التخوف الذي بدا على المغاربة منذ انتشار استعمال البطاقات في التجارة الإلكترونية، لا يبدو بأنه ما يزال جاثما على الأنفاس. وإذا كانت التجارة الإلكترونية التي تعتمد على مبدأ الافتراض، قد حققت تقدما متواصلا عبر العديد من بلدان العالم، فإن الأمر لم يكن بالنجاح ذاته داخل المغرب، ذلك أن المغاربة لا يبدون حماسا كبيرا من أجل الإقدام على استعمال هذه التقنية الجديدة.لكن الفترة الأخيرة كذبت هذا الواقع. ذلك ما يستشف على الأقل من الأرقام الصادرة عن المركز المغربي للنقديات. فإلى متم شتنبر الماضي، أجرى المغاربة ما يعادل 138 مليون عملية في إطار الأداء بواسطة البطاقات البنكية، همت مبلغا إجماليا في حدود 116,7 مليار درهم، وهو ما يشكل زيادة بلغت نسبتها 15 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. أرقام رغم أهميتها لا تعبر تماما عن واقع استعمال البطاقات الإلكترونية بالمغرب. فدراسة حديثة أثبتت ابتعاد المغاربة عن استعمال هذه التقنية. يمثلون حوالي 79 في المائة من عينة مغاربة شملهم بحث ميداني. لا يعتقدون كثيرا في التكنولوجيا. ويقولونها صراحة: نحن لا نثق في شيء غير ملموس. إنهم لا يحبذون أبدا الأداء عبر البطاقات الإلكترونية، رغم أن الدراسات لا تلبث أن تتحدث عن إيجابياتها، إذ أن مكتب الدراسات الدولي “موديز”، قال إن استعمال بطاقات الائتمان، وفرت 1,1 مليار دولار إضافية للاقتصاد العالمي، ما بين 2003 و2008، وهو ما يمثل ارتفاعا في الناتج الداخلي الخام السنوي الإجمالي بنسبة 0,5 في المائة. هكذا تبدو الصورة، فمعظم المغاربة (79 في المائة)، أكدوا، من خلال نتائج البحث الذي أشرفت عليه شركة “فيزا” للبطاقات الإلكترونية، وأنجز من قبل شركة “سينوفات نورث أفريكا” المتخصصة في دراسة الأسواق، أن عدم توفر أجهزة بطاقات الأداء في أغلب المراكز التجارية يجعلهم يفضلون اعتماد الأداء نقدا بدل اعتماد بطاقات الأداء. نتائج البحث أكدت أيضا أن عدم استعمال بطاقات الأداء بالمغرب يرجع إلى عوامل عدة، من بينها عدم توفر التربية المالية، غياب نقط البيع أو أماكن يقبل فيها النقد الرقمي، إلى جانب كيفية تطوير معدل الاستبناك، والخوف المتعلق باستعمال بطاقات الأداء. وحسب نتائج البحث المنجز بالمغرب والذي هم استجواب 1000 مغربي، تتراوح أعمارهم بين 25 و45 سنة، حيث كانت تمثيلية النساء والرجال في هذا البحث متساوية، فإن سحب الأموال نقدا من الشبابيك الأوتوماتيكية، يظل أحد الاستعمالات الأكثر شيوعا لبطاقات الأداء، وذلك على غرار الخلاصات التي تبين بأن أغلبية الأشخاص المستجوبين يدركون بأن بطاقاتهم يمكن أن تعتمد في التسديد المباشرة لمشترياتهم. لكن رغم هذه الحواجز المرتبطة بثقافة قبول بطاقات الأداء بالمغرب، فإن الأشخاص المستجوبين يواصلون استعمال بطاقاتهم بانتظام. فنتائج البحث أكدت أن 89 في المائة من المستجوبين، يستعملونها 4 و6 مرات أسبوعيا، سواء بالنسبة للمشتريات المباشرة (26 في المائة)، أو لسحب الأموال نقدا (74 في المائة). كما أشار أغلب الأشخاص المستجوبين، والذين تمثل نسبتهم حوالي 68 في المائة، إلى سهولة الاستعمال كميزة أساسية لبطاقات الأداء بالمقارنة مع النقود. وذكر هؤلاء الحالات التي شعروا فيها بأن بطاقات الأداء كانت مفيدة: الحالات المستعجلة بصفة عامة (81 في المائة) وحالات الطوارئ خلال الأسفار (13 في المائة). لكن رغم هذا الوضع فقد بات الإقبال على السحب والأداء الإلكتروني عبر البطاقات البنكية يتزايد بشكل كبير بالمغرب، في وقت تنتظر فيه الحكومة رفع معدلات أداء التجارة الإلكترونية. إلى متم شتنبر الماضي ارتفع عدد البطاقات البنكية الإلكترونية التي أصدرتها البنوك المغربية إلى أزيد من 7 ملايين و82 ألف بطاقة، بزيادة بلغت نسبتها 10,6 في المائة بالمقارنة مع متم العام الماضي، منها 6,74 مليون بطاقة للسحب والأداء، تحت تسميات “فيزا” و”ماستر كارد” والعلامة الوطنية “سي إم إي”.