الجزائر , 18-1-2015 (أ ف ب) - مصطفى اوراد الذي قتل في مقر مجلة شارلي ايبدو كان يريد ان يعيش منسيا بعيدا عن قريته في منطقة القبائل بشرق الجزائر, الا ان اهله اعادوه لمسقط رأسه من خلال تكريم وترحم على روحه وفق التقاليد الاسلامية. وقال ابن عمه جعفر الذي تربى وكبر معه "كان مصطفى (60 سنة) يريد البقاء بعيدا عن الاضواء لكن وفاته صنعت منه شخصا معروفا. كان يريد ان يبقى منسيا لكننا لن نساه ابدا". وعاد مصطفى مساء الخميس الى اهله في قرية بني يني بتيزي وزو (110 كلم شرق الجزائر) في ليلة ترحم على روحه بقراءة القرBن والدعوات للطالب الذي هاجر الى فرنسا قبل ثلاثين عاما, تاركا وراءه ذكريات شاب طيب ومولع بالكتب. ولم يكن ينقص سوى جثمانه ليدفن في ارض اجداده, لولا انه زوجته في فرنسا قررت ان يدفن هناك في باريس. وردد "الاخوان" وهي فرقة دينية اناشيد تكبر وتحمد فيها الله وتذكر النبي محمد باحسن الاوصاف. في بيت عائلة مصطفى اوراد الذي لم يبق فيه سوى ابناء اعمامه وكعادة الجزائريين تم اعداد عشاء للحضور . وفي وقت سابق اقام المصلون "صلاة الغائب" عليه للتذكير بانه مسلم ويستحق الصلاة عليه كما تنص تعاليم الاسلام. رفاقه في القرية يتذكرون انه, قبل ان يغادر الجزائر في ,1981 لم يبد اي اعتراض على دينه الاسلامي. "فالدين في وقتنا شيئ مقدس في القرية ولا يمكن العبث به. هو قضية الكبار والحكماء والعلماء. ومصطفى كان مؤمنا. كان مثلنا جميعا لا يحافظ على الصلاة, لكنه بدأ بدا صيام رمضان منذ الصبى", كما قالوا. هل ترك مصفى الاسلام بعد هجرته الى فرنسا قبل 34 سنة? لم يسمع احد في القرية بهذا, لكن لا احد ايضا يستطيع الجزم بغير ذلك, لانه قطع كل صلة له بالقرية. واكد احد اقاربه انه "خلال الاربع سنوات الاولى من هجرته كان يبعث بعض الرسائل ثم انقطعت اخباره تماما". فقد مصطفى امه عندما كان رضيعا ثم اباه في سن السابعة فعاش يتيما عند جده ثم اعمامه. ولديه اخت تعيش في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية. يتمه لم يكن عائقا امام تفوقه في الدراسة فكان نجيبا كما يذكر زملاؤه. في الثانوية كان من المحظوظين الذين درسوا على ايدي "الBباء البيض" في ثانوية تابعة للكنيسة في وسط العاصمة الجزائرية مع ابناء الاعيان والسياسيين. وبعد تفوقه في البكالوريا بمعدل جيد, فعل كما يفعل كل المتفوقين من جيله, فسجل في كلية الطب ليدرس سنتين قبل ان يهاجر الى فرنسا. اختار الطب "لكنه كان يحب الادب والفلسفة" حتى اطلق عليه رفاقه في الدراسة اسم "مصطفى بودلير" نسبة للشاعر الفرنسي المشهور الذي عاش في القرن التاسع عشر.وبحسب رفاقه فان حبه للقراءة ولد معه "فكان لا يفارق الكتب حتى وهو يرعى البقر". قرية بني يني التي ولد فيها الطفل مصطفى مشهورة بالحلي الفضية واغلب سكانها يشتغلون في هذه الحرفة, الا ان مصطفى كان يعرف كيف يصوغ الكلمات بدل الخواتم والقلادات. كان يحب المغني الفرنسي جورج براسنس ونظيره باللغة الامازيغية لونيس ايت منقلات, فكلاهما يحرص على انتقاء الكلمات. لذلك اختار اسم لونيس لابنه البالغ 17 سنة, وحتى لا يبتعد عن مطربه المفضل سمى ابنته لويزة (22 سنة) وهو عنوان اغنية عاطفية لايت منقلات. في تلك الليلة التكريمية حضر ايضا بعض شباب القرية ليترحموا على مصطفى على طريقتهم, حاملين بطاقات كتب عليها "انا شارلي, انا مصطفى". ويتذكر اقاربه انه كان شخصا مسالما جدا "الى درجة انه لم يسبق ان تشاجر مع احد". كان قدره ان يقتل في فرنسا على يد فرنسيين من اصول جزائرية في 7 يناير 2015 وهو الذي انقذه القدر من الحرب الاهلية التي دامت عشرية كاملة في الجزائر, كما اكد احدهم.