توج فيلم (جوق العميين) للمخرج المغربي محمد مفتكر بالجائزة الكبرى "التانيت الذهبي" للدورة 26 لأيام قرطاج السينمائية التي اختتمت في العاصمة تونس مساء أمس السبت. وتنافس في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة 17 فيلما من العراق ومصر والمغرب والجزائر ولبنان وفلسطين وجنوب افريقيا ورواندا ومالي واثيوبيا وبوركينا فاسو إضافة إلى تونس. وخلال الحفل الختامي الذي قدمه الإعلامي المصري باسم يوسف بتعليقاته الساخرة و التي أضفت لمسة من المرح والابتسام على الأجواء، منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لفيلم (الزين اللي فيك) للمخرج المغربي نبيل عيوش. وقد شهدت قاعة الكوليزى بالعاصمة تونس قبل ذلك، ازدحاما شديدا لرواد أيام قرطاح السينمائية رغبة فى الظفر بتذاكر دخول عرض فيلم المخرج المغربى نبيل عيوش "الزين اللى فيك" الذى عرض فى اطار مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. واحتشد عدد كبير من المولعين بالفن السابع أمام قاعة العرض قبل ساعات من انطلاق هذا الفيلم المثير للجدل وسط اجراءات أمنية مشددة وتنظيم محكم رغم حالة التدافع والهيجان التى بدا عليها أغلب المصطفين فى طوابير طويلة امتدت على كامل الرصيف. وقالت المخرجة السينمائية سلمى بكار ان حضورها لعرض فيلم "الزين الى فيك" هو مساندة مطلقة لحرية التعبير وتضامنا مع المخرج نبيل عيوش والممثلة لبنى أبيضار التى تعرضت للعنف على خلفية الدور الذى تقمصته. ويرى الممثل التلفزى ازر الزوالى أن الضجة الاعلامية التى رافقت عرض الفيلم بمهرجان كان فى دورته الاخيرة، وبعض الاحتجاجات التى نددت بما جاء فى الفيلم، بالاضافة الى منعه من العرض بقاعات السينما المغربية، كان له وقع على عدد كبير من عشاق السينما بتونس الذين يتطلعون الى مواكبة أحداثه. ومن جهتها أفادت الطالبة شيماء الخماسى أنها شاهدت مقاطع من الفيلم على شبكة الانترنت لكنها تفضل متابعته كاملا دون حذف مشاهد منه، وأضافت أنها ذهلت للحشد الهائل من الناس والتدافع الذى طغى على المكان. وفى السياق ذاته أكدت الطالبة سماح بن عبد الله أنها ظلت مرابطة بمكانها لأكثر من أربع ساعات من أجل الظفر بتذكرة دخول مضيفة أنها على علم بأحداث الفيلم والمشاهد المضمنة به، وأبرزت أن ما يعنيها ليس الصورة السينمائية فى حد ذاتها بل القضية التى يطرحها الفيلم واعتبرتها من القضايا المسكوت عنها فى العالم العربى ككل لانها قضية وجودية متصلة بالانسان وتروى معاناة المرأة فى المجتمع ونضالها من أجل البقاء. وجدير بالذكر أن "الزين الى فيك" هو فيلم روائى طويل يدوم 108 دقيقة، أنتج فى ماى 2015، ويتناول فيه المخرج المغربي نبيل عيوش موضوع الدعارة من خلال قصة أربع مومسات، وكانت بطلة الفيلم لبنى أبيضار تعرضت أيضا الى الاعتداء بالعنف من قبل أشخاص رفضوا تقديمها لذلك الدور. وقال الناقد السينمائى والاعلامى السينغالى بابا دجوب ان الفيلم قدم صورة جميلة من الناحية الجمالية، وتساءل لماذا ننظر للمسائل الاباحية عوض ان نركز على القضية الأم وهى تعاطى المرأة للدعارة، وثمن فى المقابل هذا الاقبال الجماهيرى على مشاهدة الفيلم. وقال السينمائى المغربى عز الدين كوريران ان هذا الفيلم كان من الاولى ان يعرض بالمغرب معتبرا أن منعه من قاعات السينما بالمغرب كان من منطق اسلاموى انتخابوى، مثمنا بادرة أيام قرطاج السينمائية بأن تكون تونس أول بلد عربى يقدم عروض هذا الفيلم. وأكد المخرج السينمائى المغربى نبيل عيوش صاحب فيلم "الزين الى فيك" أن هذا العمل الروائى الطويل سيكون متاحا للعرض بقاعات السينما التونسية بداية من ديسمبر القادم. وقال عيوش فى ندوة صحفية عقب عرض الفيلم ضمن المسابقة الرسمية للافلام الروائية الطويلة يوم الخميس ان عددا من موزعى الافلام فى تونس أعربوا عن اعتزامهم اقتناء حقوق بث الفيلم بقاعات السينما بتونس، ويجرى حاليا انهاء الاجراءات المتعلقة بامضاء العقد. وأعرب عن أسفه الشديد لقرار منع عرض الفيلم بالمغرب من قبل السلطات المغربية معتبرا أن مضمون الفيلم لا يسىء الى المرأة المغربية وانما يكشف جانبا من مأساة فئة قليلة من المغربيات اللاتى يلتجئن الى ممارسة الدعارة لتوفير قوت يومهن وهو مسلك يلتجى اليه عدد من النساء فى كل دول العالم دون استثناء. وحول برمجة الفيلم من قبل ادارة أيام قرطاج السينمائية قال عيوش، أنا سعيد لكون تونس كانت أول الدول العربية التي عرضت هذا الفيلم، ونجاح العرض جماهيريا يوكد أن الجمهور التونسى لديه حس وذوق فنى عال. كما أكد أنه لا يسعى الى التجارة بماسى الناس أو الاثارة من خلال هذا الفيلم، منددا بعملية التعنيف التى تعرضت اليها البطلة لبنى أبيضار. وزاد المخرج المغربي نبيل عيوش، مدافعا عن فيلمه (الزين اللي فيك)، قائلا إنه لا يتضمن مشاهد "بورنوغرافية" وإن هناك لقطات في أفلام عربية أخرى "أكثر جرأة". وكانت السلطات المغربية منعت عرض الفيلم معتبرة أنه "يتضمن إساءة أخلاقية للقيم وللمرأة المغربية". لكن إدارة مهرجان أيام قرطاج السينمائية اختارته ضمن 17 فيلما للتنافس على جائزة (التانيت الذهبي) للأفلام الطويلة ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الذي اختتم أمس السبت. وقال عيوش في مؤتمر صحفي عقب عرض الفيلم في صالة الكوليزي بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس "قبل بداية التصوير قابلت نحو 200 أو 300 بائعة هوي في كامل المغرب تقريبا.. تحدثن بقلب مفتوح عن مصيرهن ومسيرتهن وحياتهن الخاصة وعلى أساس هذه الشهادات بنيت شخصيات الفيلم." وقال عيوش "الفيلم بعيد كل البعد عن الطبيعة البورنوغرافية إذ لا يظهر الأعضاء الجنسية للرجل أو المرأة .. هناك لقطات أكثر جرأة في أفلام عربية. أعتقد أن الجدل لا يكمن هنا". وأضاف "كان يمكن تناول موضوع الدعارة بأساليب مختلفة والتعامل بأكثر حذر وتغليف الموضع ليصبح مقبولا سياسيا لكن لم أختر هذا التمشي بسبب إرادة الاستفزاز المجاني." وتابع قائلا "ليس هناك لقطة أو مشهد أو دقيقة لا يمكن الدفاع عنها أو عدم تبرير حضورها… الفيلم يعكس الواقع الذي تعيشه هذه الفئة من النسوة. هذا اختيار لأن حياتهن عنيفة وصعبة." وأعرب المخرج عن أسفه بسبب قرار السلطات في المغرب منع عرض الفيلم مؤكدا أنه لا يسئ للمرأة المغربية لكنه يكشف جانبا من مأساة قلة من النساء لجأن لممارسة الدعارة لتوفير قوت يومهن. بقيت الاشارة أن الفيلم الروائي الطويل "الزين اللي فيك"، هو من بطولة لبنى أبيضار وأسماء لزرق وحليمة كرواني وأمين الناجى وعبد الله ديدان، وقد سبق عرضه على هامش الدورة 68 لمهرجان كان السينمائي الدولي في مايو الماضي. وحصد الشريط المغربى الجائزة الكبرى لمهرجان الفيلم الفرنكوفونى بأنغوليم، كما فازت بطلته لبنى أبيضار بجائزة أحسن ممثلة لأدائها القوي و المؤثر طيلة أحداث الفيلم.