الرغبة الدولية البادية في تصريحات قيادات الأممالمتحدة وزعماء الاتحاد الأوروبي وأميركا في الدفع نحو تهدئة ما في ليبيا ,تضمن وقف إطلاق النار والعودة إلى الحلول السياسية، واندفاع الميليشيات الإسلامية بأسلحتها الخفيفة والثقيلة لمحاربة الجيش الليبي في العديد من المدن الليبية الهامة، بقي الشعب الليبي منقسما بين قطبين مسلحين يريد الجيش الليبي من جهة إعادة المؤسسات المنبثقة عن الدستور إلى العمل، وتريد القوات الإسلامية (فجر ليبيا) السيطرة على المدن الاستراتيجية التي تحوي الثروة النفطية وفرض إدارتها عليها كجزء من الأجندة التي تسعى إلى تنفيذها بمشاركة أطراف خارجية. هذا الانقسام على المستوى الميداني، كان مصحوبا بانقسام سياسي ومؤسساتي عصف بليبيا منذ أن بدأ الصراع على السلطة بين الإسلاميين (الذين هزموا في الانتخابات الأخيرة) والليبراليين الذين عادوا إلى صدارة المشهد بعد الانتخابات. وبالتالي فقد انقسمت ليبيا جغرافيا بين شرق وغرب، وفق سيطرة كل طرف على جهة ما. وقد دفع الوضع الليبي الحالي المتمثل في الانقسام والحروب الأهلية، إلى تبني المجتمع الدولي لموقف ضرورة وقف إطلاق النار والذهاب إلى حوار جنيف للتوصل إلى حلول ملموسة، وهو ما دعت إليه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا مورغيني، في حين رفض الإسلاميون (فجر ليبيا) هذه الدعوة بتعلة أنه حوار يغلب طرفا على حساب طرف آخر, وهو ما جاء على لسان الناطق باسم »فجر ليبيا« علاء الحويك, مؤكدا أن حوار جنيف الذي ترعاه الأممالمتحدة هو حوار متفق عليه من قبل. حوار جنيف فرصة أخيرة لإنقاذ ليبيا دعت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فدريكا موغيريني، جميع أطراف الأزمة الليبية للمشاركة بفعالية في الاجتماع الذي ترعاه الأممالمتحدة في جنيف لحل الأزمة في البلاد، معربة عن استعداد الاتحاد لما وصفته ب«الأسوأ« في حالة رَفَضَ الإسلاميون المشاركة في الحوار وبالتالي إطالة أمد الحرب الأهلية في البلاد. وقد جاءت دعوة موغيريني في مداخلة خلال جلسة أمام النواب الأوروبيين بثتها عدة فضائيات أوروبية، وذلك عقب إعلان البعثة الأممية في ليبيا انطلاق جلسات الحوار رسميا في جنيف. وقالت موغيريني إن بعض الأطراف الليبية أعلنت حتى الآن مشاركتها، ودعت الأطراف الأخرى لسرعة الانضمام، واصفة الحوار بالفرصة الأخيرة لليبيين لتجنيب بلادهم الاضمحلال. وأضافت: »نؤيد الحوار، لكن الليبيين وحدهم يمتلكون القرار«، لافتة إلى ضرورة التنسيق بين الأممالمتحدة والجامعة العربية، وإشراك جميع الأطراف في حل الأزمة. وتابعت: »نشجع الليبيين ولكننا في ذات الوقت مستعدون للأسوأ«، موضحة أنه »في حال فشل حوار جنيف سيبحث الاتحاد الأوروبي وسائل الضغط، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي«. وذلك بعد أن صدرت عن جماعة فجر ليبيا (إخوان مسلمون وجماعات إسلامية أخرى) تصريحات برفض المشاركة في الحوار. وقد صوت البرلمان الأوروبي على لائحة حول ليبيا في وقت سابق، حيث أعلنت غالبية الكتل النيابية الأوروبية بشكل صريح دعمها لمجلس النواب المنتخب في ليبيا، الذي كان البرلمان الأوروبي اعترف به كممثل وحيد للشعب الليبي، كما طالب النواب ببذل كل ما يمكن فعله لتجنب سقوط ليبيا في قبضة »الدولة الإسلامية«. وخلال الجلسة، قالت النائبة البرتغالية »آنا غوميش« إنها تعرف أن غالبية الليبيين يريدون التدخل برعاية أممية، وأضافت أنها تؤيد تدخلا عربيا دوليا لمنع تهديد الحالة الليبية للأمن الأوروبي. ومن جانبه، حذر النائب البلجيكي مارك دميمارك، من أن ليبيا قد تتحول إلى دولة تحت »داعش«، وأن دولًا مجاورة لها مثل تونس باتت في خطر وعلى المجتمع الدولي التدخل لوقف القتال برعاية عربية. وقد أكدت ممثلة الخارجية الأوروبية فدريكا مورغيني أن الاتحاد الأوروبي لن يقف صامتا أمام الوضعية التي وصلت إليها ليبيا، مؤكدة أن أوروبا »تريد أن تعطي الفرصة لليبيين في تحديد كيفية عيشهم مع بعض وإدارة المؤسسات والحفاظ على الدولة«، مضيفة أنه »في حال فشلت الأطراف الليبية في تحقيق الحد الأدنى من هذه الأهداف، فإن العالم سيتحرك تجاه هذا البلد«. وقد أعلنت بعثة الأممالمتحدة، عن بدء المحادثات المتعلقة بالحوار الليبي، في مكتب الأممالمتحدة في جنيف، وذلك بعد وصول عدد من المشاركين في الحوار والممثلين عن أطراف الصراع السياسي في ليبيا. وكانت تصريحات فدريكا مورغيني في هذا الشأن مشجعة و«متفائلة« حسب تصريحاتها. فمنذ شهر سبتمبر 2014، تقوم الأممالمتحدة متمثلة في رئيس بعثتها للدعم في ليبيا برناردينو ليون جهودا لحل الأزمة الليبية الأمنية والسياسية في ليبيا تمثلت في جولة الحوار الأولى التي عقدت بمدينة غدامس (جنوب غرب)، فيما أجلت الثانية أكثر من مرة لعدم الاتفاق على الأطراف المشاركة في الحوار ومكان عقده. وتعاني ليبيا أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلاميين زادت حدته في الشهور الأخيرة، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته الأول: مجلس النواب، والذي تم حله مؤخرا من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه وهما يحظيان باعتراف دولي واسع. أما الجناح الثاني للسلطة، فيضم، المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته)، ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش، جاد الله العبيدي (الذي أقاله مجلس النواب) والمحسوب على الإسلاميين. وقد أكدت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية فدريكا مورغيني أن الشعب الليبي قد تمكن من تجاوز دكتاتورية عنيفة تمثلت في نظام معمر القذافي، «وبالتالي فمن المنطقي أن يتجاوز صعوبات الانتقال نحو الديمقراطية». سنضرب بحوار جنيف عرض الحائط أعلن المكتب الإعلامي لما يسمى بعملية »فجر ليبيا«, أنه لن يعترف بنتائج حوار جنيف، بل سيضرب بها عرض الحائط. وذكر بيان نشر على الصفحة الرسمية للمكتب الإعلامي بموقع »فيسبوك«، أنه كان على رئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون أن يعلن مسبقًا عن جدول أعمال الحوار وبنوده والمعايير التي اختار على ضوئها المشاركين، وذلك بعد أن صرح علاء الحويك المسؤول الإعلامي في فجر ليبيا في عدة مناسبات أن الطرف الإسلامي الأكبر الذي يمثله يرفض »الوسائل التي استعملها ممثل الأممالمتحدة في تجميع الفرقاء الليبيين في جنيف«. وجاء على لسان الناطق باسم »فجر ليبيا« علاء الحويك أن »المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا يؤكد أن القفز على المؤتمر الوطني كممثل عن الثوار في الحوار (بعد الجلوس معهم)، يعتبر جلوسا للحوار من طرف واحد ولا وجود حقيقي للطرف الفاعل على الأرض، ولذلك فإن ما سعى إليه ليون هو استبدال المؤتمر الوطني بالمجالس البلدية، بعدما أيقن أن المؤتمر وبعد جلسته التشاورية بخصوص مكان انعقاد الحوار، في وقت سابق، كان جزءا من مخطط باء بالفشل«. يذكر أن عددا من أطراف الحرب الأهلية في ليبيا بدأوا مباحثاتهم في بحر الأسبوع الماضي في جنيف بسويسرا لإنهاء أعمال العنف وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمبادرة ورعاية من الأممالمتحدة وضغط من بعض الدول الغربية مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. وتابع علاء الحويك في بيان نشره على مواقع التواصل الاجتماعي, »إن أي مخرجات قد تنتج عن هذا الحوار مضروب بها عرض الحائط، ولا تمثلنا كثوار وغير ملزمين قط بها ما لم نكن مشاركين فيها، مع علمنا اليقيني أن ما سماه ليون حوار جنيف ما هو إلا سلسلة من الإملاءات المعدة مسبقًا، سيتم تلاوتها على الحاضرين والمتفق معهم مسبقًا على عقد صفقة تقاسم سلطة، ثم التوقيع عليها والخروج للإعلام بأن أطراف النزاع في ليبيا اتفقت برعاية الأممالمتحدة«. ولم يشارك في المباحثات أي أحد ممن تم توجيه الدعوة إليهم من الممثلين الإسلاميين بالمؤتمر الوطني العام في طرابلس، وقالوا إنهم سوف يتخذون قرارا بهذا الشأن، وقد وصفت قيادات من فجر ليبيا جلسات الحوار بأنها »لا تناسب الليبيين ولا تملك أن توقف الحرب الدائرة في المدن الرئيسية للبلاد«. وأضاف متحدثا عن جلسة الحوار في جنيف معارضا لما حدث في جلساتها: »الجلسة السويسرية لا تمت لمعنى الحوار الحقيقي بأي صلة، إذ لو كان حوارًا حقيقيًا كما يريده ويتمناه من يريد استقرار الوطن إلى الأبد، لكان »ليون« أعلن مسبقًا عن بنود الحوار وجدول أعماله وعن المعايير التي اختار على ضوئها المشاركين فيه، وعلامَ ارتكز في اختياره مكانًا غير ليبيا. فحتى لا يقال عنا إرهابيون ودعاة حرب وغيرها من الأسطوانات التي سئمناها، فها نحن قد بيَّنا موقفنا من هذا الحوار المزعوم مسبقًا وقبل خروج نتائجه«. وقال برناردينو ليون مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا :«إن دور هذه الحكومة يتمثل في إخراج البلاد من حالة الفوضى«. وحث ليون معسكر طرابلس في ليبيا إلى الانضمام إلى المباحثات، وقال:«أعتقد أن الليبيين يتوقعون أن يشارك ممثلوهم في هذه المباحثات«. يذكر أن ليبيا يعصف بها القتال والفلتان الأمني وتتنازع على إدارتها حكومتان وبرلمانان منذ سيطرة ميليشيات فجر ليبيا على العاصمة طرابلس في غشت الماضي. وتتخذ الحكومة المؤقتة بقيادة عبد الله الثني ومجلس النواب المعترف بهما دوليا من طبرق مقرا لهما فيما تتخذ حكومة الإنقاذ بقيادة عمر الحاسي والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته من طرابلس مقرا لهما. وقد أقر علاء الحويك الناطق باسم «فجر ليبيا» أن عدم امتثال الطرف الذي يمثله لنقاط حوار جنيف وما ستفضي إليه نتائج هذا الحوار «من شأنها أن تؤثر في عملية التهدئة»، لكنه أكد في الحين ذاته أن عملية فجر ليبيا تمثل طيفا واسعا من الليبيين المنتخبين في مجلس البرلمان أخيرا. وقد أكد مراقبون أن هذا التصريح من شأنه أن يعكر الأمور أكثر. الجيش الليبي يوقف إطلاق النار والإسلاميون ينصاعون للتوجه الدولي إلى التهدئة التقى ممثلو الأطراف المتناحرة في ليبيا في جنيف تحت إشراف الأممالمتحدة في محاولة للتوصل إلى حل للأزمة السياسة الخانقة التي تعاني منها ليبيا، ولوقف مسلسل العنف الذي يضرب هذا البلد الذي يشهد فوضى شاملة منذ فترة طويلة. وقد جاءت أولى نتائج الحوار من الجيش الوطني الليبي الذي أعلن وقف إطلاق النار من جانبه. وقد أعلنت »القيادة العامة للجيش الليبي« المدعوم من مجلس النواب وقفا لإطلاق النار، وذلك »لتوفير المناخ لإنجاح اللقاءات التي تشهدها جنيف بين الأطراف الليبية والرامية إلى التوصل لحل للأزمة« حسب الإعلان. وكانت القيادة قالت في بيان نشرته على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك« إنها تعلن وقف إطلاق النار بدءًا من الساعة الثانية عشرة من منتصف ليلة الأحد 18 يناير 2015 في البر والبحر والجو على كل الجبهات. واستثنت القيادة العامة في البيان »ملاحقة الإرهابيين«. وجاء في البيان: »الجيش الوطني يعي جيدا الثمن الفادح للحرب ويتمنى أن تُعالج الأمور من خلال التفاوض والحوار، ولذلك فالجيش الوطني مستعد للتعاون مع الأممالمتحدة في إنجاح الحوار ومنحه المناخ التي يتيح له التقدم«. وأوضح أن قرار وقف إطلاق النار »يستثني عمليات ملاحقة الإرهابيين »الذين لا يعترفون بحق الليبيين في بناء دولتهم الوطنية ولا يقرون الأسس الديمقراطية التي تقوم عليها هذه الدولة«. وشدد على استمرار »عمليات الاستطلاع لمنع تغيير الأوضاع على الجبهات، وكذلك منع نقل السلاح والأفراد برا أو بحرا أو جوا إليها، واعتبار ذلك خرقا لوقف إطلاق النار يتم استهدافه على الفور، وأيضا إعطاء قطاعاتها حق الدفاع عن النفس حال تعرضها لإطلاق النار. كما تعتبر هذا التوقف فرصة ثمينة لانسحاب القوات المعتدية إلى داخل أراضيها«. وقال الجيش في بيانه إنه يقف على »نفس المسافة من كافة الأطراف الليبية القابلة بالعملية السياسية وأنه ليس طرفا في هذه العملية بل حام لها، ولا يقاتل إلا من يبادر باستعمال السلاح أو يهدد باستعماله لتعطيل أو ابتزاز العملية السياسية«. وأعلنت الأممالمتحدة يوم الجمعة الماضي أن الأطراف المشاركة في الحوار الليبي، الذي انطلق قبل يومين وافقت في ختام محادثاتها على عقد جولة جديدة من الحوار خلال الأسبوع الجاري. وقد رحب مجلس الأمن الدولي بإعلان ائتلاف ميليشيات ليبية يغلب عليها الطابع الإسلامي وقف إطلاق النار على مختلف جبهات القتال الذي تخوضه ضد القوات الحكومية، مهددا بفرض عقوبات على معرقلي جهود السلام، وذلك في إشارة إلى تلك الميلشيات الإسلامية التي لم تمتثل منذ فترة طويلة للمساعي العربية والدولية لوقف إطلاق النار. وقد أكد مراقبون أن تلك المجموعات المسلحة تمثل فرعا عسكريا لمجمل القوى الإسلامية في ليبيا والتي على رأسها جماعة الإخوان المسلمين. وقد أدت مفاوضات طويلة إلى التوصل إلى إقناع كل الأطراف بالتوجه إلى طاولة الحوار برعاية الأممالمتحدة ومشاركة أطراف دولية. وذلك بعد أن رفض إسلاميو ليبيا المشاركة في هذا الحوار نظرا لسيطرتهم على بعض المدن الرئيسية في الشرق الليبي، وهو الأمر الذي دفع جماعة «فجر ليبيا» إلى التمسك بمواقعهم والمناورة من أجل تحسين شروط التفاوض مع الأطراف الأخرى التي يغلب عليها الطابع الليبرالي.