حصل فيلم "تاكسي" الإيراني من إخراج جعفر باناهي في مهرجان برلين السينمائي الدولي على جائزة الدب الذهبي. ويتم عرض هذا الفيلم حاليا في دور السينما الألمانية. يشارك مشاهد الفيلم في رحلة سيارة تاكسي في طهران تستغرق ساعة ونصف الساعة. وسائق السيارة هو مخرج الفيلم جعفر بناهي بنفسه. وصورت كاميرا مرفقة في التاكسي الركاب، ومن بينهم رجل يبيع سراً أقراص دي في دي مسجل عليها أفلام سينمائية من هوليوود، وامرأتان مقتنعتان بتعاليم الروحانيات تريدان المشاركة في مراسم دفن غريبة، وامرأة أخرى تريد مرافقة رجل مصاب بجروح شديدة إلى مستشفى. ولا يتضح ما إذا كان هؤلاء الأشخاص ركابا واقعيين أو ممثلين باستثناء شخصين. وهما المحامية المعروفة المتخصصة في شؤون حقوق الإنسان نسرين سوتوده وقريبة لجعفر باناهي في سن العاشرة تحمل اسم حنة. وعندما يقود "السائق" باناهي ركاب سيارته إلى أهدافهم في المدينة، فإنه يتحدث معهم عن أحداث في الحياة اليومية في إيران وحياتهم الشخصية وأيضا عن قضايا سياسية ومعنى عقوبة الإعدام وحقوق الإنسان. وتبدو هذه الأحاديث حقيقية ولا تتضمن تقييما من الناحية الأخلاقية. مخرج مضطهَد عندما علم باناهي أن فيلمه حصل في مهرجان برلين السينمائي الدولي على جائزة الدب الذهبي، قال حرفيا:"قبل أن تعظ الآخرين، عليك تنظيف عتبة بيتك"، ففي وطن المخرج لا يوجد أي نوع من حرية التعبير. وحقيقة أن باناهي قال هذه الجملة في مقابلة أجرتها معه وكالة إيلنا الإيرانية للأنباء لا يغير شيئا في ذلك. وقد تم اعتقال باناهي عام 2010 وتوقيفه في السجن لمدة ثلاثة أشهر. وحكم عليه بعد ذلك بحظر مزاولة مهنة الإخراج السينمائي لمدة 20 سنة والسجن لستة أعوام، وذلك بحجة أن باناهي قام في أفلامه بنشر "دعاية معادية للنظام". إلا أنه لم يتم تنفيذ الحكم بالسجن. ومن المحتمل أن يعود ذلك إلى اختلاف مراكز القوى في إيران. وتعرف طهران أن الإفراط في ملاحقة المخرج المعروف على الصعيد العالمي في هذه الأثناء قد يثير عاصفة احتجاج دولية ضدها. وبطبيعة الحال لا يتم عرض فيلم "تاكسي" في دور السينما الإيرانية، بينما يمكن مشاهدته حاليا في دور السينما الألمانية. ويعود الإعجاب الذي يثيره الفيلم لدى المشاهدين إلى تأرجحه بين مشاهد تمثيلية ووثائقية وإتاحة الفرصة لهم لإلقاء نظرة على الحياة في مدينة يسكنها ملايين الأشخاص. وكما أكد دارين أرونوفسكي المخرج الأمريكي والعضو في لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي الدولي، فإن فيلم "تاكسي" حصل على جائزة الدب الذهبي ليس فقط لأنه فيلم سياسي شجاع، وإنما لأنه عمل فني ممتاز أيضا.