المغرب مطالب بملاءمة إطاراته التشريعية والتنظيمية لأجل رفع التمييز عن مرضى السيدا وضمان حقوقهم الإنسانية. كما أن الاستيراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والسيدا، التي أطلقتها وزارة الصحة في ماي 2014 بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمدمجة لبعد حقوق الإنسان في محاربة الداء، «مرهونة فعالية وقعها في الميدان بتوافر منظومة تشريعية و تنظيمية تمتح من المرجعية الدولية في هذا المضمار» هذا ما أكده المندوب الوزاري في حقوق الإنسان المحجوب الهيبة. وشددت كلمة المندوب الوزاري، التي تلاها نيابة عنه الخبير القانوني بالمندوبية الوزارية حميد عشاق في ورشة خاصة بتقديم دراسة حول المحيط التشريعي والتنظيمي المتصل بفيروس نقص المناعة من تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على ضرورة :«توفير بيئة قانونية مساعدة من خلال العمل على ملاءمة التشريعات الوطنية مع مبادئ وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان» وذلك بغاية «تحقيق تطور إيجابي في مجال حقوق الإنسان وارتباطها بفيروس السيدا». وأجملت كلمة المحجوب الهيبة أبرز المجالات، التي لا بد من التبئير عليها في مقترح المراجعة التشريعية والتنظيمية، في: « ضمان الحق في الرعاية الصحية والولوج إلى العلاج، وعدم المتابعة الجنائية للمرضى المصابين، وتوفير المساعدة القانونية والقضائية لهم، وتمتيعهم بأعذار معفية من العقاب في بعض الجرائم، وحماية المرضى من المعتقلين والمسجونين، وضمان التعويض في حالة مسؤولية مرافق الدولة على اكتساب المرض كالدم الملوث والحقن الملوثة، وكفالة مجانية العلاج والتكفل الاجتماعي والنفسي للمرضى، وحماية المعطيات الشخصية للمصابين، وتعزيز العقوبات الجنائية، وتوفير مداخيل لجبر الضرر». أما على مستوى التدابير الوقائية، فركزت كلمة المندوب الوزاري على «تقوية المقاربة الوقائية من خلال تقوية الوعي بمخاطر المرض وتوفير المعطيات بشأنه والتوعية بحقوق الضحايا، ومكافحة الأسباب المؤدية إلى انتشار المرض وخاصة تعاطي المخدرات والتناوب على استعمال المواد الناقلة للفيروس بين الأفراد ومعاقبة المتسببين في المرض». واعتبر المحجوب الهيبة في كلمته أن الأهداف من مراجعة الإطار التشريعي والتنظيمي الوطني في علاقته بفيروس السيدا، لابد من أن يهدف تحقيق 3 أهداف أساسية هي : «مكافحة مظاهر التمييز وعدم المساواة في الولوج للعلاج بالنسبة لفئة اجتماعية تعاني من تمثلات اجتماعية وثقافية تمس بالكرامة الإنسانية للمرضى وحاملي الفيروس وذويهم، و تحقيق العلاج والإدماج الاجتماعي للمرضى وحاملي الفيروس، وتعزيز التضامن الاجتماعي معهم ومع عائلاتهم، و الوقاية من الأخطار الصحية للمجتمع في ما يتعلق بانتشار الداء وتوفير معطيات دقيقة حوله وحول المصابين به والتحديات المطروحة في مجالي الوقاية والعلاج» . وزادت الكلمة أن ضمان الحقوق لفئة المرضى بالسيدا، لا بد من أن ترتكز على «كفالة المساواة بينهم وغيرهم من المواطنين في ما يهم التمتع بباقي حقوق الإنسان الأخرى من مثل التعليم والعمل والسكن والضمان الاجتماعي والمشاركة في الحياة العامة والحريات الأساسية». وأياما قليلة قبل حلول اليوم العالمي لمحاربة التمييز، الذي يحييه العالم في الثالث من شهر مارس، وفي إطار دائما الاستيراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والسيدا، قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان ورشة خاصة بتقديم دراسة حول المحيط التشريعي والتنظيمي المتصل بفيروس نقص المناعة، يوم الخميس 25فبراير 2015. وهي الدراسة، التي استهدفت، وفق ما أكده الأمين العام للمجلس محمد الصبار، دراسة وتحليل النصوص التشريعية والتنظيمية الوطنية في علاقتها بفيروس نقص المناعة المكتسب مستلهمة في منهجيتها وأسسها ومقارباتها المعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان عامة وحقوق الأشخاص المتعايشين مع السيدا والأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة به. وقد أبرزت الدراسة، التي أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشراكة مع وزارة الصحة بدعم من برنامج الأممالمتحدة المشترك لمكافحة السيدا والصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والملاريا، واستهدفت البحث في نواقص الإطار التشريعي والتنظيمي المغربي، (أبرزت) أن الترسانة التشريعية والقانونية المغربية تتضمن مقتضيات تحظر أشكال التمييز وتضمن المساواة في الحقوق سيما الحقوق المتصلة بالصحة، إلا أن معاناة المرضى والمتعايشين مع الفيروس، من التمييز، تتكرس أكثر على أرض الواقع من خلال الممارسات التمييزية التي هم عرضة لها في المؤسسات، والتي تظل عوائق أساسية أمام ولوج هؤلاء الأشخاص إلى الخدمات. وأوضحت الدراسة أن هذه العوائق تتمثل، خصوصا، في رفض تقديم الرعاية الصحية لهذه الفئة، خاصة في مجال طب الأسنان والجراحة. فضلا عن أنهم يشتكون، على المستوى المهني والفضاءات المهنية، من الطرد التعسفي بسبب إصابتهم. وذلك لأن معطياتهم الشخصية لا تحظى بالسرية في مجموعة من الوضعيات (بالمستشفيات والسجون وأماكن العمل)، وهو ما ينعكس سلبا على التكفل بهذه الفئة. وأشارت الدراسة إلى أنه وبسبب صعوبة الولوج إلى المساعدة القانونية، وصعوبة إثبات الممارسات التمييزية في حقهم بسبب المرض، فإن هذه الفئة لا تلجأ إلى القضاء بشكل فردي وتلقائي لمتابعة الجهات الممارسة للتمييز ضدها. علما أن الإطار القانوني المتصل بالتمييز لا يُدمج بشكل واضح فيروس السيدا كسبب تمييزي. كما أن مدونة الشغل والقانون الجنائي معا لا يُحددان في بنودهما فيروس نقص المناعة المكتسب كسبب للتمييز.