تيسير علوني متهم بإيصال أموال إلى قاعدة بن لادن. موفق زيدان موضوع على رأس الممنوعين من دخول أمريكا بتهمة الإرهاب، واليوم أحمد منصور معتقل في ألمانيا بتهم خطيرة لعل أسهلها هي التخابر مع دولة أجنبية والاغتصاب والتعذيب والانتماء إلى جماعة محظورة. ما الذي يقع حقا لصحافيي الجزيرة القطرية؟ ولماذا تلاحق تهمة الإرهاب صحافيي هذه القناة الخاصة من نوعها؟ بالنسبة لقناة تلفزيونية اختارت دائما أن تضع على رأسها عضوا في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين أو متعاطفا مع هذا التنظيم الأمر يبدو شبه عادي، والنسبة لقناة رسم خطها التحريري الإيماني أول الأمر شيخ يسمى يوسف القرضاوي الحكاية ليست مثيرة للاستغراب كثيرا. التداخل بين الإخوان وبين الجزيرة أصبح بديهية يعرفها القاصي والداني، ربما غابت في السنوات الأولى لانطلاقة القناة عن الجمهور العادي، لكنها اليوم أضحت مسلمة لا تقبل حتى النقاش. الجزيرة هي صوت التيار الإسلامي وصورته في العالم العربي، وهي الناطقة باسم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ولو اضطرها الأمر للخروج عن وظيفتها الإعلامية وخوض المعارك بدل التنظيم في عدد كبير من الدول أهمها وأشهرها وأكثرها وضوحا مصر التي خاضت فيها الجزيرة معركة رابعة بكل قوتها، وشحذت لها ماتمتلكه من وسائل وخصصت لها قناة مباشرة، وفي الأخير لم تصل إلى ماتريده فحولت كل معركتها إلى سب النظام المصري وتسفيهه أمام أنظار العالم علما أنها ليست وظيفة قناة تلفزيونية أن تسب نظام بلد آخر، لكن بالنسبة لقيادة إخوانية لا تعترف بهذا التقسيم القطري وتؤمن بالتمكين للإخوان كل مرة في قطر جديد فالمسألة لا تهم كثيرا منصور اليوم في قبضة العدالة الألمانية التي تقرر مصيره، وبالنسبة للعارفين بأحوال القناة هو اليوم ملزم بعد أن تمر عاصفة اعتقاله إما بالاختفاء عن البث التلفزيوني أو تولي منصب قيادي في الخفاء في القناة، لأن هذه هي القاعدة التي سارت عليها الجزيرة مع قياداتها الإخوانية حين انكشاف أمرها هذا عن قيادات الإخوان، أما حينما ينكشف أمر قيادات تابعة لتنظيمات أخرى مثلما حدث للونا شبل التي تحولت من مذيعة تقدم الأخبار عبر القناة الأكثر "جرأة" في العالم العربي إلى ناطقة باسم نظام بشار الأسد فتلك حكاية أخرى تصلح هي الأخرى لفهم طبيعة هاته القناة التي يتضح يوما بعد آخر أنها ليست قناة تلفزيونية على الإطلاق شيء من التاريخ يوم طرد عزمي بشارة وضاح خنفر من الجزيرة قدم مدير عام قناة "الجزيرة" القطرية، وضاح خنفر، استقالته بعد ثمانية أعوام أمضاها في منصبه، أعقبها بساعات تعيين الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، في منصب الإعلامي الفلسطيني، الذي أفادت معلومات أنه أُقيل بقرار من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وذلك بعد معلومات من داخل المحطة تفيد أنه أُبعد عن دائرة القرار في الفترة الأخيرة، ولا سيما بعد ما نشره موقع ويكيلكس عن تنسيقه مع المخابرات العسكرية الأميركية (دي. آي. إيه) في ما يتعلق بما تبثه القناة. وعيّن مجلس إدارة قناة "الجزيرة" الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، والذي كان يشغل منصب مدير الهندسة والمشاريع في شركة "قطر للغاز". وربطت تقديرات إزاحة خنفر، بتسريبات ويكيليكس، ما دفع أمير قطر إلى الطلب بالتحقيق في صحة المعلومات التي سربها الموقع الشهير، في حين أشارت معلومات إلى عاملاً آخر كان حاسماً في إبعاد خنفر وتمثل في صراع بينه وبين المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، المقرب من أمير البلاد، وأن المسؤولين القطريين اتخذوا مما سرّبه "ويكيليكس" حجة لإقالة خنفر. الخلافات التي أطاحت بخنفر وفي السياق نفسه، نقلت تقارير عن مصادر في الجزيرة قولها إن إقالة وضاح خنفر من عضوية مجلس إدارة قناة "الجزيرة" جاءت على خلفية نقاش سابق بين خنفر وأعضاء في مجلس الإدارة تتعلق بسياسة المؤسسة، مشيرة إلى أن أنه كان خنفر تلقى قبل نحو شهرين تحذيراً من أحد مساعدي الأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وذلك على خلفية العلاقة مع عزمي بشارة. وأشارت التقارير إلى أن هذا التحذير والنقاش الحاد الذي دار بين خنفر وممثل الأمير كشف الخلاف الدائر بين الطرفين كون خنفر "يستغل علاقاته الوطيدة بالحركات الإسلامية في الوطن العربي مثل "حماس" و"الأخوان المسلمين" ويتيح المجال أمام أصدقائه للظهور على الشاشة أكثر من غيرهم، بخاصة ذوي التوجه الإسلامي أمثال المصري أحمد منصور والأردني ياسر أبو هلالة والشيخ رائد صلاح. وقالت المصادر عينها ان الخلاف آنذاك كان على خلفية طلب بشارة أكثر من مرة عدم إظهار لقبه البرلماني على الشاشة والتشديد على كونه "الباحث والمفكر العربي"، وانه في إحدى المرات ظهرت على الشاشة عبارة "عضو الكنيست" مما اضطر بشارة الى الإتصال بعد اللقاء التلفزيوني مباشرة بالبلاط الأميري معبراً عن احتجاجه. وأضاف هذا الإعلامي ان خنفر وعندما تمت مفاتحته بالموضوع (آنذاك) استشاط غضباً وقال: "انا لا أعمل عند عزمي بشارة"، وان أحد مساعدي الأمير قال لوضاح خنفر يومها: "أنت تعرف العلاقة بين سمو الأمير والدكتور عزمي، والتعليمات واضحة لك في هذا المجال". وأكد المصدر ان خنفر، المدعوم من قبل العلامة الإسلامي الدكتور القرضاوي الذي يتمتع بتأثير واسع في قطر، يلاقي معارضة شديدة من قبل رئيس مجلس الإدارة سمو الشيخ حمد بن سامر آل ثاني، وهو إبن أخ أمير البلاد، وان هذه المعارضة بدأت بالظهور أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة، بخاصة بعد ان انتهت الإدارة الأميركية "ترتيب البيت" في قناة "الحرة"، الممولة من الكونغرس الأميركي، وأن واشنطن تتفرغ الآن لإعادة ترتيب الأوراق داخل محطة "الجزيرة". وعن دور عزمي بشارة في ما يدور داخل "الجزيرة" قالت المصادر إن بعض العاملين في "الجزيرة" يشعرون اليوم أكثر من أي وقت مضى بتدخل بشارة في ما يدور في "الجزيرة"، ويصفه البعض ب"الأخطبوط" لكثرة علاقاته بالإداريين في المحطة لدرجة ان أحدهم صرح قائلاً ان "بشارة سلم الإدارة قائمة بأسماء السياسيين والإعلاميين الذين يوصي بهم للظهور على الشاشة وقائمة أخرى بمن لا يحبذ ان يراهم على شاشة "الجزيرة". وربطت ذلك بما أشيع من أن بشارة سيعين في وظيفة إعلامية في "الجزيرة" أو وظيفة استشارية في البلاط الأميري غير مستبعد أن يكون ما يحصل مع وضاح خنفر أحد المؤشرات لذلك. وفي مذكرة داخلية وجهها خنفر ، الذي يدير القناة منذ العام 2003، إلى الموظفين قال "كنت قد تحدثت مع رئيس مجلس الإدارة منذ زمن عن رغبتي في ان اعتزل الادارة عند انتهاء السنوات الثماني، وقد تفهم مشكورا رغبتي هذه". وأنشأت قطر القناة في نوفمبر 1996، وصارت أكثر القنوات العربية مشاهدة. واشاد خنفر ب"الرعاية التي أولتها قطر شعبا وقيادة للجزيرة". وأضاف ان "الجزيرة قوية بمنهجها وثابتة بانتماء ابنائها (...) لا تتغير بتغير موظف ولا مدير، ومصلحة المؤسسات كمصالح الدول تحتاج الى تداول وتعاقب، فتحا لرؤى جديدة، واستجلابا لافكار مبدعة". ولم يوضح خنفر أسباب تركه الجزيرة، واكتفى بقوله "أعتقد أن أي شخص يوافق على أن الجزيرة الآن أقوى قناة إعلامية من أي وقت قد مضى، وأن تغطيتها الإعلامية يتم مشاهدتها على نطاق واسع". وأكد خنفر على صفحته في موقع "تويتر" أنه "خدم الجزيرة بمنتهى الفخر كمراسل وكمدير مكتب وكمدير للقناة ورئيسا للشركة"،. وتحدث مصادر من داخل "الجزيرة" ل"العرب اليوم" أن خنفر لم يكن في واجهة الأحداث والإدارة منذ نشر ما نشره ويكيلكس، أو بمعنى آخر أنه أبعد عن دائرة القرار منذ ذلك الحين. وكانت مراسلات أميركية سرية كشفها موقع "ويكيليكس" تحدثت عن وجود تعاون وثيق بين خنفر ووكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية "دي آي أيه"، وعن تلقيه تقارير شهرية من الوكالة عن أداء "الجزيرة" في تغطية الأحداث المرتبطة بالولاياتالمتحدة ومصالحها. وذكرت الوثائق، التي يعود تاريخها إلى 20 ت أكتوبر 2005، وتكشفت عن تعاون وتنسيق دوريين بين "دي آي أيه" ومدير عام "الجزيرة" من خلال مسؤولة الشؤون الخارجية في وزارة الدفاع الأميركية، وأن خنفر تعهد خلال اللقاءات بين الطرفَين، خنفر بتعديل الأخبار التي تزعج الحكومة الأميركية أو حذفها تمامًا . وجاء في البرقية التي تحمل الرقم 05doha1765 ويعود تاريخها إلى 20 أكتوبر 2005، أنّ مسؤولة الشؤون العامة في وزارة الدفاع الأميركية زارت وضاح خنفر "لمناقشة أحدث تقارير وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية عن قناة "الجزيرة" والمضمون المزعج الذي ينشره موقع الجزيرة نت ". وأوضح خنفر للمسؤولة الأميركية أنه يُعدّ ردًا مكتوبًا على النقاط التي ذكرها التقرير الأميركي، ويطال أشهر يوليوز وغشت وشتنبر (من ذلك العام)، موضحًا أن أكثر المواضيع التي أثارت استياء الحكومة الأميركية على الموقع الإلكتروني ل"الجزيرة" قد جرى التخفيف من حدّتها. وطلب منها "ترتيب طريقة إرسال التقارير"، مشيرًا إلى أنه وجد أحدها على "آلة الفاكس ". إلا أن التعاون بين الطرفَين لا يقف عند حدود تبادل التقارير، بل تظهر البرقية المرسلة من سفارة الولاياتالمتحدة في الدوحة أن المسؤولة الأميركية أبلغت خنفر أنه "رغم انخفاض التغطية السلبية عمومًا منذ شباط/فبراير، شهد شهر أيلول ارتفاعًا مقلقًا لهذه النوعية من البرامج". ولخّصت آخر تقرير للحكومة الأميركية عن "الجزيرة"، فقالت بوضوح إنّ المشكلة تتعلّق باعتماد المحطة على مصدرين في ما يتعلّق بتغطية الأحداث في العراق، إلى جانب مشاكل "تحديد المصادر، واللغة المحرِّضة، والفشل في إحداث توازن مع وجهات النظر المتطرفة، واستخدام أشرطة الإرهابيين". أما خنفر فذكر في اللقاء نفسه "ملاحظاته" على التقرير الأميركي عن تغطية "الجزيرة" الذي طال شهرَي تموز/يوليو وآب/أغسطس. وعلّق بداية على تقرير آب/أغسطس، الذي حمل في صفحته الأولى عنوان "العنف في العراق". هنا ذكر جملة وردت في التقرير تقول "بعد انتهاك المحطة للاتفاق الذي جمعها بالمسؤولين الأميركيين..."، معلنًا أنّ هذا "الاتفاق" كان شفهيًا، "ونحن كمؤسسة إخبارية لا يمكننا توقيع اتفاقيات من هذا النوع...". لكن خنفر سرعان ما تخطّى الشكليات ليعلن أن النقاط التي ذكرتها التقارير الأميركية تصنّف في ثلاث فئات: "بعضها أخطاء بسيطة يمكن أن نقبلها ونصحّحها، وبعضها مقتبس من خارج سياقه". وهنا استفاض شارحًا طريقة تحقيق قناة "الجزيرة" للتوازن في بثّ أخبارها: "المحطة قد تعرض وجهة نظر شخص في برنامج معيّن (...) وتعود لتعرض وجهة نظر توازِنُها في البرنامج نفسه أو في وقت لاحق من اليوم نفسه، بما أن "الجزيرة" هي قناة تبثّ 24/ 24′′. أما الفئة الثالثة فهي تلك التي يصعب حلّها، مثل بثّ الفضائية القطرية "للأشرطة الإرهابية". وهنا أبلغ المسؤولة الأميركية "انّنا سنستمر باستعمال هذه الأشرطة، لكن السؤال هو: كيف سنستخدمها؟" مشيرًا إلى أن الأشرطة تشاهَد مرارًا وتخضع للمنتجة. وعن قلق الأميركيين من "اللغة التحريضية" التي تبثّ على "الجزيرة"، أعلن خنفر أن المحطة تتمتّع بسلطة فقط على مراسليها، "فيما المشكلة تكمن في الأشخاص الذين نجري مقابلات معهم". أما الفقرة السادسة فحملت عتبًا من وضاح خنفر على الإدارة الأميركية بسبب تقاريرها عن أداء "الجزيرة" "التي تركّز فقط على السلبيات (... ) فإنها لا تشير مثلاً إلى المساحة التي أعطيناها للمتحدثين الرسميين الأميركيين".