تجاوزت ممارسات الهاشمي صاحب قناة الحقيقة حدود العقل ليصل إلى مستوى المساومة على حياة المرضى والمساكين والمحتاجين وأكل أموالهم واستخدام القرآن من أجل أهداف وأطماع شخصية واللعب على مشاعر الناس واستغلال حاجاتهم، وآلامهم من أجل الوصول إلى الثروة التي وجد الطريق إليها عن طريق الافتراء وممارسة الدجل. لكن وصفاته أدت إلى وفاة عدد كبير من الناس في المغرب وإصابة البعض الآخر بأمراض خطيرة. أطل على العرب من شاشة قناة الحقيقة التي أنشأها لتمرير رسائله المشفرة الحبلى بالأكاذيب التي انطلت على كثير من السذج الأغنياء منهم والفقراء مستغلا رغبتهم في العلاج، والتخلص من الألم، وتمكن من إقناع الكثيرين بقدرته على علاج جميع الأمراض بلا استثناء، بدءا من أمراض السرطان والقلب والأعصاب والكلى والكبد والأمراض المعدية والأمراض الجلدية والنفسية والسحر والعين والحسد وكل ما يخطر على البال من الأمراض العضوية والنفسية، وانتهاءا بمرض السيدا. مدعيا قدرته على علاج ضحاياه عن بعد دون الحاجة إلى القيام بالفحوصات أو التحاليل لتشخيص حالتهم، وهو الأمر الذي نتج عنه وفاة عدد كبير من الناس . نجت من السرطان لتموت بوصفات الهاشمي تغير كل شيء بالنسبة إليها وانهارت حياتها أمام عينيها، ولم تعد ترى أمام عينيها سوى الموت، بعد أن اكتشفت أنها مريضة بالسرطان الذي استوطن نخاعها العظمي، مما تسبب لها في صدمة نفسية كبيرة دفعتها إلى الاستعانة بأي شيء من أجل إنقاذ حياتها والعودة إلى العيش بين أطفالها. لم تكن تعلم أنها مريضة بهذا المرض الملعون، وكانت الصدفة وحدها من قادتها لاكتشاف هذا الأمر الخطير، حينما بدأت تحس بألم حاد على مستوى رجلها، قبل أن تقع من مكان منخفض وتكسر رجلها من جهة الحوض. توجهت فاطمة المرأة الأربعينية إلى المستشفى بمنتهى السرعة، لعلاج رجلها التي كانت تتطلب القيام بعملية جراحية من أجل إعادتها لحالتها الطبيعية التي كانت عليها من قبل، هذه العملية استدعت القيام بعدة فحوصات قبل إجرائها للتأكد من توفر كل الظروف المناسبة لنجاح العملية، ليكتشف الأطباء ما لم يكن في حسبانهم ولا في حسبان فاطمة ويتم إخبارها بأنها مصابة بسرطان النخاع العظمي. الخبر نزل كالصاعقة على المرأة التي فقدت أعصابها، واسودت الحياة في عينيها، وبدأت توزع الوصايا على أفراد عائلتها وتتوسل إليهم من أجل الاعتناء بأبنائها الصغار ،بالرغم من بدء فاطمة بالعلاج داخل مستشفى ابن رشد بمدينة الدارالبيضاء إلا أنها كانت يائسة من إمكانية شفائها من المرض الخبيث. كثرت الأقاويل حول إمكانية شفاء فاطمة بالرغم من طمأنة الأطباء لها، مادام المرض في بدايته حيث كانوا يرون أن نسبة شفائها كبيرة إذا تابعت العلاج، لكن النصائح التي كان يقدمها لها زوارها كانت كلها كانت تنصب حول كونها تضيع الوقت في المستشفى خاصة بعد رفض الأطباء إجراء العملية لها، إلا بعد أن تتشافى من السرطان. طول المدة التي رقدتها فاطمة في المستشفى، وكثرة النصائح التي تتدفق عليها من كل حدب وصوب ويأسها من العلاج الطبي الذي لم طالت مدته دون أن تبدو عليها أي علامات للتحسن، دفع بها إلى تجريب وصفات الطب التقليدي، التي تتداولها الألسن. بدأت فاطمة ببعض الوصفات التي سمعت عنها، والتي تعرف بمذاقها المر، والتي كانت تشربها مرغمة علها تجد فيها الشفاء من هذا الداء الذي يهدد حياتها، من روح القطران إلى عشبة «مريوت» المعروفة بمذاقها المر جربت المرأة كل ما يقال لها بحثا عن شيء يحد من انتشار المرض ويساعدها على القيام بالعملية، واستعادة عافيتها. كما لجأت إلى مركز الهاشمي الذي نصحتها العديد من النساء باللجوء إليه لأنه بخبرته الطويلة في هذا المجال سيتمكن من علاجها من هذا المرض. لم تتردد، بحثت عن هاتف المركز واتصلت بالمسؤولين عليه، الذين طلبوا منها مبالغ باهضة بلغت خمسة آلاف درهم للقنينة الواحدة. قنينة تحتوي على بعض الأعشاب مخلوطة بعسل النحل. استطاعت فاطمة من الحصول على القنينة عدة مرات، لكنها لم تتمكن من الاستمرار بسبب ثمنها المرتفع وعدم قدرتها على تأمين هذا المبلغ من المال في كل مرة، وإحساسها بألم في المعدة. بالرغم من لجوء فاطمة للعلاج بالمواد التقليدية، إلا أنها لم تتخلى عن العلاج الطبي، الذي بدأت بفضله حالتها الصحية تتحسن، حيث ترممت رجلها بشكل طبيعي دون الحاجة إلى القيام بعملية جراحية تمكنت فاطمة من المشي على قدميها مرة أخرى، لكنها بدأت تعاني من مشاكل في المعدة التي أصيبت بالتهابات حادة فقدت معها القدرة على تناول الطعام، حيث لم يعد ينفع معها أي علاج، بسبب الوصفات العشبية التي جعلت معدتها تلتهب، وهو الأمر الذي جعلها طريحة الفراش حيث جف جسدها لأنها لم تعد تأكل وتشرب كما في السابق، وبقيت على هاته الحال إلى أن توفيت. كبدها لم يعد يسمح بالعلاج الطبي يئست من حياتها وقهرتها الأفكار السوداوية حيث أصبح تفكيرها منحصرا في موعد وفاتها الذي لن يكون إلا في الأيام القليلة المقبلة، بعد أن اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي، الذي يقترن في ذهنها بالموت. حليمة المرأة النشيطة والمرحة التي لا تفارق الإبتسامة شفتيها، انقلبت حياتها رأسا على عقب. أصبحت ذابلة وشاحبة الوجه، لا تتكلم إلا والدموع تنهمر من عينيها رغما عنها، لكن الطريقة الوحيدة التي كانت أمامها لتفلت من الموت الحتمي هي البحث عن علاج. لم تكن حليمة تؤمن بالعلاج الطبي خاصة أنها كانت تسمع دوما أن السرطان ليس له علاج، والمريض به لا يمكن أن يتماثل للشفاء. لم تكن تريد فقدان جزء حيوي من جسمها حفاظا على أنوثتها مما دفعها إلى تغيير دفة البحث عن علاج واللجوء إلى الطب التقليدي، حيث نصحها الكثير من معارفها بمشاهدة قناة الحقيقة، التي يعرض صاحبها العلاج لكل الأمراض. لم تتردد حليمة في متابعة القناة التي تمكنت من خلالها من الحصول على رقم الهاتف الخاص بالمركز في مدينة الدارالبيضاء، حيث استغلت أول فرصة للاتصال بالمركز من أجل معرفة ما إذا كان علاج دائها متوفرا أم لا. اكتشفت حليمة أن المركز يوفر علاج جميع الأمراض المستعصية التي عجز حتى الطب عن علاجها حسب ما يدعيه المسؤولون المشرفون على تسييره، لكن كلفة العلاج كانت باهضة جدا بالنسبة لوضعها المادي البسيط. حاولت حليمة جهدها من أجل توفير كلفة العلاج في البداية من خلال طلب المساعدة من أقاربها ومعارفها، وهو الشيء الذي أنهكها وزاد من تأزم وضعيتها النفسية. بعد تجريب الأعشاب التي كانت تتناولها والتي تشتريها من المركز التابع لقناة الحقيقة، لم تشعر بأي تحسن وإنما زاد الألم وساءت حالتها الصحية، الشيء الذي دفعها إلى اللجوء إلى الطب لمعرفة المرحلة التي وصل إليها المرض. بعد القيام بالفحوصات والتحاليل الطبية الضرورية، تبين للطبيب المعالج أن المرض تطور بشكل كبير، وأنه لم يعد بإمكان حليمة متابعة العلاج الكيماوي، بسبب الحالة السيئة التي أصبح عليها الكبد والتي لم تعد تتحمل العلاج الكيماوي، بسبب العلاج التقليدي الذي كانت تتابعه، ليقرر الطبيب استئصال الثدي بكامله. وقعت حليمة في المحظور ووجدت نفسها ضحية خوفها من العلاج الطبي، وتهافتها على العلاج التقليدي الذي يقوم على الدجل، والذي أوصلها إلى طريق اللاعودة التي لم يعد ينفعها معها علاج، لتنتظر مصيرها المحتوم بسبب سوء تقديرها، وثقتها في قناة « السراب» التي تبيع الوهم للناس حيث يستغل صاحبها ألم الناس لتحقيق الثروة والغنى. فاطمة وحليمة ليستا الضحيتان الوحيدتان اللتان تأذيتا بالوصفات التقليدية التي يدعي « الدكتور» أنها تصلح لعلاج جميع الأمراض التي استعصى على العلم إيجاد علاج لها، لتكثر الشكايات في حقه وتقرر السلطات المغربية إغلاق المراكز التابعة لقناة الحقيقة الموجودة في المغرب، وإغلاق حسابه البنكي الذي يودع فيه المرضى المال الذي يطلبه مقابل الوصفات المميتة التي يقدمها لهم، مجيدة أبوالخيرات