إيقاع واحد كان سيد الموقف نهار أمس، أثناء عرض عبد الإله بنكيران للتصريح الحكومي أمام برلمانيي الأمة: الكل يحتج عاطلون ونساء ومعارضون. داخل مبنى البرلمان كما في الخارج، الكل كان يحتج على رئيس الحكومة. عاطلون ونواب ونساء... الكل يحتج، لكن لكل غايته من الاحتجاج، العاطلون قادوا احتجاجا منذ الصباح أمام الباب الرئيسي للبرلمان، وهم الذين باتوا ليلتهم على وقع إقدام ثلاثة من رفاقهم على حرق ذواتهم عصر أمس في ملحقة وزارة التربية الوطنية. رفع العاطلون أصواتهم ضد بنكيران، مستنكرين أن يكون أول عهده بالعمل الحكومي إحراق العاطلين لأنفسهم على بعد خطوات من بناية البرلمان. شريحة أخرى رفعت هي الأخرى عقيرة الاحتجاج خارج بناية البرلمان وكان لها من يمثلها في الداخل. عدد من المنظمات النسائية كانت قد نظمت وقفة أمام مبنى البرلمان للتنديد بالتمثيلية القليلة للنساء في حكومة عبد الإله بنكيران. كان للحركة النسائية من يمثلها داخل قبة مجلس النواب. مجموعة من البرلمانيات قد أعددن العدة لرفع لافتات الاحتجاج أثناء تلاوة البرنامج الحكومي، حيث أتيحت الفرصة أمام البرلمانيات لرفع لافتات الاحتجاج عندما أتى عبد الاله بنكيران على ذكر المناصفة في البرنامج الحكومي. بنكيران وجد طريقة لامتصاص غضب البرلمانيات بعدما قال لهن «أنتن تعلمن صدق قولي وفعلي»، وسرعان ما تحول الاحتجاج إلى تصفيق ملأ القاعة. خارج مبني البرلمان كان العاطلون في أوج الاحتجاج، الذي لم يقتصر على البوابة الرئيسية، بل كان الباب المخصص لولوج البرلمانيين غاصا عن آخره بالمحتجين. انشغل المصورون الصحافيون بالتقاط صور للمحتجين الذين تكلفت قوات الأمن بتفريقهم قبل مغادرة أعضاء الحكومة لمبنى البرلمان. احتجاج آخر كان هذه المرة صامتا قاده الصحافيون، الذين لم يتمكنوا من ولوج قاعة الجلسات العامة بمجلس النواب إلا بشق الأنفس، لأن أمن مجلس النواب قد منعهم من الدخول لقاعة الجلسات وأرشدوهم إلى إحدى القاعات الصغيرة الجانبية. تمكن رجال الإعلام كل بحسب الطريقة التي وجدها من إيجاد موطئ قدم داخل القاعة لمتابعة البرنامج الحكومي الذي أثار ضجة كبيرة قبل عرضه على أنظار أعضاء البرلمان. انتظر أعضاء مجلس النواب والمستشارين إلقاء عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة البرنامج، في المقهى وفي ردهات المجلس لم يكن من حديث لأعضاء البرلمان إلا عن التسريب الصحفي الذي جعل البرنامج الحكومي معمما لدى عموم المواطنين، قبل أن يعرض أمام برلمانيي الأمة. بعض البرلمانيين علق على الموضوع ساخرا .. يكفي بنكيران أن يقول «لنا ارجعوا للصحافة بدل أن يتلو تصريحه». وبالرغم من سخرية البرلمانيين من البرنامج الحكومي ككل وعدم جديتهم في متابعة تلاوة التصريح الذي تلاه بنكيران على امتداد ساعة ونصف، إلا أن بنكيران نجح حتى قبل أن يعرض الخطوط العامة للبرنامج الحكومي في امتصاص غضب فرق المعارضة، التي كان بعضها يهدد إما بالانسحاب من جلسة تلاوة الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي وإما برفع نقطة نظام قبل شروع بنكيران في عرضه. النساء البرلمانيات كن بصدد التهييء لرفع احتجاجات أثناء جلسة تلاوة البرنامج الحكومي. في الأخير لم تتح للبرلمانيات الفرصة إلا في رفع صوتهن عندما أتى رئيس الحكومة على ذكر المناصفة بين النساء والرجال. فرق المعارضة اكتفت هي الأخرى بالإنصات وخرجت لتقول، إن مراحل المناقشة لن تكون سهلة أمام عبد الإله بنكيران. تبين بعد بداية تلاوة البرنامج الحكومي، أن القاعة لم تكن مملوءة عن آخرها بالبرلمانيين. فرغم أن الجلسة كانت مشتركة بين أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين الذين كانوا مدعوين مجتمعين لسماع البرنامج الحكومي إلا أن أماكن جلوس البرلمانيين كان بعضها فارغا. بعض البرلمانيين فضل أن يتابع الجلسة في مقهى المجلس فيما فضل بعض البرلمانيين التغيب عن جلسة البرنامج الحكومي. بعض مرور دقائق على بداية الجلسة، توجه عبد الاله بنكيران بطلب للرئاسة التي عقدت مجتمعة بين كريم غلاب رئيس مجلس النواب ومحمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين ليلتمس منها طلب مغادرة المصورين الصحافيين لقاعة الجلسات، بعدما تبين أن الات التصوير تزعجه كثيرا وتشتت تركيزه. لم يكن الوقت مخصصا فقط لتلاوة البرنامج هناك بعض النواب الذين أحصوا على بنكيران زلاته اللغوية وعدد الأرقام التي سردها في البرنامج الحكومي التي قال بعضهم أنها لم تتجاوز الثلاثة أرقام، في مقابل تخصيص حيز كبير من الوقت لمحور دون آخر داخل البرنامج الحكومي. أحد النواب البرلمانيين الذي انشغل في تصفح صفحته على الفايس بوك كتب «أنه مقارنة مع النص المسرب,فإن رئيس الحكومة يقفز على بعض الفقرات، كما أنه أضاف فقرة غير موجودة تتعلق بجهود الحكومة في القضية الوطنية، دون ذلك نحن أمام نفس النص». كان هذا النائب يتوفر على نسخة من البرنامج الحكومي سرعان ما شرع في مقارنتها بالنسخة التي سلمت له في آخر الجلسة. الجيلالي بنحليمة