« واش مات شي حد !!» ... «ياكما شي حد انتحر !!» ... « واقيلا شي حادثة خايبة هادي !!» على هذا المنوال التراجيدي تناسلت تساؤلات المارين على بعد أمتار من القصر الملكي بدرب السلطان، عند ممر السكة الحديدية بمحاذاة سوق الحبوب، صبيحة أمس الخميس. تساؤلات تسارعت وثيرتها مع تسارع الخطى نحو التجمهر لمعرفة ماذا حدث. تساؤلات تبددت بسرعة أيضا بعدما وقف كل الحاضرين على الحقيقة. فقد امتلأت خطوط السكة لمسافة لا تقل عن 80 مترا بالأطنان من القمح التي تدفقت من عربات كانت تنقلها في اتجاه محطة درب السلطان. «قمح من النوع الجيد !!» أشارت إحدى النساء التي حصلت على حصة صغيرة من القمح المتدفق جمعتها داخل كيس بلاستيكي متوسط الحجم، قبل أن تذوب في الزحام، وحظها كان أفضل من غيرها من الراغبين في الحصول على القمح المتدفق على السكة الحديدية بالمجان. فقد حاول العشرات من المواطنين شحن أكياس من مختلف الأحجام بكميات من القمح، وفي الوقت الذي كانوا يهمون فيه بمغادرة المكان بما حملوا من «خير»، وقفت العناصر الأمنية لهم بالمرصاد، وتم إجبارهم على إفراغ كل الحمولات التي جمعوها. «قمح من النوع الجيد!!» تم ترديدها بعد ذلك من طرف كل اللذين منعوا من حمولاتهم في تأسف لا يخلو من سخرية. غير بعيد عن المكان، تعطلت حركة المرور أيضا في محور أساسي لحركة النقل في الدارالبيضاء هو شارع محمد السادس. فقد توقف أصحاب عشرات السيارات والشاحنات والدراجات النارية لإلقاء نظرة على ما يحصل في السكة الحديدية عند النقطة التي عرفت تدفق أطنان من القمح الطري، في حفلة «تبركيك» جماعية. توقف كاد أن يتطور إلى ما لاتحمد عقباه بعد ما تصاعدت أصوات أبواق من سيارات من كانوا غير راغبين في التوقف، وهو الوضع الذي استمر لدقائق عديدة قبل أن يتدخل رجال الأمن لتسريح حركة المرور من جديد. وحسب مصادر من المكتب الوطني للسكة الحديدية، فإن الحادث الذي شهدته هذه النقطة من خط السكة لم يؤثر على حركة القطارات في المدينة أو باقي المحاور، فيما شهدت الحركة تدفقا عاديا للغاية، طيلة صبيحة الخميس. وبرر المصدر استمرار الحركة في شكلها العادي بكون الأطنان المتدفقة من القمح القادم من ميناء الدارالبيضاء، لم تتركز فوق خطي السكة وهو ما فسح المجال لباقي القطارات بالاستمرار في التحرك دون مشاكل تذكر. وقد تمكنت العناصر الأمنية، بمساعدة بعض المواطنين وموظفي المكتب الوطني للسكة الحديدية، من تحرير السكة الحديدية من كل ما علق عليها من قمح، بعد ساعتين تقريبا من الحادث، واستمر الأمر على هذا الحال طيلة صباح أمس الخميس. وعلمت الأحداث المغربية أن العناصر الأمنية التابعة للشرطة القضائية لأمن درب السلطان، في تنسيق مع الملحقتين الإدرايتين لمنطقتي كراج علال والمشور، تمكنت من توقيف 17 مشتبه به صبيحة أمس الخميس، بعد تبوث ضلوعهم في سرقة أطنان من القمح الطري الذي تدفق في جنبات خط السكة في النقطة ذاتها. وبررت مصادر أمنية الإقدام على هذه الاعتقالات بعدم استبعادها أن يكون الهمل مدبرا من طرف أشخاص تعودوا على سرقة حمولات العربات، خصوصا بعد تكرار حوادث السرقة في تلك النقطة تحديدا، وهي النقطة التي يتم تغيير العربات فيها كالعادة.