بالمغرب كان من المفترض أن يجلسوا إلى طاولة واحدة أمس الأحد مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة الاسباني برناردينو ليون، غير أن التفجيرات الانتحارية حالت دون تحقق جلسة الحوار هذه بين الأطراف الليبية المتنازعة (حكومة طبرق المعترف بها وتحالف الميليشيات الاسلامية) والتي كانت تسعى إلى الخروج من مأزق الفوضى التي تعم البلاد بحل سياسي متفق عليه. كانت كل الترتيبات قد حسمت من أجل عقد اللقاء يوم أمس الأحد، وكذا تجاوز العديد من العوائق التي كانت جعلت اللقاءات السابقة لم تصل إلى حل متفق عليه حتى أن الفصائل كلها لم تكن تجتمع على طاولة واحدة. الاجتماع الذي كان من المفروض أن ينعقد بين مختلف الأطراف بما فيها شخصيات سياسية ليبية مستقلة، عقد عليه الشعب الليبي آمالا كبيرة، غير أن جهات أخرى خططت للحيلولة دون انعقاده، وهو ما اتضح لاحقا. ما أن أعلن عن عقد الاجتماع الذي ظل تاريخه سريا، حتى جاء الرد من الشرق الليبي. إرهابيو داعش الذين يطلقون على أنفسهم للتمويه اسم «ولاية برقة» يفجرون مدينة القبة. عمليات انتحارية أوقعت 44 قتيلا. التفجيرات كانت رسالة موجهة إلى كل الأطراف التي تبحث عن الخروج من مأزق الفوضى بأقل الخسائر، لكن هذه الرسالة الملغمة تسببت فقط في تأجيل الحوار ولم تنجح في إفشاله. الخميس المقبل هو التاريخ الجديد الذي تقرر لبداية اللقاءات المباشرة بين كل الفرقاء، وحسب ما نقلته وكالات الأنباء فإن بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا ورئيسها برناردينو ليون وافقا على تأجيل جلسة الحوار بناء على طلب مجلس النواب وأطراف مشاركة أخرى. جولة الخميس المقبل بالمغرب ستكون الجلسة الثالثة بعد محادثات غير مباشرة بين الطرفين في «غدامس» في 11فبراير الجاري وأخرى سبقتها في يناير نظمت بجنيف السويسرية وخلالها تم الاتفاق على ضرورة التوصل إلى حل سياسي عبر لقاءات الحوار. الحوار بين حكومة معترف بها دولية مقرها طبرق وأخرى موازية تدعمها الميلشيات الاسلامية المسلحة تسيطر قواتها على طرابلس، يأتي في ظروف ظل ظروف عصيبة. فإذا كان الهدف من هذه اللقاءات هو الحد من الفوضى التي تعرفها البلاد وتؤثر على الحياة اليومية للشعب الليبي المتضرر الأول والأخير من الوضع، إلا أن السعي إلى عقدها يؤجج الوضع أكثر خاصة بعد تنامي نفوذ «داعش» والتحاق العديد من الجماعات المسلحة بهذا التنظيم الارهابي عوض أن تقتعد مكانا على طاولة الحوار من أجل مصلحة شعب ليبيا. الحوار الليبي أيضا يأتي في أفق البحث عن حل دولي للأزمة خاصة بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على عدد المناطق بالبلاد وتنامي نفوذه في مدن أخرى، وأصبح مبعث قلق لسكان الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط. الاختيار بين الحل السياسي والتدخل العسكري هو ما انقسم حوله العالم، ففي الوقت الذي تسعى العديد من الدول إلى دعم الحل السياسي واعتباره الوحيد الأنجع لمواجهة الاضطرابات التي تحول دون تحقيق الاستقرار الليبي، تنادي أخرى بضرورة حسم المعركة مع الجماعات المسلحة على الأرض الليبية بتدخل عسكري، خاصة بعد الضربة التي وجهتها مصر لمواقع التنظيم الارهابي على إثر ذبح عدد من مواطنيها. والتي تلتها دعوات لرفع حظر السلاح على حكومة طبرق المعترف بها دوليا والتي يدعمها اللواء خليفة حفتر قائد عمليات الكرامة ضد المجموعات الاسلامية. عملية رفع حظر السلاح اعتبرها دبلوماسيون أمميون بمثابة «صب الزيت على النار»، معتبرين أنه رغم صعوبة تحقق الحوار بين الفرقاء إلا أنه يبقى ممكنا». وهو التحدي الذي يرفعه المغرب في وجه كل العراقيل التي تقف سدا منيعا ضد مصلحة الشعب الليبي وذلك بالاصرار على أن تكون الجلسة الثالثة مباشرة بين الأطراف لا كما كان يقع خلال الجولات السابقة. المفاوضات التي تجمع الطرفين يوم الخميس بالمغرب مازالت بين أخذ ورد فيما يخص الاتفاق على تفاصيلها، إذ في الوقت الذي يقترح محسوبون على حكومة طبرق «تعيين حفتر في منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية مقابل تشكيل وحدة حكومة مؤلفة من ممثلين عن الطرفين، في حين ترى الأطراف الأخرى بضرورة إخراج حفتر من المشهد السياسي في البلاد، ليتحول هذا الأخير إلى عقبة في طريق كل حل سياسي، هو الذي تسعى الجماعات الاسلامية إلى الانتقام منه بعد أن قصف عددا من مواقعها. خلاصة الوضع في ليبيا هو أنه لا يمكن لكل اتفاق سياسي بين الطرفين أن يتم بشكل واضح ودائم دون أن يكون هناك اتفاق مسبق بين عدد من الدول التي تساند طرفا دون آخر، فمصر والامارات والسعودية تدعم حفتر فيما تساند تركيا وقطر ميليشيا «فجر ليبيا» الاسلامية.