كانت شمس مراكش قد بدأت تأذن بالمغيب، وشبه هدوء يخيم على الفضاء المحادي للمقبرة العمومية بمنطقة بوعكاز بمقاطعة المنارة، حين ظهر شبح شابين يتحركان بحذر وخطوات مريبة، وعيونهما تمسح المكان، وكأنهما يطمئنان على عدم وجود رقباء بالموقع قبل أن يسرعا الخطى اتجاه الجدار الخارجي للمقبرة. اطمأن الوافدان الجديدان لغياب متلصصين أو متطفلين، من شأنهم تعكير صفو ما يخططان لاقترافه، دون أن يدور في خلدهما أن عيونا خبيرة تتابع خطواتهما من فوق، وترصد كل تحركاتهما وسكناتهما بدقة متناهية. ما إن اطمأنا لوضعهما حتى انتدبا مكانا قصيا بين اللحود المؤثثة للفضاء، وبادرا بالتكشير عن نواياهما بشكل مستفز، فشرعا في التهييء لما هما مقبلان عليه من سلوكات لا تستقيم وحرمة المكان، فانطلقا في مغامرة جنسية مثلية اعتقدا لوهلة أنها ستظل في طي السر الدفين. في هذه اللحظة كانت عيون متفحصة تراقب الوضع بثبات ظاهر وتوثق الحدث بكل شروط الاحترافية الممكنة، وهي العيون التي تجسدت في شكل كاميرا تم تثبيتها على مستوى المدارة الطرقية، المشرفة على مجمل الفضاءات المحيطة بالبوابة الجوية من اقتناص مشاهد الممارسة المثلية التي انخرط فيها الشابان بين القبور المنتشرة، فتلقفتها بالجهة الأخرى الفرقة التقنية التابعة لمصالح الأمنية، لتسارع ببث الخبر لأقرب دورية وحث عناصرها على المسارعة برشق الشابين بسهام الضبط والإحضار. دقائق قليلة وقبل أن يصل المتورطان بممارستهما حدود اللذة، سيجدان نفسيهما محاصرين من طرف العناصر الأمنية التي تم انتدابها للانتقال لمسرح الواقعة، وبالتالي اعتقالهما متلبسين بالجرم المشهود واقتيادهما صوب مقر أقرب دائرة أمنية. التحقيق الأولي بين بأن الفاعل يبلغ من العمر 25 سنة، دأب على تلبية الرغبات الشاذة للمفعول به (28 سنة) والانغماس في متعتهما المحرمة بمختلف الأماكن والمواقع الخلاء والمتوارية عن الأنظار، وهي العلاقة التي جمعت بينهما طيلة مدة ليست بالقليلة، إلى أن كان اليوم المذكور فاتفق المعنيان على خوض ممارسة أخرى، حيث وقع اختيارهما على فضاء المقبرة باعتباره المكان المتوفر حينها، وقد اطمأنا إلى أن التوقيت جد مناسب باعتبار عدم تردد الجنائز والزوار ساعات المساء، دون أن ينتبها إلى تواجد كاميرا المراقبة المثبتة بالجوار. إسماعيل احريملة