ما أن تقترب من سينما الملكي بالرباط مساء الجمعة الأخيرة، حتى تسمع شعارات ألفها شارع محمد الخامس الغير بعيد عن الموقع: «الشعب يريد إسقاط الفساد...حرية, كرامة, عدالة إجتماعية...». القاعة امتلأت مع اقتراب الساعة الخامسة مساء، حتى منافذها تكاد تكون مسدودة بأفواج بشرية ووجوه معروفة من حركة 20 فبراير, لكن الحدث المنظم لا علاقة له باحتجاجات الشباب, بل يتعلق باستضافة افتتاح أشغال المؤتمر الوطني الثالث للحزب الاشتراكي الموحد. «اختيار هذا التاريخ لتنظيم مؤتمرنا ليس اعتباطيا، بل يتصادف مع الذكرى الأولى لاستشهاد المناضل محمد البوعزيزي في تونس مشعلا ثورات أو ما صرنا نطلق عليه الربيع العربي» يقول محمد الساسي, نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد. تماهي كامل بين حركة 20 فبراير والحزب الاشتراكي الموحد مع بداية أشغال المؤتمر الوطني الثالث نهاية الأسبوع الأخير سيظهر جليا في فحوى المداخلات التي توالت في الأمسية الافتتاحية. على غرار اللافتات التي علقت، لم يخل بعضها من توجيه رسائل مبطنة للحكومة القادمة: «لا استعمال للدين في السياسة» تقول إحدى اللافتات. هذه الرسالة ستكون صريحة في كلمات المنشط الرئيسي للافتتاحية: «نتوعد حكومة العدالة والتنمية بمعارضة ساخنة... طبعا إذا أصابوا سنصفق لهم، لكن مشروعنا ومشروعهم يوجدان على طرفي نقيض.. لا يمكن أن يجتمعان» يضيف الساسي. نفس رؤية الساسي للحكومة المقبلة سيتقاسمها معه متدخلون آخرون: «نحن لسنا ضد أن يتولى التيار الأصولي دفة التسيير، لأن له حظوظ في البلدان العربية كما شاهدنا، وستكون فرصة ليظهروا وجههم الحقيقي» يقول محمد بنسعيد آيت إيدر القيادي بالحزب وعضو المجلس الوطني, الذي لم يفوت الفرصة ليعلن «وفاة الكتلة التي كانت سنة 1996 بعد الاستفتاء». الكلمات الأخرى التي ألقيت ركزت على بناء قطب يساري كبير لمواجهة صعود الإسلام السياسي في الانتخابات التي أجريت مؤخرا في بلدان عديدة. لكن الكلمات لم تغفل التركيز على مطلب الملكية البرلمانية الآن كشعار لأشغال المؤتمر, ولتحقيقه يؤكد الحزب «على ثلاثة محاور تهم دعم حركة 20 فبراير وتطويرها والحرص على استقلاليتها, استمرار النقاش داخل تحالف اليسار الديموقراطي وأخيرا مواصلة الحوار بين جميع الأحزاب اليسارية لتجاوز حالات الشتات» يشرح محمد مجاهد الأمين العام للحزب. التماهي بين المؤتمر الوطني للحزب وحركة 20 فبراير لم يقتصر على الشعارات بل تعداه إلى الكلمة التي ألقاها أحد وجوه الحركة: «أدعو مناضلي الحزب إلى الاستمرار في التواجد بقوة في تنسيقيات حركة 20 فبراير وأدعو كذلك إلى بناء حزب اليسار الكبير لمواجهة المشروع المخزني والأصولي» يقول نجيب شوقي في كلمة محرجة لأعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المدعوين من طرف الحزب الاشتراكي الموحد. كلمة شوقي كناشط بحركة 20 فبراير تتويج لنجاح الحزب في إقناع بعض نشطاء الحركة الالتحاق بالحزب والمشاركة كمؤتمرين, من المرتقب أن يتم إدماجهم في هياكل الحزب التي ستنتخب مع انتهاء الأشغال. النقاش في اليوم الأول ببوزنيقة نحى باتجاه تبني أرضيتين للتداول, وكل التسريبات تشير إلى أن الأرضية التي يتبناها مجاهد والساسي ستنتهي بالتفوق بتتويج محمد الساسي أمينا عاما جديدا أمس الأحد.