عروض موسيقية في فنون الملحون والبلدي والكناوي، إلى جانب إيقاعات أمازيغية بلمسات تراثية افتتحت، مساء اليوم الجمعة بالرشيدية، أولى فقرات المهرجان الأمازيغي للطفل في نسخته الثانية. واستطاعت المجموعات الموسيقية من مختلف الألوان الغنائية بعناصرها الشابة أن تطرب الجمهور بعزفها لعدة مقطوعات، بكل حرفية وإتقان، إذ امتزجت نغمات آلات الناي والقرقاب والكنبري والكمان والعود والإيقاع لتوليف مقامات امتزجت فيها الأصوات والألحان المستمدة من غنى وتنوع التراث المحلي. واستهل حفل افتتاح هذا المهرجان، الذي تنظمه جمعية "فضاء الطفل" على مدى ثلاثة أيام، بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وبتنسيق مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية – ورزازات، تحت شعار "الفنون الشعبية ذاكرة الأجيال"، جمعيتا "سجلماسة لفن الملحون" برئاسة الفنان عبد العالي بريكي، و"جنان النبي لفن البلدي" اللتان أبرزتا، من خلال باقة متنوعة من المقطوعات والقصائد، ما يكتنزه التراث الفيلالي وخاصة فن الملحون والبلدي من تنوع في اللحن والإيقاع والكلمات، مبصومة بطابع التميز والأصالة أبانت عن المجهود الكبير الذي تبذلانه في سبيل الحفاظ على غنى تراث محلي نادر. وأتحفت "فرقة كناوة الرمال الذهبية" من خملية، التي تعتبر من الفرق التي ما تزال تتشبث بتراثها وتحرص على نقله إلى الأجيال القادمة باعتباره من رموز الغنى والتنوع الذي تزخر به منطقة واحة زيز وغريس المتاخمة لواحة كير، الجمهور بباقة من الأغاني الشعبية. وتحرص هذه المجموعة على أداء الوصلات الكناوية في طبعتها الأصلية، على إيقاع القراقب والطبل مع كلمات وأشعار الفن الكناوي الذي تطبعه البساطة وروحانية العيش التي تستحضر الجذور الإفريقية والمعيش الواحي الحالي. ولأن هوية مهرجان تقوم على المزج بين كل الأشكال التعبيرية الفنية، فقد كان لشق الموسيقى الأمازيغية حيز هام في أول أيام هذه الدورة حيث حملت مجموعتا "أحيدوس ابغور" من كلميمة والمجموعة الأمازيغية للفنان لحسن أشيبان الجمهور إلى عوالم موسيقية امتزجت فيها إيقاعات الأعالي والصحاري الأصيلة. وقال رئيس الجمعية الزبير صغيري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه التظاهرة الفنية، التي انطلقت السنة الماضية، أصبحت موعدا لالتقاء سكان وزوار المدينة ونسج علاقات اجتماعية وفنية بين المجموعات المشاركة وجمهور الأطفال، مضيفا أن دورة هذه السنة انفتحت على كل الألوان الموسيقية التراثية التي تتميز بها المنطقة واضعة بذلك بصمة فنية طفولية راقية تبعث الحياة في أوصال المدينة تستلهم روح وشاعرية فضاءاتها المتميزة. وأضاف صغيري أن هذا الموعد الفني يكتسي أهمية كبيرة على اعتبار انه يشكل مناسبة للتعريف بالتراث الثقافي للمنطقة ومواقعها السياحية التي تشكل نموذجا ناجحا لمشروع التنمية البشرية والسوسيو-اقتصادية، مشيرا الى أن هذه التظاهرة الفنية والثقافية تعد فرصة لعشاق التراث المحلي لاكتشاف سحر وعمق وأصالة مختلف الألوان الموسيقية والغنائية. وبعد أبرز أن النجاح الذي حققته الدورة السابقة عزز من ثقة المنظمين لجعل هذا الملتقى الثقافي والتربوي تقليدا سنويا وذلك بفضل تظافر جهود كل الشركاء والمساهمين والمهتمين بالشأن الثقافي، أكد صغيري أن هذه التظاهرة تشكل فرصة لإبراز المؤهلات الفنية والثقافية وتشجيع الإبداع وترسيخ روح التضامن بين الأطفال وكذا لإحياء الفنون الشعبية الأصيلة وتثمين الموروث الثقافي الأمازيغي مع إشراكهم في التعريف به والعمل على الحفاظ عليه وإغنائه واستثماره. وقال رئيس الجمعية، في هذا الإطار، "إن الأمل كبير والطموح أكبر في الحفاظ على استمرارية هذا العرس الطفولي خدمة لأطفال هذه المدينة كما أن الأمل معقود على الجميع من أجل تحقيق هذا الطموح بغرض تأسيس بنية إنتاجية راسخة لثقافة". ويتضمن برنامج الملتقى ندوات فكرية تهم التنصيص الحقوقي في الدستور من تأطير لحسن آيت لفقيه عن اللجنة الجهوية للحقوق الانسان الرشيدية-ورزازات، وورشة للأطفال في الفنون التشكيلية "حقوق الطفل" من تأطير سعيد نجيمة رئيس جمعية "قافلة الفن بلا حدود"، علاوة على امسيات تراثية وفنية بمشاركة فرق ومجموعات محلية كفرقة اسمون الطفولية للفنان عمر الطاوس، والفرقة الأمازيغية الطفولية "ايمال سوس" ومجموعة ترولا الأمازيغية.