ربيعة الطنيشي، «طنشت» وقررت الإستعانة بجرافة لمواجهة مجموعة من الشباب كانوا يستعدون للغناء لأجل الشباب في مدينة الفرسفاط، ربيعة نائبة برلمانية ومستشارة جماعية بالمجلس البلدي لخريبكة، استعانت بهذه النياشين وتلفحت بلقب رئيسة لجنة الجبايات لتعطي لنفسها حق الأمر بهدم منصة الفرجة لكبس الفرح. ربيعة استعانت في البداية بمستشار فريد قدم معها لتنفيذ غضبتها التي سبق وعبرت عنها بنبرة التحدى المعروفة لمن يركب جرافة الغرور، «ولأنني لم أرخص لكم بالغناء، فلن تمر فرحتكم إلا على جرافتي التي ستلتهم هذه المنصة اللعينة»، الشباب الذي وقف مذهولا لتصرف ربيعة لم يستوعب كل هذا الإصرار في منعهم من الفرح والغناء. ولأن خلف مثل هذه الجذبة عارفون بأسباب النزول، فقد قيل للشباب إن ربيعة ليست غاضبة منكم، ولكنها ترد الصرف لعامل الإقليم الذي أشعرها بالإهانة قبل أسابيع، ودخلت في اعتصام أمام عمالة الإقليم، لكنها طردت من محل الإعتصام بعد أن رفض العامل استقبالها. لم يفهم الشباب هذه التبريرات التي كان يتكلف بترويجها زميلها المستشار وعينة من مسؤولي حزب العدالة والتنمية، فهم يريدون الإحتفال بالموسيقى في إطار مهرجان جميل وتحت راية جمعية تحمل اسما باذخا هو «دروبنا»، تهدف لزرع الأمل والفرح بين دروب المدينة، بعيدا عن إحباطات التدبير وخطاب التيئيس من حال الدورب، ومصائب «رؤوسها» التي تلتهم الشباب في طرفي التطرف. الشباب الذي كان ينوي أن تشارك معهم ربيعة في مسعاهم، تمكنوا من احترام كل مساطر تنظيم الحفل وحصلوا على موافقة السلطة المحلية ودعمهم المكتب الشريف للفوسفاط والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ولم يبق لربيعة وأمثالها سوى الإستمتاع بثلاثة أيام من الفرجة، وقبلها صورة رائعة ليافعين يغادرون أوكار الإنحراف المنتشرة في المقاهي وفراغات المدينة المتعددة، وتحمد الله كمسؤولة في مستويات متعددة على هذه النعمة التي تعم دروب المدينة في مسابقة جمالية احتفالية تقلل من هذا الغم الذي يحاصرنا من كل بقاع المعمور. من الصعب أن يفهم مغربي تدخل امرأة في الدرب لمنع الأطفال من اللعب، ومن الصعب أن يفهم مغربي أن تتدخل امرأة في الدرب لمنع غناء الشباب، فالأم والأخت في أحيائنا الشعبية عادة ما تسند فرحة الدرب وشبابه، بل تتدخل لتمنع ضجر الرجل وتمنح الصبية والشباب مساحة من الحرية لممارسة والإستمتاع بالفرح، لكن ربيعة سلخها وعي دخيل عن هذا الشعور الطبيعي، وكلست المسؤولية، و«نفخة» السلطة هذا الشعور الطبيعي فوضعت نفسها في مواجهة أبنائها وإخوانها في دورب خريبكة البهية. مهما حاولت ربيعة أن تبرر «تطنيشة» جرافتها، ففعلتها جرت غضبة الشباب الذي احتشد، فوجد نفسه يمارس السياسة قسرا، ولم تنج ربيعة من صراخهم إلا بتدخل باشا المدينة، وتشكلت صورة غريبة لم يعهدها المغاربة في محن المنع، السلطة تدافع عن حق الشباب في الغناء، وممثلوهم يقاتلون لحرمانهم من ثلاثة أيام من الفرح والغناء. حل نقل المهرجان للقاعة المغطاة بالمركب الرياضي أفقد التظاهرة وهجها الذي اكتسبته منذ سنوات، والضغط الذي يمارسه الشباب لاسترجاع هوية مهرجانهم الغنائي تستحق من أهالي خريبكة ومسؤوليها الإنتصار لهذا الحق في الفرجة والإستمتاع بالحياة، أنتم محظوظون في خريبكة وفي هذا التوقيت بالذات، فالعالم يلهث لتفسير همجية جزء من شبابه، وتحول إقبالهم على الحياة إلى آلة لقتلها، فلا تضيعوا هذه النعمة في حساباتكم الصغيرة.