قال الاتحاد العام التونسي للشغل ذو النفوذ القوي أنصاره سينزلون للشوارع للضغط على الحكومة التي يقودها إسلاميون للاستقالة، بعد فشل جهود وساطة لإنهاء أزمة سياسية تهز البلاد منذ نحو شهرين. وقالت منظمات تقود وساطة بين الاسلاميين ومعارضيهم العلمانيين يوم السبت ان جهود الوساطة فشلت بين الطرفين بسبب شروط حول استقالة الحكومة والمضي نحو انتخابات جديدة. وقال بيان للهيئة الادارية لاتحاد الشغل يوم الاحد انها ستنظم احتجاجات في كل مناطق البلاد تتوج بمظاهرة ضخمة في العاصمة تونس للضغط على الحكومة التي تقودها حركة النهضة للاستقالة. وستكون الاحتجاجات اول استعراض للقوة لاتحاد الشغل القوي الذي يضم اكثر من 800 الف عضو منذ بدء وساطة بين الاسلاميين والعلمانيين لانهاء الازمة التي فجرها اغتيال معارض علماني في يوليو تموز الماضي. وقال سامي الطاهري المتحدث باسم الاتحاد "كل الاحتمالات الاخرى تبقى ممكنة" في اشارة على ما يبدو الى امكانية تنظيم اضراب عام قد يشل اقتصاد البلاد المهزوز اصلا. وحاول الاتحاد العام التونسي للشغل دفع الخصوم السياسيين الى الاتفاق حول خارطة طريق لثلاثة اسابيع تنتهي باستقالة الحكومة على ان تحل محلها حكومة متخصصين تتيح الوصول الى انتخابات جديدة في مهد انتفاضات الربيع العربي. وقال الاتحاد ان المفاوضات فشلت بسبب رفض النهضة استقالة فورية للحكومة وتقييد مهمة المجلس التأسيسي المكلف بصياغة دستور جديد للبلاد. وقال حسين العباسي المسؤول بالاتحاد للصحفيين يوم السبت "الباب ما زال مفتوحا لمن رفضوا المبادرة.. يمكننا ان ننتظر ساعات او ايام قليلة لكننا لا يمكن ان ننتظر طويلا." وسقطت تونس التي فجرت ثورات الربيع العربي عندما اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير كانون الثاني 2011 في أتون اسوأ ازمة سياسية بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد في فبراير شباط الماضي ومحمد البراهمي في يوليو تموز. ومنذ اغتيال البراهمي تنظم المعارضة العلمانية احتجاجات يومية للمطالبة باستقالة الحكومة. واجلت هذه الازمة السياسية الانتقال الديمقراطي في تونس التي كان ينظر اليها على انها صاحبة افضل الخطوات نحو الديمقراطية بين دول المنطقة. وفي حين تدخل الجيش المصري للاطاحة بالرئيس الاسلامي محمد مرسي يبدو اتحاد الشغل القوي في تونس صاحب الدور الحاسم في البلاد. وكلف اضراب بيوم واحد الاقتصاد خسائر بمئات الملايين من الدولارات في يوليو تموز الماضي. ولعب الجيش التونسي دور مهما اثناء انتفاضة تونس حين رفض على ما يبدو قمع المحتجين لكنه لا يتدخل في الحياة السياسية ولا يمسك بخيوط اللعبة عكس الجيش المصري. تونس تسير نحو الإفلاس مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في تونس التي اعتبرها حاكم المصرف المركزي الشاذلي العياري غير مسبوقة منذ الاستقلال، تكثّف الحكومة، التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية، مساعيها للحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية ومن الشريك الأوروبي، بما يمكّنها من تجاوز المرحلة الراهنة. وأعلن وزير المال الياس فخفاخ أن القسط الأول من القرض الائتماني الذي وافق صندوق النقد الدولي على منحه لتونس في يونيو الماضي سيُسحب مطلع العام المقبل، على رغم تأكيد رئيس الحكومة علي العريض لدى الحصول على القرض أنه إجراء احتياطي. وكشف فخفاخ أن تونس تتفاوض حالياً مع الاتحاد الأوروبي للحصول على قرض تراوح قيمته بين 300 و500 مليون يورو، من دون تحديد كيف سيُستخدم القرض. وتوقع أن يستقر عجز الموازنة في الفترة المقبلة عند نحو 6.5 في المئة، مرجحاً ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي إلى 49 في المئة. وأكد مصدر مطلع في وزارة المال ل «الحياة» أن «وفداً من صندوق النقد أنهى زيارة عمل إلى تونس ناقش خلالها مع مسؤولين في الحكومة نوع الإصلاحات الهيكلية التي يتعين تنفيذها لإنقاذ البلد من إفلاس اقتصادي». وأضاف أن «وفد البنك ركز على معرفة الوسائل التي لحظتها الحكومة للمحافظة على توازن الأموال العمومية حتى نهاية السنة، وأيضاً خلال السنة المقبلة التي تبدو عسيرة". وتطرّق الوفد إلى نتائج الإصلاحات التي تعهدت تونس تنفيذها اعتباراً من مطلع السنة، وأبرزها تصحيح أوضاع «صندوق التعويض» الذي يدعم أسعار المواد الأساسية ويُسبب عجزاً كبيراً في الموازنة، وإصلاح المنظومة الجبائية وتنقية أوضاع المصارف العمومية، ما سيضطر الحكومة لمعاودة رسملتها بمقدار 1.1 بليون دولار خلال العاملين المقبلين، وفق تقديرات الخبراء، أي 2.6 في المئة من الناتج المحلي. ويضخ المركزي التونسي حالياً ما بين 2 و3.3 مليون دولار يومياً في الجهاز المصرفي، كما أكد العياري، لمساعدته على الصمود في ظل تراجع الاستثمار وكساد المعاملات. وأوضح المصدر أن «فخفاخ تعهد للوفد بإطلاق استشارة وطنية لإصلاح المنظومة الجبائية في نوفمبر المقبل، ترمي لوضع خطة شاملة للقطاع واستكمال عملية تدقيق أوضاع المصارف العمومية الجارية حالياً مع نهاية السنة، وصولاً إلى وضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي». وأضاف أن «وفد الصندوق حصل على تعهد من السلطات بإعداد دراسة شاملة لأوضاع ثلاث أكبر مؤسسات عمومية، وهي شركة الكهرباء والغاز الحكومية ومصفاة تكرير النفط في محافظة بنزرت والمؤسسة الوطنية للمشاريع النفطية، بهدف صوغ خطة لتحسين أوضاعها». ونفى فخفاخ الأخبار المتداولة عن احتمال عجز الدولة عن صرف رواتب موظفي القطاع العام الشهر المقبل، والذي يتزامن مع عيد الأضحى، واصفاً إياها ب «الإشاعات». وقال إن «تونس دولة حقيقية قادرة على الوفاء بكل تعهداتها» مؤكداً في الوقت ذاته أن «الاضطرابات السياسية وتراجع إنتاجية العمال بسبب كثرة الاحتجاجات الاجتماعية أربكت الاقتصاد وعمّقت أزمته». المطالبة بتنحي الرئيس قال الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس في افتتاح المجلس الوطني لحزبه، الأحد، إن مبادرة الاتحاد التونسي للشغل والمنظمات الراعية للحوار الوطني، التي دعت إلى استقالة الحكومة وتقييد عمل المجلس التأسيسي كانت منقوصة، إذ لم تنص على تغيير رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي. وأشار السبسي إلى أن المرزوقي يعتبر جزءاً من السلطة التنفيذية، التي جاءت بعد انتخابات 23 أكتوبر، وأنه لا معنى لحكومة مستقلة في ظل بقاء الرئيس المرزوقي وفي وجود مجلس تملك فيه الترويكا الأغلبية. وكان راشد الغنوشي، رئيس النهضة، قد طالب في تصريح سابق من المرزوقي الاستقالة من الرئاسة إذا ما كان ينوي الترشح للرئاسيات القادمة، وذلك من أجل توفير تساوي الفرص أمام كل المترشحين من جهة، وعدم استغلال مؤسسات الدولة لمترشح دون الآخرين، وفق ما جاء في كلام الغنوشي. وأكد زعيم نداء تونس أن تونس تمر بأزمة خانقة ولا مثيل لها، وأن الوضع الأمني في تونس خطير جداً. وأضاف أن الحكومة الحالية فقدت مصداقيتها، وهي متورطة في الإرهاب، كما أن سياساتها جعلت تونس تواجه أزمة اقتصادية تنذر بكارثة حقيقية، فهناك نقص في ميزانية 2014 بخمسة مليارات بسبب الانتدابات العشوائية في الوظيفة العمومية وغياب الاستثمار. وقال السبسي الذي التقى مؤخراً بالغنوشي، إنه يثق بأن في حركة النهضة عقلاء سينتصرون في النهاية لتونس. وأشار إلى أن "رغبة النهضة في البقاء في الحكم غصباً عن الشعب الذي يعارضها يعني أنها ستستعمل "الرش" والرصاص كما فعل بن علي، وهو ما قد يدفع البلاد إلى العنف أو السيناريو المصري". المرزوقي يعترف أن "2014 سيكون من أصعب الأعوام على تونس" حذر الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي، من أن عام 2014 سيكون من أصعب الأعوام بالنسبة إلى بلاده التي تُعاني من أزمة سياسية واقتصادية وأمنية خانقة يُرجح أن تتعمق أكثر فأكثر بعد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن فشل وساطته بين المعارضة والحكومة. وقال المرزوقي، في حديث بثته ليلة السبت - الأحد قنوات تلفزيونية محلية تونسية مقربة من حركة النهضة الإسلامية، إن العام المُقبل سيكون من أصعب الأعوام على تونس، لأن الآلة الاقتصادية مشلولة. وأضاف أن الخروج من هذه الأزمة يتطلب اتفاق الفرقاء السياسيين على تنظيم انتخابات خلال الأشهر الستة المقبلة. واقترح في هذا الصدد خارطة طريق جديدة لتنفيذ هذا الحل تتضمن ثلاث نقاط، هي الانتهاء من الدستور، وتشكيل هيئة مستقلة للانتخابات، وتحديد موعد إجراء الانتخابات وضبطه بقانون. وقال المرزوقي إنه يعمل حاليا من أجل الوصول إلى اتفاق بين مختلف الأحزاب السياسية حول بنود خارطة الطريق المذكورة، وذلك لتبديد الضبابية التي يتسم بها المشهد السياسي للبلاد. الأزمة تدخل البلاد مرحلة التقشف قال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي في حوار صحفي على هامش حضوره مؤتمر «دوفيل» الذي عقد مؤخرا بلندن أن تونس تعيش بإمكانيات تفوق طاقتها، «فتونس قد تصل الى وضع كارثي مع نهاية السنة الحالية». وقد بدأت مؤشرات هذا الوضع تتضح شيئا فشيئا فارتفاع مستوى التضخم الى مستوى 6٪ أمر غير معهود والمديونية الخارجية بلغت حوالي 46٪ من الناتج القومي الخام وقد تصل الى حدود 49٪ مع سنة 2014. والدينار التونسي بدأت قيمته تتراجع منذ فترة ووصلت الى حدّ مخيف مما جعل قيمة وارداتنا تفوق بكثير قيمة صادراتنا وهذا ما انجز عنه تفاقم ملحوظ في العجز التجاري الذي بلغ حدود 7668.9 مليون دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية. وعن الاستثمارات الأجنبية بلغت قيمتها خلال الفترة نفسها حوالي 1.208 مليار دينار والتي ارتفعت حسب بيانات الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي بنسبة 3.6٪ مقارنة بالفترة نفسها سنة 2012، تبقى دون المأمول ولم توفر لخزينة الدولة موارد كبيرة من العملة الصعبة ولا ساهمت بنسبة كبيرة في نسق مواطن الشغل. ومحافظ البنك المركزي أكد في حواره هذا أنه اذا لم يتمّ الوعي في هذه الأيام بضرورة انقاذ الاقتصاد، سيكون الانهيار مع نهاية 2013». وكحلّ للخروج من الأزمة اقترح اتباع سياسة تقشف وطالب الحكومة بإتباع «سياسة ضغط على المصاريف» ، نقلا عن "الصحافة التونسية".