بدأ الناخبون التونسيون اليوم الأحد الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة التي تستكمل بها تونس آخر خطوات الانتقال إلى الديمقراطية الكاملة بعد قرابة أربع سنوات من الانتفاضة التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي. وبعد إقرار دستور جديد وانتخاب برلمان في أكتوبر تشرين الأول الماضي اعتبرت تونس مثالا للتحول الديمقراطي في منطقة مازالت تعاني من اضطراب بعد انتفاضات الربيع العربي التي انطلقت شرارتها في 2011. وتجنبت تونس انقسامات مريرة تشهدها ليبيا ومصر لكن انتخابات اليوم الأحد يتنافس فيها الباجي قائد السبسي وهو مسؤول سابق من عهد بن علي والرئيس الحالي المنصف المرزوقي الذي يقول إنه يدافع عن إرث الثورة. وحصد السبسي الذي كان رئيسا للبرلمان في عهد بن على 39 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى في نوفمبر تشرين الثاني بينما حصل المرزوقي على 33 في المئة. وبدأ الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (0700 بتوقيت جرينتش) وسط وجود أمني مكثف في لجان الانتخاب حول العاصمة تونس. وليس متوقعا ظهور النتائج الأولية قبل الغد. وقالت وزارة الدفاع التونسية إن قوات الجيش قتلت فجر اليوم الأحد مسلحا واعتقلت ثلاثة آخرين هاجموا سيارة دورية عسكرية أمام مركز اقتراع بمدينة حفوز في محافظة القيروان في وسط البلاد قبل ساعات من بدء جولة الإعادة. وقال بلحسن الوسلاتي المتحدث باسم الوزارة إن جنديا أصيب في الهجوم. ويستنكر السبسي (88 عاما) قول منتقدين إن انتخابه سيمثل عودة للنظام القديم. ويقول إنه رجل دولة متمرس من التكنوقراط تحتاج إليه تونس بعد ثلاث سنوات مضطربة حكمت البلاد خلالها حكومة ائتلافية بقيادة الإسلاميين بعد الثورة. ويصف المرزوقي (69 عاما) وهو ناشط سابق في عهد بن علي رئاسة السبسي بأنها نكسة "لثورة الياسمين" التي أرغمت الرئيس السابق على الفرار من البلاد. وقال المرزوقي وهو يدلي بصوته في لجنة بمدينة سوسة الساحلية إن من الضروري أن تستمر الثورة. وأضاف أن تونس تتبوأ مركز القيادة الديمقراطية في العالم العربي لكن عودة النظام القديم يمكن أن تنهي هذا المثال. لكن كثيرين من التونسيين يربطون بين رئاسة المرزوقي والحكم الإسلامي الذي يقول معارضون إنه سمح بنفوذ للإسلاميين المتشددين في واحدة من أكثر الدول العربية علمانية. وقالت منية بن سليمان وهي تدلي بصوتها للسبسي في مركز اقتراع بالعاصمة "أنا أصوت لمستقبل أكثر ليبرالية وانفتاحا لوضع النهاية لتلك السنوات الثلاث الماضية." *سياسات تقوم على ابرام الصفقات والحلول الوسط ذات شأن في السياسة التونسية. واستطاع حزب نداء تونس الذي يقوده السبسي أن يصل إلى اتفاق مع حركة النهضة الإسلامية للتغلب على أزمة أشعلها مقتل اثنين من القياديين العلمانيين العام الماضي. وتنحت حركة النهضة في بداية العام الحالي لإفساح الطريق لحكومة انتقالية من التكنوقراط لحين إجراء الانتخابات. لكن الإسلاميين لا يزالون قوة ذات بأس بعد فوزهم بثاني أكبر عدد من مقاعد البرلمان الجديد. والمؤيدون للسبسي هم القطاعات الليبرالية الأكثر علمانية من المجتمع التونسي بينما يتوقع محللون أن ينال المرزوقي تأييدا في المناطق الريفية الأكثر محافظة وكذلك من أعضاء النهضة التي لم تقدم مرشحا لانتخابات الرئاسة. وسلطات الرئيس محدودة في مجالي الدفاع والسياسة الخارجية. وسيكون دور حزب نداء تونس الذي يقوده السبسي أساسيا في اختيار رئيس الوزراء الذي يقود العمل التنفيذي بعد أن فاز بمعظم مقاعد البرلمان. وستشكل حركة النهضة وحركة الجبهة الشعبية اليسارية وهما الجماعتان السياسيتان الأكثر تنظيما معارضة قوية لحزب نداء تونس الأمر الذي يرجح معه استمرار الحلول الوسط. وأيا كان الفائز في انتخابات الرئاسة سيتعين على الحكومة الجديدة مواجهة الخطر الذي يمثله الإسلاميون المتشددون وكذلك إصلاحات اقتصادية تنطوي على حساسية سياسية في دولة لا يزال كثيرون من سكانها قلقون بشأن الوظائف وارتفاع تكاليف المعيشة.