عديدة هي المواعيد التي أعطيت، دون أن يتم الالتزام بها، من أجل مشاركة مغاربة العالم في الحياة السياسية لبلادهم، مع أن الدستور يكفل لهم الحق الكامل في التصويت والترشح انطلاقا من بلدان إقامتهم. لقد كان الفصل 17 من الدستور أكثر وضوحا بهذا الخصوص، إذ ينص على أنه " يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية المحلية والجهوية والوطنية ". وينضاف لهذه المقتضيات الدستورية، العزم الملكي الأكيد المعبر عنه في مناسبات عديدة والذي تجلى في العديد من المبادرات لفائدة الجالية المغربية المقيمة بالخارج لضمان ممارستها الكاملة لحقوقها المشروعة. فبالنسبة للسيدة لطيفة أيت باعلا، عضو الحركة الإصلاحية، الحزب الليبرالي الفرنكوفوني الذي يقود الأغلبية الحكومية في بلجيكا، فإن أفق الاستحقاقات الانتخابية ليوم 4 شتنبر يثير العديد من "ردود الفعل" لدى أفراد الجالية المغربية. وبرأيها، فإن "الابتهاج" الذي رافق المقتضيات الدستورية الجديدة التي تعترف أخيرا بالمواطنة الكاملة لمغاربة العالم يترك المجال اليوم ل"مرارة كبيرة". "إنه أمر محزن أن تكون لدينا خبرة وثقافة ديمقراطية لا توضع في خدمة التطور الديمقراطي في المغرب"، تأسف هذه الفاعلة السياسية البلجيكية – المغربية، ورئيسة المركز الأورومتوسطي للتعاون والدبلوماسية المواطنة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء. وهي، بذلك، تشير إلى "غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الحكومات المتعاقبة"، رغم مختلف دعوات جلالة الملك لفسح المجال أمام مغاربة العالم من أجل ممارسة كامل حقوقهم في المواطنة كما يكفلها الدستور. وفي نظرها، فإنه " لو أن الحكومات المتعاقبة حرصت على إتباع خارطة الطريق الواردة في الخطاب الملكي ليوم 6 نونبر 2005، لما وصلنا إلى ما نحن عليه "، معربة عن ارتياحها لاهتمام جلالة الملك بقضايا المغاربة المقيمين بالخارج والعناية السامية التي يوليها لهم. وقالت إن المغاربة المقيمين بالخارج أعربوا عن "ابتهاجهم" و"ارتياحهم" لمضامين خطابي جلالة الملك بمناسبة عيد العرش وذكرى ثورة الملك والشعب. "إنه من المفرح للغاية – تضيف السيدة أيت باعلا – أن جلالة الملك وجه دعوة حقيقية، بمناسبة عيد العرش، لفائدة حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمغاربة المقيمين بالخارج طبقا للمقتضيات الدستورية، مذكرا الحكومة والمسؤولين السياسيين بضرورة تطبيقها ". وأعربت الفاعلة السياسة البلجيكية- المغربية، وهي أيضا نائبة رئيس الفرع الدولي لحزبها، عن أملها في تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بإدماج ممثلي المغاربة المقيمين بالخارج داخل الهيئات الاستشارية للحكامة والديمقراطية التشاركية. وشددت على أنه " من الملح أن تنكب الحكومة على اعتماد القوانين التنظيمية وغيرها من النصوص اللازمة لتطبيق مقتضيات الدستور لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج". وقالت " لقد تمكن المغاربة المقيمون بالخارج بالفعل من المشاركة في الاستفتاء على الدستور سنة 2011. وبالتالي، فلا شيء يمنع إحداث دوائر انتخابية في الخارج"، معربة عن اعتقادها ب"ضرورة إدماج مبدأ المناصفة في جميع القوانين التي تهم المغاربة المقيمين بالخارج". كما دعت إلى وضع استراتيجية مندمجة تقوم على التعاون والتنسيق بين المؤسسات الوطنية المختصة في مجال الهجرة. وخلصت السيدة أيت باعلا إلى أن مغاربة العالم لا يمكن أن يعاملوا كمواطنين من "الدرجة الثانية، وهو وضع سيكون في نظر البعض حجة على معاملة مختلفة". ويقدر عدد أفراد الجالية المغربية، المتواجدة في بلجيكا منذ نصف قرن، بأزيد من 410 آلاف شخص. وتعد هذه الجالية اليوم إحدى الجاليات الأكثر نشاطا ودينامية في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية في هذا البلد. وفي بروكسيل، فإن أكثر من 10 بالمائة من المنتخبين من أصول مغربية يتولون تدبير الشأن المحلي للمدينة، فضلا عمن يتولون مناصب وزراء في الحكومات الجهوية، والمنتخبين في البرلمان الفيدرالي ومجلس الشيوخ أو أيضا الأعضاء في البرلمان الأوروبي.