في رمضان الماضي استضفنا في هاته الجريدة ، مفكرا وكاتبا مصريا مثيرا للجدل يسمى القمني. البعض يرى فيه شجاعة قل مثيلها في قراءة التراث، خصوصا الديني منه. والبعض الآخر يراه مجدفا يتجرأ بسهولة مرعبة على الصحابة وعلى المقدسات وعلى الإسلام، ويخلق أينما حل وارتحل نقاشات صاخبة بسبب مايقوله ومايكتبه. حين إعلان الاستضافة قامت قيامة البعض، ورمانا بكل شرور الكون – كالعادة تقريبا – وحاول منعنا وترهيبنا وسب الرجل فقط لأنه يختلف معه، وطبعا لم ينس كلمة واحدة لم يقلها في حقنا وهي مسألة أصبحنا معها من قبيل "متعودة دايما"، لأننا فهمنا أن البعض حين يرعبه الاختلاف، أو حين لايفهم يمر إلى سبك وشتمك، علما أن السب والشتم لم يحلا أبدا أي مشكلة منذ بدأت الخليقة، ولن يحلا على مايبدو أي مشكلة مستقبلا وإلى أن يرث الله هاته البسيطة ومن عليها اليوم تعيش الساحة المغربية على وقع نقاش مشابه، قوامه ضرورة منع الداعية المتشدد العريفي، من القدوم إلى نشاط تنظمه "التوحيد والإصلاح" بداعي أن العريفي سبق له وأصدر فتاوى غريبة ومتشنجة، بل وشاذة أحيانا مثل فتوى عدم جواز اختلاط البنت بأبيها لئلا تفتنه فيقوم إليها، مما يدخل في إطار علم الكبت الجنسي – الله يستر – أكثر مما يدخل في إطار العلوم الشرعية أو الدينية التي يتمسح بها أمثال هؤلاء معذرة، لكن يجب أن نقولها: من يطالبون بمنع قدوم العريفي إلى المغرب، لأنه يقول كلاما لايوافق هواهم، يشبهون تماما من طالبوا بمنع القمني من القدوم إلى المغرب، لأنه أيضا يقول كلاما لايوافق هواهم. نعم، لاتخاذ هاته المواقف حين يتعلق الأمر بدفاع عن وحدة ترابية للبلد ضد أعدائه، وعندما يتعلق الأمر بتهجم صريج وواضح على الدين لوجه التهجم، وليس بنقاش يتقبل الخطأ ويتقبل الصواب، أو عندما يتعلق الأمر بمساس بمقدس لدينا نرفض تماما أن يمس لكن أن نشهر ورقة المنع والمطالبة بالطرد وعدم الترحيب في وجه من يخالفوننا الرأي فقط لأنهم يخالفوننا الرأي، ولا يدعون لقتل أو لكراهية أو لتصفية ففي المسألة تطرف رديء هذا التطرف يزداد رداءة، عندما يأتي من الحداثيين أو من هم في حكم الحداثيين، ممن يرفعون شعارات الحرية في وجه الآخرين، ويسقطونها في وجه رؤوسهم وأفكارهم الحلم لدي هو أن يأتي العريفي إلى البلد، وأن يحضر نشاطه أناس معارضون لترهاته وأفكاره الشاذة، وأن يناقشوه بكل تحضر، تماما مثلما كان لدي حلم أن يأتي معارضو القمني ومن يعتبرونه تافها ونصابا ومجدفا إلى محاضرته وأن يناقشوه وأن يسفهوا مايقوله، لكن الظروف لم تسمح في رمضان، ولن تسمح خلال استضافة العريفي لأن هذا الشحن المتبادل يمنعنا حتى من محاولة الإنصات لبعضنا البعض الكل مصطف في خندقه بكل خوف الدنيا، يردد كلمات الترهيب من الآخر، وهي كلمات ترهيب تدل على خوفنا من أنفسنا أو خوفنا عليها من أن لاتكون صامدة بمافيه الكفاية وأن تقتنع بالقول الآتي من لدن من نعتبره – ببداهة بلهاء ودون معرفته – عدوا لنا حين سنمتلك جرأة الإقدام على الإنصات للصوت الذي يخالفنا دون أن نسبه سنكون قد بدأنا في انتظار ذلك، نحن واقفون في "محلك سر"، مجرد ملحوظات جماعية وفردية لاعلاقة لها إطلاقا بكل ماسبق ملحوظة لها بعض العلاقة بماسبق استغناء زميلنا التيجيني في برنامجه "ضيف الأولى" عن الاستعانة بصحافيين من المكتوب في برنامجه خطوة غير موفقة وخاطئة تماما، لأننا تصورنا في البدء أن التيجيني فهم معنى إبعاد صحافيي المكتوب وهم الأكثر تكوينا في النقاش السياسي وأراد إضافة عمق مفتقد في برامج السياسة في تلفزيوننا بهؤلاء، لكننا اكتشفنا أنه قرر إزالتهم تماما النتيجة رأيناها والتيجيني وحيد أمام الرميد يستمع لتقريع متشنج من طرف وزير العدل والحريات الثلاثاء خطوة غير موفقة