قال الشاعر البرتغالي نونو جوديس إن المغرب بالنسبة إليه يتخذ شكل بلد أسطوري، وإنه يستشعر نفسه في بيته كلما حل به. وحكى الفائز بجائزة الأركانة العالمية للشعر مساء هذا اليوم في حفل تسلمها بقاعة القدس بالمعرض الدولي للكتاب، تفاصيل قصته مع المغرب، التي تعود إلى طفولته حين كان يطل على البحر، وهو ابن أقصى الغرب البرتغالي، فتتراءى له تخوم هذه البلاد مسربلة في غموضها مما كون لديه انطباعا بطابعها الأسطوري. وذكر جوديس، الذي له صداقات كثيرة مع شعراء مغاربة، أنه حين زار مدينة الرباط لأول مرة أحس بطعم الطفولة يعود إليه ممزوجا بالكثير من العلامات الموحية كفن الطبخ وطبيعة المعمار ولون البيوت. واعتبر أنه رغم الماضي الصدامي البعيد، الذي حكم علاقة المغرب بالبرتغال، فإن الشعر والموسيقى وباقي فنون التعبير الثقافي قد ساعدت على تجاوز ذلك التاريخ. وقد رأى في جائزة الأركانة الممنوحة إليه من بيت الشعر في المغرب "قيمة وجدانية دالة على اللقاء بين ثقافتين لم يستطع البحر أن يحول دون تواصلهما". واعتبر جوديس، الذي ترجم منتخبات من شعره إلى لغة الضاد الشاعران حسن نجمي وخالد الريسوني، وسيترجم 50 قصيدة له الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف، الذي كان حاضرا في حفل الأركانة، "الشعر هو ما يصنعه الشاعر بالكلمات ليصل بها إلى مدى بعيد" وهو في الأخير "الشيء الجميل الذي تمتلكه الإنسانية". وشهد الحفل، الذي حضرته سفيرة البرتغالالجديدة بالمغرب، إلقاء رئيس بيت الشعر في المغرب، الشاعر نجيب خداري، كلمة مما جاء فيها أن نونو جوديس، المنحدر من بلاد شعراء كبار في قامة كامويش وساكارنيرو وبيسوا، هو "شاعر يفتن العالم بقصائد عميقة تختزل الوجود في كلمات قليلة، بسيطة، مضيئة". شاعر "يعرف كيف يلغي في شعره الحدود مع النثر دون أن يفقد الشعر طراوته، في التخييل وفي العمق الموسيقي وفي روح الحياة الماثلة داخله من خلال اليومي الذي صار أبديا". من جهته ألقى وزير الثقافة، محمد أمين الصبيحي، كلمة نوه فيها بالجائزة وصيتها الدولي معتبرا أنها، بذهابها هذه المرة إلى نونو جوديس، "المتميز بطليعيته وعمقه واشتغاله المستمر على تطوير الكتابة الشعرية، قد راكمت ذخيرة غنية من الأسماء الوازنة"، آملا أن يستفيد الشعر المغربي من الحوار الإبداعي مع الأعمال المتوجة. دينة الناصري، المديرة العامة الجديدة لمؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، الراعي الرسمي للجائزة البالغة قيمتها المالية 120 ألف درهم، رأت في الأركانة رسالة متجددة من المغرب بتكريم رموز الشعر الإنساني، واعتبرت ميزة الجائزة في دورتها التاسعة تكمن في ذهابها إلى شاعر كبير قريب من "جوارنا الجغرافي والتاريخي والثقافي"، الذي من شأن تتويجه أن يتيح الفرصة للمشهد الثقافي المغربي والعربي أن يستجلي أبعاد التجربة البرتغالية في الشعر وآفاقها. وقد تميز الحفل بقراءة نونو جوديس لقصيدتين من شعره هما "ميتافيزيقا" و"استعدادات السفر"، هو الذي له الكثير من المجاميع الشعرية والكتب النقدية أهمها مؤلفه الموسوم ب"مائة عام من الشعر البرتغالي"، كما شهد الحفل أيضا إحياء السوبرانو سمير القادري لفقرات موسيقية وغنائية منتقاة من ريبيرتوارها الحافل بالاشتغال علي قصائد شعراء كبار عرب وأجانب. عبد العالي الدمياني