تونس, 9-10-2015 (أ ف ب) - تفادت تونس مهد "الربيع العربي" الانحراف نحو الفوضى او العودة الى الدكتاتورية مثلما حصل في دول المنطقة التي شهدت انتفاضات, وذلك بفضل "الحوار الوطني" الذي قادته في 2013 أربع منظمات غير حكومية, حصلت الجمعة على جائزة نوبل للسلام لعام 2015. وهذه المنظمات هي الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية), والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة ارباب العمل الرئيسية), والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان, والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين (نقابة المحامين). وتعرف هذه المنظمات في تونس ب`"الرباعي الراعي للحوار الوطني" الذي اخرج البلاد من ازمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال محمد البراهمي النائب في البرلمان والمعارض للاسلاميين في 25 يوليو/تموز 2013 في عملية تبناها جهاديون. وتأججت تلك الأزمة إثر مقتل 8 جنود في جبل الشعانبي (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر في كمين نصبه في 29 يوليو/تموز 2013 جهاديون مرتبطون بتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي, أقدموا على ذبح خمسة من الجنود القتلى. وفي 17 سبتمبر/ايلول 2013 , نشر الرباعي بيانا بعنوان "نص مبادرة منظمات المجتمع المدني لتسوي``ة الأزمة السياسية" في تونس. ونصت هذه "المباردة" على استقالة حكومة "الترويكا" التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية, لتحل مكانها حكومة "كفاءات (غير حزبية) ترأسها شخصية وطنية مستقلة, لا يترشح اعضاؤها للانتخابات القادمة". ودعت المنظمات في مبادرتها, المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت) المنبثق عن انتخابات 23 اكتوبر/تشرين الاول 2011 إلى استئناف جلساته التي علقها رئيسه مطلع اغسطس/Bب 2013 بسبب تصاعد الازمة السياسية, وإنهاء صياغة الدستور الجديد للبلاد, وإصدار قانون انتخابي وتشكيل هيئة "مستقلة" لتنظيم الانتخابات وتحديد موعدها. ونصت المبادرة ايضا على ان "تلتزم الاطراف (الاحزاب) السياسية مواصلة الحوار الوطني برعاية المنظمات الاربع كإطار للتفاوض لحل باقي المشاكل الخلافية التي تعيق إتمام المرحلة الانتقالية بنجاح, ولإسناد الحكومة (غير الحزبية) في مهامها". وشارك في "الحوار الوطني" كل الاحزاب الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي باستثناء حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" (أسسه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي) الذي "رفض المشاركة" حسبما اعلن حسين العباسي الامين العام للمركزية النقابية. وقال العباسي (68 عاما) لفرانس برس ان الرباعي الراعي للحوار الوطني اجرى "أكثر من ألف ساعة من المفاضات مع كل حزب على حدة" فيما استغرقت "جلسات المفاوضات الرسمية مع كل الاحزاب المشاركة في الحوار 164 ساعة". وأضاف "اختزلنا جلسات الحوار الوطني في شريط (وثائقي) قصير سنصدره قريبا". وتم انتخاب حسين العباسي امينا عاما للمركزية النقابية بعد الثورة التي اطاحت مطلع 2011 بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي. وفي 26 يناير/كانون الثاني 2014 صادق المجلس الوطني التاسيسي على دستور جديد لتونس. وفي 29 الشهر نفسه تسلمت حكومة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة مقاليد السلطة من حكومة علي العريض (حركة النهضة) المستقيلة. وأجرت تونس انتخابات تشريعية في 26 أكتوبر/تشرين الاول 2014 فاز فيها حزب "نداء تونس" الذي اسسه الباجي قائد السبسي, فيما حلت حركة النهضة ثانيا. وفاز قائد السبسي بالانتخابات الرئاسية التي جرت دورتها الثانية يوم 21 ديسمبر/كانون الاول 2014 ونافسه فيها الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي. واعلنت لجنة نوبل للسلام اليوم انها منحت جائزة هذا العام للرباعي التونسي تقديرا "لمساهمته الحاسمة في بناء ديموقراطية متعددة بعد ثورة الياسمين في العام 2011". وقالت اللجنة ان "الوساطة الرباعية تشكلت صيف 2013 بينما كانت عملية الانتقال الى الديموقراطية تواجه مخاطر نتيجة اغتيالات سياسية واضطرابات اجتماعية على نطاق واسع". وذكرت اللجنة بان الوساطة الرباعية "اطلقت عملية سياسية بديلة وسلمية في وقت كانت فيه البلاد على شفير حرب اهلية". ووصفت هذه الوساطة بانها كانت "حيوية" واتاحت لتونس الغارقة في الفوضى "اقامة نظام حكم دستوري يضمن الحقوق الاساسية لجميع السكان بدون شروط تتعلق بالجنس والافكار السياسية والمعتقد الديني".