كان يتلقى العلاج من طرف زملائه في "التشمكير"، حين ظل يقاوم آلام الحريق برائحة "الدلوان"، التي لا تفارق موقع تجمعهم وسط مدينة طنجة، بعدما رفضت الصحة العمومية احتضانه، بالرغم من نقله لأكثر من مرة على متن سيارة الوقاية المدينة إلى مستشفى محمد الخامس من أجل تلقي العلاج، أمام استمرار تدهور حالته الصحية. هذا المشهد عاينه العديد من المارة، أمس، بشارع مولاي سليمان بالقرب من ساحة المغرب، حين اكتشفوا خلف سور لأرض عارية بجوار عمارة في طور البناء، طفل لا يتجاوز عمره 15 سنة، ينام في زاوية وسط الأزبال، وحوله عدد من رفاقه يعملون على مساعدته لقضاء حوائجه، نتيجة عجزه بفعل إصابته البليغة، التي غطت وجهه ويديه، بعدما كان قد تعرض لحادث تسبب في احتراق وجهه بمادة "الدلوان" القابلة للاشتعال، وفق رواية بعض أصدقائه. المعني بالأمر، الذي يتحدر من القصر الكبير، حسب أحد أشقائه، الذي يحكي عن قدومه إلى طنجة رفقة أربعة آخرين من إخوته، قبل أزيد من خمس سنوات وهم في سن مبكرة، سبق له أن دخل في شجار مع أحد المتشردين، قبل أن يسكب على وجهه مادة "الدلوان" وهو يحاول تدخين سيجارة، الأمر الذي أدى إلى احتراق وجهه ويديه، ليتم نقله إلى مستشفى محمد الخامس ويتلقى بعض الإسعافات قبل أن يطلبوا منه مغادرة المستشفى. وقد ظل هذا الطفل مع باقي المتشردين من مختلف الأعمار، الذين يتوافدون على المدينة، يتجول في الشارع العام على هذا الحال لمدة حوالي أسبوع، يقول شقيقه، وفي كل مرة يتم الاتصال بسيارة الإسعاف من قبل بعض الأشخاص، الذين يعاينون حالته المتدهورة، من أجل إعادته إلى المستشفى لتلقي العلاج الضروري، إلا أنه سرعان ما يعود إلى موقعه على الحال نفسه، في الوقت الذي بدأت تظهر فيه آثار التعفن على جراحه في غياب الجهة التي ستتكلف بعلاجه حين لم يجد مكانه بمستشفى الصحة العمومية، أو من يتكفل بمساعدته. محمد كويمن