حكاية برنامج "ذوفويس" التي ابتدات منذ ثلاث سنوات خلت ،لايعرفها سوى الراسخون في العلم. هو مسابقة فنية،يتبارى فيها مشاركون اختيروا لتمثيل بلدانهم،بعدما اجبروا على اجتياز مراحل جد صعبة،ابتداء من التصفيات الاولى،مرورا بعروض المواجهة والعروض المباشرة وختاما بالمراحل المتقدمة لبلوغ النهائي،ثم الفوز بلقب احلى صوت.تضاف الى هذه التضاريس الوعرة ،قدرة المشاركة او المشارك على اقناع الحكام الاربعة ونيل رضى المشاهدين والمتتبعين لاستمالتهم والظفر باعلى نسبة التصويت المعبر عنها. منذ ولادته،احتفظ برنامج "ذوفويس" بطابعه الاحترافي ورؤيته الثاقبة واستراتيجيته الاقتصادية المدروسة،عبر تسويق عالمي ،لجلب العديد من المؤسسات الاقتصادية التي تقدم لنا صور اعلاناتها خلال العديد من الفواصل القادرة على خلق نوع من الاستقطاب الاعلامي لمنتوجات لم نعتد على مشاهدتها نحن في المغرب.وللمزيد من الربح المالي الذي يتساقط كالمطر على متنتجي هذا البرنامج.بالاضافة الى عائدات الرسائل القصيرة التي تحسم في مصير المشاركين وتربك حسابات جيوبنا. صورتان مختلفتان ومتناقضتان،يرسمهما برنامج "ذوفويس". الاولى منقحة ومنمقة بمساحيق متعددة الالوان،تلعب لعبا بافئدتنا وقلوبنا وتجبرنا على الجلوس اما التلفاز ازيد من ساعتين،منبهرين بتلك الانوار والأضواء الزاهية المشعة والمنبعثة من مسرح "ذوفويس" الثلاثي الابعاد والمؤثث بجمهور اختير بإمعان، لتلميع صورة المسابقة ،مع وجود لجنة التحكيم الرباعية المختارة باحترافية عالية واستغلال شهرة اعضائها ومصداقيتهم وتعاطف وحب المشاهدين العرب وغير العرب لهم.حيث اعطيت لهم جميع الصلاحيات اولنقل بعضها للتحكم في مصير المشاركين ومنحهم تاشيرة المرور الى الادوار النهائية،حسب قناعاتهم وميولاتهم وأذواقهم. الصورة الثانية ،يحرص من خلالها اصحاب القرار في برنامج "ذوفويس" كل حرص على اختيار احسن الصور واحلاها واجبار المشاركين على لعب ادوار نراها نحن عبر شاشة التلفاز عفوية، لكنها في الحقيقة مصطنعة ،يتحكم فيها مخرج يعرف جيدا لغة الماركتينغ ، يضع باحترافية كل شيء في مكانه المناسب، حسب اهداف ومرامي معينة ومدروسة. كل هذه المسرحية القادمة الينا من الكواليس والاعلانات، نشتم من خلالها رائحة الفبركة ،ابطالها مشاركون لاحول ولاقوة لهم، يقومون بادوار امروا بتنفيذها على مضض،لتكتمل الصورة التي تحدثنا عليها سالفا. وبالرجوع الى نتائج المسابقات، يلاحظ انها تخضع لمنطق اقتصادي وتسويقي واضحين، يساهم في الترويج لها اصحاب القرار في برنامج"ذوفويس". وسط هذه المتاهات كانت فنانتنا نجاة رجوي تخطو بخطى ثابتة للوصول الى الهدف الذي سطرته منذ البداية للظفر بلقب "ذوفويس" وتحقيق حلم ابنها غالي وحلمها وحلمنا جميعا. وقد اعتبرنا هذه المشاركة داخل الاحداث المغربية من خلال مقال سابق مغامرة غير محسوبة العواقب، على اعتبار ان صوتها رائع وتعد من الفنانات المقتدرات على الصعيد العربي وما مشاركتها ب"ذوفويس" الا وقوفا غير اجباري، كان من الممكن تفاديه لكي لاتؤدي فاتورته غاليا. فهي "احلى صوت" اذا ماقارناها بالاصوات المشاركة. متمكنة ومحترفة. فلايعقل ان يحط هذا الصوت الرائع على المحك. ورغم كل هذا قبلنا خطوتها على مضض، حتى تحقق حلم ابنها غالي. فالامومة في كثير من الاحيان تتاثر باحلام ورغبات الابناء، فتنهزم الموضوعية امام العاطفة . مع توالي عمر البرنامج،بدا الضغط يقترب من نجاة.لكنه كان يصطدم بشعورها بمسؤولية تمثيل المملكة المغربية وتحقيق حلم ابنها غالي الذي كان متواجدا بالمسرح وكذا رغبة المشاهدين المغاربة وغيرهم ممن يحبونها ويثقون في صوتها.وكانت كل مرحلة تمر بسلام،الا ويزداد هذا الضغط،خاصة بعدما لم يعد لكاظم الحق في الاختيار،حسب قانون البرنامج. وجدت نجاة نفسها وجها لوجه اما نسبة التصويت الذي لم تعرف خباياها وظل حبيس ارقام القائمين على "ذوفويس".إذ كيف يعقل ان تتاهل نجاة الى الدور النصف نهائي وتتفوق على كريستين سعيد التي تم اختيارها من طرف كاظم الساهم، ونفس الاصوات تعطي الاولوية لها للتاهل للدور النهائي. انها ارقام تخضع لمنطق الرياضيات فقط ولاتعرف قيمة الاصوات المتبارية، يتحكم فيها اناس لهم علاقة وطيدة بالماركتينغ .بحيث انه مع خروج عمر دين ممثل الاغنية الغربية، كان واضحا ان يتم التضحية بنجاة لابقاء ممثلة هذا اللون. لقد كان معجبو نجاة رجوي مؤمنين حد الغباء انها ستفوز ،نظرا لقيمة صوتها الخارق، وانساق الجميع لعواطفهم ونسوا منطق اصحاب القرار. هي لعبة اذن، تخضع لمنطق الربح والخسارة، كان بالامكان تفاديها وعدم ركوب المغامرة والانسياق نحو اللقب غير المضمون بتاتا . استعصى على العارفين بهذا الميدان هضم طريقة التحضير والتمرين للعروض المباشرة التي خضعت لها نجاة رجوي خلال جميع مراحل المسابقة، سواء كان عاصي الحلاني،شيرين،صابر الرباعي وحتى كاظم الساهر او حتى المدربين المساعدين الذين يتحملون عبء تصحيح اخطاء اداء المشاركين، فانهم وجدوا انفسهم في مواقف حرجة امام نجاة رجوي التي تتوفر على امكانات هائلة في ميدان الغناء وعلم الصوت ومخارج الحروف واللعب بكل اريحية على المدرجات الموسيقية جميعها، وحتى المركبة والمعقدة منها. فهي اذن تتوفر على طاقة صوتية قل نظيرها،ارجعتنا الى الزمن الجميل، زمن وجود الرواد،كام كلثوم،اسمهان،ليلى مراد،ميادة الحناوي،وردة،عزيزة جلال وغيرهن. وخير دليل على ذلك ماحصل خلال الدور ماقبل النصف النهائي، عندما ادت مقطع من رائعة اغنية ليالي الانس لاسمهان،وكيف ادهشت كاظم لما حولت عربا وسط الاغنية،كان القيصر قد اوصاها بادائه لعرب خاص بها،مما جعله يعتذر امام الملايين من المشاهدين، ويعترف بانه كان على خطأ. وخلال مرحلة نصف النهائي، كان لنجاة الفضل الكبير للاحتفال بالاغنية المغربية، بعدما قررت اداء موال لاغنية الفنان فتح الله لمغاري، وبعده رائعة مرسول الحب للفنان عبد الوهاب الدكالي. وتساءل المتتبعون كيف امكن لكاظم الساهر تدريب نجاة رجوي على اغاني مغربية،هي اعلم بخبايا سلاليمها الموسيقية وايقاعاتها المغربية.
ليكن ماكان،تبقى نجاة رجوي فنانة من الصنف الاول، ترتكز في عملها وادائها على الصوت كانطلاقة اولى،ثم التمكن واستغلال قوته في الاداء، بالاضافة الى حضورها اللافت وقوة شخصيتها .عكس مانلاحظه اليوم من رداءة في الاداء وركاكة الصوت وسفاهة الكلمات التي يعطيها الاعلام وخاصة التلفزة صورة مزيفة ومزينة بمساحيق البلاي باك، تخدش الاذان . مشاركة نجاة رجوي ببرنامج "ذوفويس" ستعطيها نفسا اخر وانطلاقة جديدة نحو العالمية التي ستفتح لها ابوابا جديدة لتاكيد حضورها والبحث عن الكلمة الصادقة الصحيحة واللحن القوي الذي يليق بصوتها الملائكي والابتعاد غن الموجة الجديدة التي شوهت اغنيتنا المغربية.