قال رئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، مسعود بوحسين، إن المسرح المغربي يعرف اليوم تحولات مهمة على مستويات متعددة، من ضمنها ما يخص انخراط الدولة في دعم الأعمال المسرحية والفنية عموما. وأوضح بوحسين، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الاحتفال باليوم الوطني للمسرح (14 ماي)، أن هذه التحولات تتجلى في تجارب أجيال جديدة خاصة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، والفنانين الرواد، فضلا عن فنانين لهم مسارات أخرى من قبيل المسرح الهاوي والمسرح الجامعي. يشار إلى أن يوم 14 ماي من كل سنة يكرس يوما وطنيا للمسرح تخليدا لذكرى قيام جلالة المغفور له الحسن الثاني بتوجيه رسالة ملكية سامية إلى المناظرة الوطنية الأولى حول المسرح الاحترافي، التي انعقدت في الدارالبيضاء أيام 14 و15 و16 ماي 1992. وأضاف بوحسين أن المؤسسة الملكية قامت بإشارات مهمة لتأمين العديد من المنشآت المسرحية (وجدة، والرباط، والدارالبيضاء، ومدينة الفنون بآسفي...) وفي الارتفاع الكبير في أعداد المنشآت الثقافية التي تحتوي على قاعات للمسرح، مشيرا إلى أن من بين هذه المؤشرات الإيجابية حركة المهرجانات المسرحية من قبيل مهرجان المسرح العربي الذي تم تنظيمه بالرباط من 10 إلى 16 يناير المنصرم. وتحدث رئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح عن التحولات المهمة الأخرى التي تتعلق بمراجعة قانون الدعم الذي انتقل من 500 مليون سنتيم سابقا إلى مليار ونصف مليار سنتيم، وهو "تحول مهم وإن كان غير كاف"، مشيرا إلى الحيثيات الدستورية في دستور 2011 التي أولت الثقافة والفن اهتماما خاصا. وأكد مسعود بوحسين أن المسرح المغربي يعيش الآن على إيقاع الوعي التدريجي للدولة بالدور الرئيس للمسرح والثقافة، مشددا على ضرورة تنزيل هذا الموضوع في عمل قانوني كبير وإحداث قوانين فنون العرض وغيرها. ورأى أنه بالرغم من التغيرات الملحوظة، فإن الجانب القانوني والتمويلي يحتاج إلى تنزيل وإلى مقاربة جهوية، خاصة في مجال المسرح، انسجاما مع مبادئ الدستور، إذ أن جميع جهات المغرب تحتاج إلى حركة مسرحية قوية يلعب فيها الفن دوره في تأطير المواطنين وفي بناء مجتمع ديموقراطي حداثي. وفي سياق اتجاه الدولة إلى مزاوجة مجال الدعم والمجال الثقافي، دعا مسعود بوحسين إلى إنشاء صناعات ثقافية لها امتدادات، تقديرا بالخصوص "لدور المسرح ورسالته في إغناء الثقافة وتهذيب الأذواق وتربية النفوس وإشباع القيم الجمالية وإشباع الرغبة الإنسانية الفطرية في المتعة الفكرية الراقية والاستفادة من تجارب الآخرين"، كما جاء في الرسالة الملكية السامية. وعلى صعيد آخر، أعرب مسعود بوحسين عن تفاؤله بخصوص مآلات المسرح المغربي، موضحا أن التخوف من موت المسرح في ظل هيمنة تكنولوجيات الاتصال الحديثة في غير محله، وأن المسرح فرض سحره وجاذبيته وجانبه الحميمي من خلال استمرار التعطش للفرجة الحية. وخلص مسعود بوحسين إلى القول إنه بدأت تبدو في الأفق بوادر التحرك من أجل الخروج من حوالي ثلاثة عقود مما اصطلح عليه ب"أزمة المسرح المغربي"، خاصة بفضل طاقات شابة أثبتت مواهبها، ليس على الصعيد الوطني فقط بل والعالمي أيضا.