كيف وصل الأمر إلى هذا المنحدر؟ وما الذي يدفع بأنثى إلى التجرد من كل عاطفة الأمومة لتخلص من رضيعها بهذا الشكل المقزز؟، أسئلة تناسل على ألسنة العديد من المواطنين وهم يتابعون مشهد انتشال رضيع من قعر حاوية أزبال بمنطقة سيدي يوسف بن علي بمراكش. بدأت الواقعة مساء أمس حين كانت سيدة تقترب من حاوية أزبال من تلك الحاويات المبتوتة على طول الشارع بمقاطعة سيدي يوسف بن علي على مرمى حجر من حي باب أغماث، بحيث ما كادت المرأة تتقدم محملة ببعض أكياس القمامة المنزلية لإيداعها الحاوية، حتى تسمرت في مكانها لا تصدق ما تناهى إلى مسامعها. كانت صرخات تشبه الهمس تنبعث من داخل الحاوية، وصوت بكاء رضيع مختنق العبرات بالكاد يرتفع إلى الأعلى بما يشبه رجع صدى، ما جعل المرأة تشعر بقشعريرة تسري بكامل جسدها، وتقف مشدوهة غير مصدقة . بعد لحظات من الإرتباك والإرتياب قررت المعنية قطع دابر الشك بيقين الحقيقة، وشرعت في مسح قعر الحاوية بنظراتها المتفحصة محاولة اقتفاء مصدر الصوت، قبل أن ترتد خطوات إلى الوراء من هول الصدمة، وقد طالعها مشهد رضيع حديث الولادة، ملقى بين أحضان ركام النفايات التي أحاطته من كل جانب، وهو منغمس في موجة بكاء هستيرية لا يملك لنفسه سوى تحريك القدمين والرجلين بعصبية ظاهرة ،وكأنه بذلك يطلب النجدة والعون لإخراجه من الورطة. مشهد مروع أربك المرأة وجعلها تطلق صيحات الإستغاثة في كل اتجاه، ليصل الأمر إلى مسامع المصالح الأمنية التي عملت على انتشال الرضيع، وفتح تحقيق في أفق تحديد هوية الأم القاسية التي طاوعتها نفسها للتخلص من فلذة كبدها بهذا الشكل المثير. في نفس الوقت وداخل النفوذ الترابي لجهة مراكشآسفي، كان المواطنون على موعد مع مشهد مماثل وإن اختلفت نهايته بشكل درامي، حين انتبه بعد الأطفال بمدينة اليوسفية إلى وجود رضيع داخل حاوية أزبال تم نصبها بحي السلام قرب إحدى المؤسسات التعليمية. تطوع بعض الساكنة لإخطار المصالح الأمنية التي انتقلت لموقع "الإكتشاف"، فتبين بالمعاينة أن الأمر يتعلق بجثة رضيع حديث الولادة تم التخلص منها بهذه الطريقة الهمجية وسط ركام القمامة والأزبال، وكل المؤشرات تؤكد على أنه لم يمض على ولادة الرضيع سوى ساعات قليلة. إسماعيل احريملة