لم تكد فرحة «عبد العالي. ط» أن تكتمل بحيازته قطعة أرضية مجهزة للبناء، حتى اكتشف أن هذه القطعة التي دفع فيها «دم جوفه» لأجل أن يشيد فوقها مسكنا لعياله، قد شمت فيها. الضحية اشترى أرضا وهمية في ملكية أشخاص آخرين يتصرفون فيها منذ سنوات عديدة، ولا علاقة لها بمن باعوها إياه، حينها تيقن أنه سقط ضحية في شرك شبكة مارست عليه النصب والاحتيال والابتزاز. لحظتها لم يجد من مخرج إلا أن عرض شكاية مستعجلة لدى النيابة العامة. وقائع القضية، كما يرويها عبد العالي في شكايته، تعود إلى بداية شهر غشت الماضي، عندما كان بصدد البحث عن قطعة أرضية في المتناول لبناء مسكن فوقها، يعفيه من شر الكراء منذ حوالي عشرين سنة. أرادها أن تكون أرضا فسيحة بضواحي المدينة، تجمع بين السكن ومزاولة بعض الأنشطة الفلاحية التي يهواها. قصد منطقة أولاد الطيب التي تهيمن عليها أراضي الإصلاح الزراعي التابعة للدولة، والموجودة على بعد عشرة كيلومترات من وسط مدينة فاس، وهناك التقى بوسيط عقاري ووضع فيه ثقته من أجل أن يساعده في شراء القطعة الأرضية المرغوب فيها. عرض الوسيط واثنان من مرافقيه على الضحية مجموعة من الاختيارات، قبل أن يستقر قرار الأخير على بقعة ادعى أحد مرافقي الوسيط أنها في ملكية والدته ويود أن يبيعها إذا كان هناك عرضا يستحقها، باعتبارها بقعة تحاذي الطريق المؤدية إلى مطار فاس سايس وتتضمن العديد من أشجار الزيتون. «تفاوض» عبد العالي مع صاحب الأرض والوسيط وصديقهم الثالث حول ثمن القطعة الأرضية طويلا، قبل أن يتفقوا على أن يكون الثمن محددا في مائة مليون سنتيم. وباعتبار أن الأرض غير محفظة، فقد أرادوا أن تكون عملية بيعها غير خاضعة لمسطرة بيع العقارات المتعارف عليها، لذلك اتفقوا أن يتم البيع وفق عقد موقع من البائع و«الشاري» ومصادق عليه في المقاطعة... لذلك توجه الجميع إلى منطقة بنسودة بضواحي المدينة وهناك جرت المصادقة على العقد وباقي الوثائق التي تثبت عملية البيع، في الوقت الذي سلم فيه الضحية المبلغ المتفق عليه كاملا للمدعي بامتلاكه القطعة الأرضية بحضور الوسيط الذي منحه مبلغا نظير أتعابه، وكذا بحضور مرافقهم الثالث الذي لعب طوال الوقت دور المساعد و«فاعل الخير». ما إن تسلم نسخة من العقد، حتى عاد الضحية ليتفقد البقعة من جديد. وخلال وجوده بها، حصل ما لم يكن في الحسبان، إذ أخبره أحد السكان المجاورين الذي علم بما حصل، أنه اشترى الوهم، مادام أن الأرض في ملكية أشخاص آخرين ولا علاقة بمن نصبوا عليه. أمرت النيابة العامة الضابطة القضائية بفتح تحقيق في موضوع شكاية عبد العالي. وفي ظرف يومين، جرى اعتقال الوسيط العقاري المتورط بصحبة الشخص الذي ادعى امتلاكه القطعة الأرضية، يوم الجمعة 16 شتنبر الحالي، بينما مازال المتهم الثالث وامرأة متهمة على صلة بالشبكة ذاتها في حالة فرار. فُتح تحقيق مع المتهمين، قبل أن يحاولوا صباح يوم السبت على النيابة العامة، بتهمة النصب والاحتيال والابتزاز، وقد بينت التحقيقات الأولية أن أفراد الشبكة من ذوي السوابق ومتورطين في عدد من القضايا المماثلة، إذ أنهم موضوع عدة شكايات من مواطنين وقعوا ضحايا عمليات نصب واحتيال. محمد الزوهري