينات العمال والولاة ومسؤولي الإدارة الترابية، وتبين أن أحداث مخيم اكديم إيزيك بضواحي العيون قد أطاحت بوالي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، رغم تعيينه لبضعة أيام في منصب آخر كوال على جهة دكالة عبدة وعامل لإقليمآسفي، دون أن يمارس مهامه في هذا التعيين الملفوف بالغموض، بينما تم تعيين خليل الدخيل بديلا له بالعيون. وهو من القيادات السابقة للبوليساريو ويعتبر من العائدين إلى الوطن، مما يؤكد رغبة الدولة في وضع الرجل الصحراوي المناسب في بؤرة التوتر المناسبة. لا يدري محمد جلموس، الذي يقضي ما تبقى من حياته في مدينة أكادير بعيدا عن هواجس السلطة، ما إذا كان فشله في تدبير ملف شغب العيون هو الذي أعفاه من نياشين السلطة، أو إصراره على التقيد بالتعليمات القادمة من العاصمة الرباط بشكل حرفي، وما ترتب عنه من فشل في تدبير الاختلاف بحيز نفوذه الترابي، وراء معضلته، ومما قوى فرضية المقاربة الزجرية في قرار إعفاء جلموس هو صدور قرارات موازية أعفت كثيرا من مسؤولي مؤسسة العمران من مهامهم، في ما عرف بالتوزيع الفوضوي لأراضي الدولة على المحتجين، فضلا عن إعفاء القائد الجهوي للدرك الملكي بالعيون نتيجة "لفشله في مقاربته للأوضاع الأمنية بالمنطقة ذاتها. صحيح أن جلموس هو من أشد المقربين لإلياس العماري ولفؤاد عالي الهمة منذ فترة إشرافه على الشأن العام لعمالة إقليمقلعة السراغنة، إلا أن الداخلية لا تعترف بالصداقات، بعد أن عجز رفاق الأمس عن تثبيت الرجل واليا على عبدة دكالة، وكأن شبح مخيم اكديم إيزيك ظل يرافقه، فأصبح في اعتقاد السلطات المركزية عنصرا غير قادر على احتواء الغضب الشعبي، عاجز عن تدبير شؤون نفوذه الترابي رغم الإمكانيات الكبيرة المتاحة له ماديا ولوجيستيكيا بجهة العيون الساقية الحمراء. يقضي جلموس سحابة يومه في متابعة الأخبار، بعيدا عن مكاتب العمالات في بيته بأكادير حيث زرقة البحر وهدوء النفس، الذي يطرد عنه كوابيس اكديم إيزيك كلما لاحت في الأفق.
أوعلي: هذا ما جناه عليّ والدي قبل أن يدشن أي مشروع تنموي في خنيفرة، اختار الملك محمد السادس أثناء زيارته لإقليم زيان، عزل العامل أحمد اشويحات، وتم على الفور تنصيب أوعلي حجير ابن المنطقة في مراسيم استعجالية، كشفت غضبة الملك محمد السادس من الوضع الاجتماعي والاحتقان الذي عرفه الإقليم، خاصة في منطقة أنفكو التابعة لتراب الإقليم، لاسيما وأن ساكنة هذه المنطقة المعزولة أعلنت العصيان السياسي ضد تردي الوضع الاجتماعي، إذ رفض الأهالي المشاركة في العملية الانتخابية، بل ورفضوا تسلم بطائق الناخب إلا بعد جهد جهيد وتدخلات أقنعتهم بجدوى الانخراط في التدبير الجماعي. واستند الإعفاء الاستعجالي إلى تقارير مديرية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتقاطرت على الديوان الملكي رسائل الاحتجاج. لكن الطريف في علاقة خنيفرة بعمالها، أنها ظلت مختبرا للتجارب، إذ ما أن استوى أوعلي حجير العامل الجديد لخنيفرة، في مجلسه وتسلم مهامه في تنصيب كبير، حتى دار جدل واسع حول تفاصيل ترشح ابنه فؤاد حجير للانتخابات التشريعية بلون حزب الأصالة والمعاصرة في نفس الإقليم، رغم أن الابن اعتبر ترشيحه للانتخابات في إقليم يوجد والده على رأس إدارته الترابية، هو "أكبر تحد للممارسة الديمقراطية الحقيقية، التي يجب أن تسود وتصبح ثقافة بالمغرب بعد تنزيل مضامين الدستور الجديد"، وأصر الفتى على القول "ها أنا ذا وليس كان أبي". لكن رياح التغيير هبت على العامل، وتم تعيين عامل جديد لإقليمخنيفرة في شخص محمد علي أوقسو، خلفا لحجير، دون أن يشغل هذا الأخير أي منصب مماثل، وأحيل على مصالح الإدارة المركزية. ولسان حاله يقول: "هذا ما جناه ابني علي".
بنحبريط: عامل طنجة الذي أقاله البصري بسبب قطعة أرضية يروي الدكتور لحسن بروكسي في مذكراته عن الخطط، التي كانت تعدها وزارة الداخلية لمعاقبة العديد من الولاة والعمال، الذين حادوا عن الطريق أو ارتكبوا خروقات خلال ممارسة عملهم، وتحدث عن إنجاز وزارة الداخلية "لائحة سوداء" بأسماء الولاة والعمال، الذين قامت لجان التفتيش المركزية بمراقبة عملهم ومساءلتهم. وحسب المصدر نفسه، فإن اللائحة المذكورة يتم التداول فيها من طرف مصالح الوزارة، خصوصا بعد وقوف جهات عليا على خروقات خطيرة ارتكبها بعض الولاة والعمال، إضافة إلى الشكايات التي توصلت بها وزارة الداخلية حول ممارسات غير قانونية قام بها بعض رجال السلطة بعد اختبار الخرجات التفتيشية، وما رافقها من تقارير مثيرة للجدل. كان إدريس البصري، وهو حينها مجرد كاتب للدولة في الداخلية، سعيدا وهو يتابع في ساعة متأخرة من الليل التقارير السرية الواردة عليه، وبين الفينة والأخرى يثني على المفتشين أو يطلب المزيد من التوضيحات. في ظل هذه الفترة، تلقى محمد بنحبريط، العامل السابق على إقليم طنجة، بشكل مفاجئ، قرار إنهاء مهامه وإلحاقه بوزارة الداخلية، "لقد علمت أن خلافا قد سرى بينه وبين البصري، بسبب قصة قطعة أرضية بأكدال اشتراها الرجلان، قبل أن يكتشف إدريس أن شريكه أدى ثمنها لوحده وسجل ملكيتها دون إشعار مسبق، وحين التحق بالوزارة كلفه البصري بأبشع المهام، أي الإشراف على رجال السلطة، في هذه الظرفية كنت حريصا على مرافقة بنحبريط، حيث كنا نقضي وقتا طويلا في مساندة ودعم بعضنا البعض"، يقول بروكسي. ولأنه من النادر في تلك الظرفية، أن تصادف عاملا حاول السطو على قطعة أرضية، بالرغم من الملكية المشتركة بينه وبين رئيسه المباشر، لذا باشر بعض كبار المسؤولين محاولات تقريب وجهات النظر وتذويب الخلاف، بل إن بروكسي يؤكد في مذكراته ل"المساء" تدخله لدى بنهيمة، وزير الداخلية، لرأب الصدع، مستغلا فرصة تقديمه لبنهيمة تقريرا مفصلا حول مديرية الشؤون العامة، نال إعجاب الوزير، قبل أن يعرضه على الملك الحسن الثاني، إذ استثمر بروكسي هذه الحظوة، وتدخل لدى بنهيمة من أجل تذويب الخلاف بين البصري وبنحبريط، خاصة أن هذا الأخير عانى الكثير من غضبة إدريس. وعلى الفور، قبل ملتمسه الذي اعتبرته مناسبة لإعادة البصري إلى نقطة الصفر، قبل أن ينجح في مساعيه ويتدخل بخيط أبيض في النزاع الذي نشب بين البصري وبنحبريط، ويعيد الأمور إلى نصابها.
ولاة بين المغادرة الطوعية والجبرية كون وزير الداخلية السابق ادريس البصري تشكيلة قارة من العمال والولاة، لا تقبل التعديل إلا عند الضرورة القصوى، وغالبا ما يحرص أقوى وزير في عهد الحسن الثاني على الإبقاء على نواته الصلبة في الإدارة الترابية ويكيف التعيينات على رأس الولايات والعمالات والأقاليم وفق معطيات تتداخل فيها المصالح مع أمن الدولة. ولأن الدارالبيضاء هي قطب الرحى، فقد عمل ابن الشاوية على إسناد أمورها إلى رجال ثقة، لأنها المدينة التي تلد ذهبا. فمنذ التقطيع الجديد للعاصمة الاقتصادية، على خلفية أحداث يونيو 1981، عين البصري "ثقاته"، فوضع أحمد شوقي لمدة طويلة على رأس عمالة عين السبع الحي المحمدي، قبل أن يسند إليه أمور عمالة إقليم خريبكة والجديدة، ووضع مصطفى العلمي على رأس عمالة ابن مسيك سيدي عثمان، وعبد العزيز لعفورة في عمالة عين الشق الحي الحسني أولا، ثم عمالة عين السبع الحي المحمدي، بعد أن قضى فترة على رأس إقليم بن سليمان وعمالة المحمدية، وحسن الرحموني بالمحمدية وبالحي الحسني. وكان للبصري رجالات راكموا تجربة طويلة في الإدارة الترابية أغلبهم لهم انتماءات من الشاوية على غرار الوالي حمودة القايد، والوالي أحمد مطيع، ناهيك عن أسماء أخرى ظلت أساسية في تشكيلة العمال كعبد الكبير بوعسرية في إقليم بن سليمان وعبد الفتاح مجاهد في ولاية سطات وإدريس العموني في عمالة المحمدية، مع امتدادات إلى الجنوب وتحديدا بأكادير في شخص عبد الكريم لعروسي وأحمد أمجاد. من بين هؤلاء من اختار التقاعد النسبي، ومنهم من أحيل مبكرا على التقاعد، ومنهم من عاش محنة الاعتقال، ومنهم من انتقل إلى عفو الله بعد أن قضى آخر أيامه مفلسا، فيما استمر آخرون إلى ما بعد رحيل البصري قبل أن يداهمهم التقاعد على غرار محمد الإبراهيمي، وهو الذي شغل منصب رئيس قسم الجماعات المحلية في وزارة الداخلية، والوالي السابق لوجدة، يضاف إليه بن ابراهيم، الذي تدرج عبر مختلف المسؤوليات الترابية قبل أن يصبح الرجل الأول في إدارة مراقبة التراب الوطني.
لعفورة: صك البراءة الذي لا يفيد رغم أن القضاء قد أصدر حكما باسم جلالة الملك، تلاه القاضي عبد العالي العبودي، رئيس الغرفة الأولى بالمجلس الأعلى، يقضي ببراءة عبد العزيز العفورة، العامل السابق لعمالة عين السبع الحي المحمدي وعين الشق الحي الحسني بالدارالبيضاء، من جميع التهم المنسوبة إليه، والتي كبدته في وقت سابق حكما بعشر سنوات سجنا نافذا، ورغم أن رجل السلطة، الذي اعتبر من رجالات البصري الأوفياء، قد نال براءة تامة من التهم التي كانت منسوبة إليه، وتتعلق ب"استغلال النفوذ والمساهمة والمشاركة في تبديد واختلاس أموال عمومية وتزوير محررات رسمية واستعمالها وتزوير أوراق تجارية وبنكية والارتشاء"، إلا أن قرار المحكمة لم يكن كافيا ليعود الرجل إلى وظيفته، علما أن المجلس الأعلى قضى أيضا برفع الحجز التام عن ممتلكات عبد العزيز "وتحميل صائر الدعوى للخزينة العامة للمملكة"، فلم يعد لعفورة لمزاولة مهامه كما تقتضي القوانين. قضى العامل السابق أربع سنوات و23 يوما خلف القضبان، قبل أن يستخلص بشق الأنفس قرار البراءة، وتقول مصادر مقربة من العفورة إنه لم يكن مؤازرا من أي صديق خلال جلسة النطق بالحكم باستثناء محاميه، الذي أعاده على متن سيارته في الساعات الأولى من الصباح إلى بيته بالدارالبيضاء، وحدهم السجناء الذين اقتسموا معه جناح المعتقل هم الذين استفاقوا ووقفوا في طابور المودعين لعامل اكتشفوا أنه مختلف تماما عن بقية رجال السلطة، خاصة حين اكتشفوا في عينيه دموعا معتقلة. قالت العدالة كلمتها، لكن الداخلية ظلت صامتة أمام هذه البراءة، وكأن العفورة لم يغادر بعد المعتقل. لكن جبر الضرر الحقيقي هو لقاء عبد العزيز مع ابنه الصغير الذي لم يره مطلقا منذ أن دخل السجن، وأسرته الصغيرة وقلة من الأصدقاء الذين شكلوا حوله دعامة نفسية خلال فترة الانتقال من الاعتقال إلى الحرية، لاسيما بعض اللاعبين الدوليين القدامى وأغلبهم من الوداديين الذين لا يترددون في دعوته لحضور مجموعة من الملتقيات الرياضية، لشحن المعنويات من جديدة والقطع مع الماضي القريب. صحيح أن الحكم ببراءة العفورة هو "انتصار للعدالة" كما قال محاميه بوشعيب خرباشي، إلا أن عبد العزيز وكثير من المدانين في هذا الملف الذي يرجع إلى سنة 2004، لم يستفيدوا من "جبر الضرر"، وظل وضعهم المهني معلقا.
الشرايبي: الوالي الذي أعفي بسبب شكاية خلافا لكثير من قرارات وزارة الداخلية، في الشق المتعلق بالعزل أو التدبير الزجري، ذكر بيان صادر عن اللجنة المركزية للانتخابات، أنها رصدت "اختلالات كبيرة" في الخدمات الإدارية للولاية وقررت بالتالي "إعفاء منير الشرايبي من مهامه كوالي على جهة مراكش تانسيفت الحوز. أصل النازلة شكاية من مرشح عن جبهة القوى الاشتراكية يرصد فيها مخالفات في مكتب التصويت، مما دفع المحكمة الإدارية إلى إلغاء نتائج انتخابات 12 يونيو 2009 الجماعية في بلدية المنارة، لتلغي بالتالي انتخاب فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش. وبعد مرور شهر على الاقتراع، نظم مسؤولو حزب الأصالة والمعاصرة إضرابا على مدى 48 ساعة للاحتجاج على القرار، مما أسفر عن عزل منير الشرايبي. وحسب عمدة مراكش، فإن الوالي طلب منها تفويض المهام الاستراتيجية، خاصة الإسكان، لصالحه، وهو ما دفع المنصوري إلى عقد ندوة صحفية لكشف المستور، ولأن المنصوري تعد ذراعا لحزب الأصالة والمعاصرة، فقد أصدر الحزب بيانا كشف فيه "عورات" تدبير الشأن الجماعي في عهد الشرايبي، وهو ما جعل بقية رجال السلطة يقفون على مدى القوة التي يملكها "البام" في الساحة السياسية، خاصة في ظل السرعة في اتخاذ قرار العزل. ولم يكتف حزب الأصالة والمعاصرة بفتح جبهة مع والي جهة مراكش تانسيفت الحوز، بل إن "البام" قدم ملفا كاملا يوضح بالتفصيل "التصرفات غير اللائقة للولاة والعمال في عدد من المدن"، ولجأ بالموازاة مع ذلك لحرب إعلامية. لكن قيادات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وصفت قرار وزارة الداخلية بإعفاء منير الشرايبي، ب"العبث والالتباس الذي بات يميز الحياة السياسية بعد ظهور الحزب الجديد". ووصف الاتحاديون ما حصل في مراكش والسرعة في تنفيذ القرار ببوادر مرحلة جديدة عبارة عن نقلة نوعية من "حزب الدولة إلى دولة الحزب". انتهت علاقة التيقنوقراطي منير بالإدارة الترابية، وهو خريج مدرسة البوليتكنيك الشهيرة، والذي جيء به من قطاع اجتماع، بعد أن شغل منصب مدير عام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكان يمارس مجموعة من الأعمال الجمعوية، لاسيما في الشق الرياضي، حين شغل لفترات منصب نائب رئيس للرجاء البيضاوي، وهو الهوس الكروي الذي لازال يحركه حتى وهو بعيد عن السلطة.
فيتو بنكيران ضد دادس في الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر تعيين عبد العزيز دادس، العامل السابق للمحمدية، على رأس ولاية الدارالبيضاء، أعلن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، حق الفيتو واعترض على تعيينه واليا على العاصمة الاقتصادية. انتصبت عشرات علامات الاستفهام بحثا عن سر الاعتراض بالرغم من خلو صحيفة سوابق دادس من الخدوش الفاسدة، سواء حين كان عاملا على عمالة الفداء مرس السلطان أو في المحمدية، أو حين كان عاملا مكلفا بتدبير ملف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بل ومنذ أن كان رجل سلطة في برشيد. وحسب مصادر مقربة من حزب العدالة والتنمية، فإن خلافا قديما بين العامل وبعض قيادات حزب المصباح في فترة وجود دادس على رأس عمالة الفداء، هو الذي دفع رئيس الحكومة للاستجابة لملتمس أصدقائه في الحزب، والاعتراض على اسم دادس، وهو ما اعترف به رئيس الحكومة حين أكد اعتراضه على اسم واحد في لائحة العمال والولاة دون أن يكشف عنه. وقالت مصادر مقربة من الحزب الحاكم، إن بنكيران قد سجل اعتراضه هاتفيا من خلال مكالمة مع الملك محمد السادس، حيث "عبر رئيس الحكومة للملك بلطف عن تحفظه على اسم واحد هو عبد العزيز دادس، لكنه ترك الباب مفتوحا أمام تعيينه إن كان الملك يرى فيه مسؤولا كفؤا، إلا أن رد الملك كان حازما حيث اعتبر تحفظ رئيس الحكومة موجبا لحذف اسم "دادس" عامل المحمدية من لائحة التعيينات"، رغم أن كل الشهادات حتى الصادرة عن خصومه تمنح العامل صك البراءة من الفساد والمفسدين، إذ تتحدث بعض الروايات عن "عدم امتلاكه حتى لمسكن خاص بعائلته"، مذكرة بأنه معروف في أوساط الدارالبيضاء باستقامته، وارتباطه بالعمل الجمعوي، حيث كان منخرطا لفترة طويلة في نادي الوداد البيضاوي، وعمل إلى جانب كثير من القيادات الرياضية في بلورة مشروع "كازا فوت"، الذي جاء ردا على أحداث 16 ماي للتصدي للتطرف الديني، من خلال ملاعب القرب، لاسيما في سيدي مومن وبعض المناطق الشعبية، كما عرف عنه تصديه لخرجات 20 فبراير في فضالة، ومعرفته الدقيقة لملفات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلا أن هذا "البروفايل" لم يشفع له أمام فيتو بنكيران ومن معه.
مريمي: أطاحت به مزحة تقيلة بين يناير 2012 ومارس من نفس السنة، كان ملف عامل إقليمسيدي بنور، جمال الدين مريمي، يجوب دهاليز وزارة الداخلية، ليصل بين يدي رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الذي أحاله على ملك البلاد محمد السادس، الذي زكى قرار الحكومة واستجاب لمطلب حزب المصباح الذي شعر بالإهانة وهو يتلقى كتابات من سيدي بنور تجمع على أن العامل يكن العداء لقيادة حزب العدالة، ولا يفوت الفرصة دون التنكيل ببعض رموز الحكومة، فصدر بلاغ في ثامن مارس من السنة ذاتها، يقضي بعزل العامل نظرا "لمسه باعتبار وشرف عضو في الحكومة وإخلاله بواجب التحفظ المفروض على موظفي وأعوان الدولة"، وفي الوقت الذي كانت فيه سيدي بنور تحتفل باليوم العالمي للمرأة، كانت ساكنة المدينة تتداول همسا وجهرا قصة الكلاب الضالة التي عصفت بالمستقبل المهني لعامل الإقليم. قال بلاغ وزارة الداخلية، إن تفاصيل القضية تعود إلى نهاية شهر يناير من سنة 2012، حين كان العامل يترأس بمقر عمالة سيدي بنور اجتماعا خصص للإعداد للزيارة الملكية المرتقبة للإقليم، بحضور رؤساء مجموعة من المصالح الداخلية والخارجية ورئيس الجماعة القروية للمشرك، وباشا مدينة سيدي بنور، ورئيس الدائرة، ونائب رئيس البلدية. وأثناء الحديث عن التدابير المزمع اتخاذها للحد من ظاهرة انتشار الكلاب الضالة، تحدث رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالعمالة، عن برنامج لمحاربة هذه الفئة من الكلاب، حينها تناول الكلمة عامل الإقليم ليعلق على التدخل ويعرب عن تدمره من تنامي الظاهرة، مؤكدا بأن المجهودات التي تحدث عنها رئيس القسم الاقتصادي والاجتماعي غير كافية، وزاد "الكلاب الضالة تغزو الإقليم، ففي طريقي إلى جماعة الواليدية، صادفت 17 كلبا يتقدمهم كلبان "بلحية"، أحدهما يشبه وزير الدولة، متبوعين بكلبتين كأنهما زوجتيه"، البعض انفجر ضاحكا والكثيرون استاءوا من التشبيه المقزز واعتقلوا التعليق. لم تمر "المستملحة" مرور الكرام، فقد احتج أحد الحاضرين وينتمي لحزب العدالة والتنمية، وتوقف الاجتماع لدقائق قبل أن يتم استئنافه نظرا لجدول أعماله الخاص بتدابير الزيارة الملكية، ليتبين أن العامل شبه عبد الله باها الساعد الأيمن لبنكيران بالكلب الملتحي ضدا على مشاعر الحاضرين، الذين رفع بعضهم القضية إلى الجهات الحزبية على مستوى إقليم دكالة، كما نقلت تقارير استخباراتية الواقعة بالتفصيل الممل إلى الدوائر الأمنية العليا، مما ترتب عنه استدعاء العامل للمثول أمام المحققين الذين واجهوه بالمنسوب إليه، وأرسلت مصالح الداخلية مفتشين عنها لاستقصاء الأمر قبل إصدار قرار العزل في بيان عممته وكالة المغرب العربي للأنباء على الرأي العام.