لطيفة دوش محامية بهيئة الدارالبيضاء وفاعلة جمعوية يعاني العديد من الآباء الذين يعيشون وضعية اجتماعية صعبة نتيجة امتناع أبنائهم عن الإنفاق عليهم، خاصة في حال لم تكن لديهم دراية بالإجراءات القانونية التي يمكنهم اللجوء إليها للحصول على حقوقهم المادية من أبنائهم. في الحوار التالي تتطرق الأستاذة لطيفة دوش، محامية بهيئة الدارالبيضاء، إلى الإجراءات المسطرية التي يتعين اتباعها من طرف الآباء في مثل هاته الوضعية، كما توضح الكيفية التي يتعامل بها القانون المغربي مع الأبناء الذين يتعنتون في مسألة الإنفاق على الوالدين. هل تعتبر نفقة الأبناء على الآباء واجبة من الناحية القانونية؟ تجب النفقة على الأبناء في حق الوالدين وفق المادة 197 من مدونة الأسرة، لذا يصبح من حق الآباء في وضعية اجتماعية ومادية صعبة التقدم بطلبهم إلى المحكمة الابتدائية قضاء الأسرة طبقا لأحكام مدونة الأسرة ووفق الإجراءات المسطرية الواردة في مدونة المسطرة المدنية. ويمكن للوالدين تسجيل دعواهم في مواجهة أحد أبنائهم أو جميع أبنائهم إن تعددوا حيث تقضي المحكمة بتوزيع نفقتهم على الأبناء بحسب يسرهم، وليس بحسب إرثهم كما تشير إلى ذلك المادة 203 من مدونة الأسرة. ما هي الإجراءات المسطرية التي يتعين على الآباء في وضعية اجتماعة صعبة اتباعها في حال رفض أبنائهم الإنفاق عليهم؟ فيما يخص الإجراءات المسطرية، يتقدم الآباء بدعوى النفقة إلى محكمة قضاء الأسرة، ويدلون بما يفيد الأبوة بحيث تقوم المحكمة باستدعاء المدعى عليهم، وبعد مناقشة الملف أمام المحكمة والتأكد من صفة موجهي الطلب تحكم بناءا على الوضعية الاجتماعية للطرفين والحكم الذي تحكم به المحكمة يكون مشمولا بالنفاذ المعجل، بمعنى أن الأب أو الأم يحق له تنفيذ الحكم، بالرغم من كل طعن بالاستئناف صادر عن المدعى عليهم، وبناءا على طلب التنفيذ يقوم عون التنفيذ بحجز المنقولات أو عقارات المحكوم عليهم في حالة رفضهم التنفيذ المباشر. وفي حالة عدم وجود ما يحجز ورفض المنفذ عليهم تنفيذ الحكم يحرر المفوض القضائي محضرا بذلك أي بالامتناع وعدم وجود ما يحجز. كيف يتعامل القانون مع الأبناء الذين يرفضون الإنفاق على آبائهم ويتعنتون في تنفيذ الحكم؟ بعد القيام بمحاولة التنفيذ وفي حالة الرفض فإنه بناءا على الحكم القاضي بالنفقة وعدم وجود ما يحجزه يمكن للآباء سلوك مسطرة إهمال الأسرة في مواجهة الأبناء وفق مقتضيات القانون الجنائي وخاصة الفصول 479 و 480 منه التي تنص على عقوبة بالحبس تتراوح من شهر إلى سنة وغرامة مالية من 200 إلى 2000 درهم لكل من صدر في حقه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت بدفع نفقة إلى أحد أصوله وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها المحدد، حيث أنه في حالة العود يكون الحبس حتميا. إذ أن النفقة التي يحكم بها القاضي تكون واجبة الأداء في محل المستحق لها ما لم ينص الحكم على خلاف ذلك وتبقى نفقة الآباء على الأبناء، بالرغم من كل المقتضيات القانونية واجبا دينيا وأخلاقيا ونابعا من صلب قيمنا.