"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة نصب واحتيال بطلها مستشار جماعي
نشر في التجديد يوم 07 - 10 - 2003

"التجديد" تنقل من اخنيفرة تفاصيل حكايات نصب واحتيال غريبة بطلها مستشار جماعي:ملايين السنتيمات سلبت من أصحابها عن طيب خاطر طمعا في الكنوز وخوفا من الجن!
عاشت مدينة خنيفرة في الأيام القليلة الماضية وقائع أغرب من الخيال، حادثة بطلها شاب مغربي في الثلاثينيات من عمره، استطاع النصب على أثرياء المدينة بسلبهم ممتلكاتهم عن طيب خاطر، بعدما ادعى قدرته على استخراج ما تدخره الأرض من كنوز وثروات بمساعدة الجن، قصة انكشفت خيوطها بعدما تمكن الدرك الملكي بمدينة خنيفرة من إلقاء القبض على الجاني، بعد شكاية من طرف المسمى مولاي محمد الحميدي. والغريب في الأمر أن المشعوذ المذكور قد تمكن من نقل شعوذته إلى السياسة، حتى تمكن من النصب على المواطنين الذين صوتوا لفائدته في الانتخابات الأخيرة، حيث حصل على منصب مستشار جماعي. ترى من يكون هذا الشاب؟ وكيف تم القبض عليه؟ ومن هم الضحايا؟ وكيف كان ينصب عليهم؟ التجديد انتقلت إلى عين المكان، والتقت بعض الضحايا الذين آثروا الخروج عن صمتهم لفك خيوط هذا البيت العنكبوتي، وفضح هذا النصاب الذي لقبه أحد المواطنين برماش خنيفرة، في حين فضل أثرياء آخرون خيار الصمت خوفا من أن تلصق بهم تهمة الطمع فيصبحوا أضحوكة بالمدينة.
في قبضة العدالة
شاء قدر الله أن يقع أحمد أوجلاخ (مستواه الدراسي التاسعة إعدادي) في قبضة العدالة بعد شكاوى طالها الطي والكتمان، وذلك حينما تقدم السيد محمد الحميدي، وهو من الضحايا، بشكوى لدى الدرك الملكي، وعلى إثرها جرى بحث وضع حدا لفتنة شغلت أهالي مدينة خنيفرة منذ سنين. ففي مساء الأربعاء الماضي ألقى الدرك الملكي القبض على أوجلاخ الملقب بالحاج المومني وبالشواف وبالسحار وهو من مواليد ,1972 أب لطفلتين، نشأ وترعرع بمدينة خنيفرة.
المتهم فلاح عاهد المواطنين أثناء الحملة الانتخابية على خدمة البلد والسعي لجماعة نظيفة، حاملا رمز الكف، اعتقل داخل إحدى سياراته الفارهة، واعتقل إلى جانبه الذين أتقنوا دور تمثيل الجن بكفاءة عالية، منهم عدي، المعروف باسم «السمسار» وسعيد إيشي وابنا عمه هشام وحمو أوجلاخ.
في منزل متوسط بحي الربيع حيث كان يقطن أوجلاخ، استقبلتنا أخته نعيمة، التي وصفت لالتجديد شعور العائلة بقولها: «كان اعتقال أخي يوم الأربعاء الماضي في سيارته مفاجأة لنا، واليوم (السبت) سيقدم لابتدائية ميدلت»، وتضيف نعيمة في محاولة للدفاع عن أخيها: «أخي لم يعثروا عنده على أي شيء، لقد جيء به أمس الجمعة لتفتيش البيت ولم يأخذوا أي شيء سوى بعض ملابسه».
صحيح أن الدرك الملكي لم يعثر على أي شيء في بيته، حسب مصادر مطلعة، غير أنه عثر على وسائل تمثيل دور الجن ببيت اكتراه أحد أفراد جماعته بحي حمو حسن بخنيفرة، محجوزات منها سيف وجرات الكنوز وأثواب بيضاء وقرون وفأس، وأقنعة.
كتمان ونية وزكاة
عبد الواحد تودي، شاب يبلغ من العمر 33 سنة، ما يزال طريح الفراش من هول عملية الاحتيال التي كلفته مبلغ 122 مليون سنتيم، مبلغ اقترض تودي جله من بعض أفراد عائلته وأصدقائه، مدعيا أحيانا إقباله على مشروع استثماري، وأحيانا أخرى لا يسأله المقرض عن وجه احتياجه للمال، لكونه معروفا بثقته ونجاحه في مشاريعه، حسب ما صرح به بعض المقرضين.
يحكي تودي عن بداية قصة احتيال أشبه ما تكون بأسطورة قائلا: «في يوم 11 من شهر غشت ,2003 التقى بي المدعو رحو أعريم وهو صديق قديم لي، وحدثني عن وجود كنز بممتلكات عمي، وأن جلبه يتطلب ذبح دجاجة وتسليمه 30 مليون سنتيم، فلم أكترث بالأمر، وبعد مدة عاود رحو الاتصال بي مدعيا هذه المرة أن الكنز موجود بحقولي، اتفقنا على موعد للتوجه إلى مكان وجود الكنز، التقيت برحو في المقهى رفقة كل من أحمد أوجلاخ (المستشار الجماعي) وشخص آخر قدموه لي على أنه فقيه فقدموا لي عصيرا مدعين أن الفقيه لم يرد شربه، فتوجهنا بعدها إلى مكان يسمى سيدي محمد المكي على متن سيارة أوجلاخ من نوع بوجو ,406 وعند وصولنا أخذ الثلاثة يبحثون عن حجر ادعوا معرفة مواصفاته، وأخذ الفقيه يهمس بكلمات للحجر، وشرع أوجلاخ يدور جريا حول المكان مدعيا أنه يرسم دائرة الثقاف، فاندلعت النار تحت رجلي الفقيه وأطفأها ثم خرج علينا جنيان يرتديان الأبيض أحدهما له قرون، وقالا لنا: «حنا بالله وبالشرع» «اذهبوا عنا»، فلما رأيت هذا المشهد حاولت الهرب، غير أن أوجلاخ منعني مدعيا أن خروجي من دائرة الثقاف ستؤدي إلى اختطافي من قبل الجن»، وبعد حديث دار بين الفقيه
والجنيين، أكدا لنا أن كل واحد منا سيتسلم نصيبه من الكنز، فقال لي كل من أوجلاخ ورحو والفقيه إن من شروط الحصول على الكنز الكتمان، فالكاف: كتمان، والنون: نية، والزاي: زكاة، وأن من كشف السر سوف يؤذيه الجن» هذه الطقوس صاحبها إشعال النار، يقول تودي، فادعوا أن الجن يشعل النار لجلب الكنز.
حذار من غضب المؤمنين
تكرر الذهاب إلى المنطقة نفسها، حسب تصريحات تودي، ففرض الجن على الثلاثة أداء 700 درهم كدعيرة لتخلفهم عن موعد، وعند أدائه طلب الجن من تودي ستة ملايين سنتيم كزكاة، فتدبر تودي المبلغ وسلمه بالطريقة نفسها لالجن رفقة أصدقائه، وبعد مدة قصد الثلاثة مكان الجن فسلمهم هذا الأخير الدفعة الأولى من الكنز وهي عبارة عن خابية ادعى النصابون أنها مملوءة بريالات من ذهب، وأن الجن أمرهم أن يتركوها أمانة عند رحو حتى يأمروهم ببيعها. طلبات الجن لم تقف عند هذا الحد، بل طلبوا أموالا أخرى (تودي مبلغ 32 مليون سنتيم ورحو 6 مليون سنتيم والفقيه 26 مليون سنتيم وأوجلاخ 144مليون سنتيم)، مهددين بالسيف من خالف الأوامر ولم يحضر نصيبه في الغد.
عاد عبد الواحد تودي خائفا مرتعدا في تلك الليلة، فالمبلغ كبير، وبلغ من خوفه أنه لم يترك صديقا ولا قريبا إلا واقترض منه، ومع ذلك لم يستطع إتمام المبلغ المطلوب، فاتصل به أوجلاخ فأخبره أن الجن على علم بمجهوداته، وعليه إحضار ما توفر لديه (مبلغ 22 مليون سنتيم)، وحوالي العاشرة ليلا توجهوا إلى بحيرة بآزرو نايت لحسن، وبالأسلوب نفسه سلم المبلغ للجن، وطلبوا منه ضرورة إتمام المبلغ، فباع تودي بعدها بعض غنمه، واقترض من أصدقاء آخرين وسلم بقية المبلغ للجن وهو 10 ملايين سنتيم، وبعد عملية التسليم هاته، يقول تودي: «أعطانا الجن دفعة أخرى من الكنز مدعين أنها الأخيرة، وطلبوا مني إحضار 47 مليون سنتيم وأوجلاخ 56 مليون سنتيم ورحو مليون سنتيم والفقيه مليون سنتيم، وأخذنا الجرات الأربع، أي بقية الكنز وأعطيناها لرحو تلبية لطلب الجن، طلبات هذا الأخير ترتفع كل مرة، وتودي استنفذ كل جهده لأجل الحصول على المال، فحدث رفاق الكنز بأنه يعجز عن تدبير المبلغ المطلوب، فكان جواب الرفاق هذه مهمتك وحذار من غضب المؤمنين، بع فدانا أو افعل أي شيء، فراح المسكين يجمع المبالغ بالطريقة نفسها... لقاء الجن الأخير لتسليم مبلغ 47 مليون
سنتيم لم يحضره الفقيه، فلما سأل تودي رحو وأوجلاخ عن سبب الغياب، كان جوابهما أن الجن رفعه لأنه طلب من رحو أن يعطيه عينة من الكنز، في هذا اللقاء أخبر تودي بأنه لن يرى الجن بعد اليوم وأن رحو هو صلة الوصل بين الجن وبينه وبين أوجلاخ.
قيمة دواء ابن السلطان ستة ملايين سنتيم
بعد أن أوكل الجن لرحو الحديث باسمه «كان الطلب الأول، يقول تودي، هو أن أسلم ستة ملايين سنتيم لشراء دواء ابن السلطان، لأنني سبب مرضه، فتدبرت الأمر وسلمت المبلغ لرحو. وتوالت عملية النصب والاحتيال على تودي مرة بادعاء شراء دواء من مكة وتارة لعلاج أبيه طريح الفراش، وفي أحد الأيام هاتف رحو تودي وأخبره بموت ابن السلطان، وطلب منه الحضور لأداء صلاة الجنازة، وأخبره أن أوجلاخ تكلف بجلب ماء من مولاي يعقوب لتغسيله، وعند اقتراب موعد أداء صلاة الجنازة اتصل رحو بعبد الواحد تودي فأخبره بأن هناك مستجدا هو أن أوجلاخ ارتكب خطأ وأن الجن رفعه وأنهم يعذبونه، وسوف يعطونه الهاتف ليتصل به وهذا ما حصل، يقول تودي «اتصل بي أوجلاخ وهو يبكي ويصيح (عتقوا الروح...) مدعيا أن الجن يعذبونه فانقطع الاتصال. وبعدها هاتفني رحو وقال لي ينبغي أن نحمل 30 مليون سنتيم للفدية على أن أدفع أنا 20 مليون سنتيم ورحو 10 ملايين سنتيم، وقلت له إنه من المستحيل أن أجمع المبلغ، وبعد حوالي يومين دفعت لرحو جزءا من المبلغ لإنقاذ أوجلاخ من الجن».
وسقط القناع عن سجين الجن
ذهب المسكين تودي يبحث عمن يقترض منه لإتمام فدية أوجلاخ فذهب إلى حي أمالو بمدينة خنيفرة، وهناك وقع ما لم يكن في الحسبان، سجين الجن يوجد بسيارته، يقول تودي: «لما رأيت أوجلاخ بسيارته حينها استيقظت من غيبوبتي فأدركت المصيدة، فتوجهت عند أحد أصدقائي فحكيت له كل الوقائع، فحدثني عن الوجه الحقيقي لكل من أوجلاخ ورحو«، أدرك تودي حينها أن كل الوقائع السابقة كانت مجرد تمثيل لنصب الملايين، ففكر في طريقة تعيد له ماله، يقول تودي: «اتصلت ب رحو وسألته عن أوجلاخ وأخبرني أنه ما يزال سجين الجن فأخبرته أنني أتممت المبلغ لإنقاذه، فلما التقيته أخبرته بأنني اكتشفت الأمر وتحدثنا طويلا، وأخبرني بحقائق الأمور وأن الأمر كان مجرد تمثيل، وطلبت منه أن يرافقني لتبليغ الأمن غير أنه رفض وبعد جدال طويل طلب من أحد أصدقائه أن يرافقني للبيت عند زوجته ويطلب منها 22 مليون سنتيم، مدعيا أن المال يحتاجه لشراء الأعضاء الجماعيين فتسلمت المبلغ، وأمضى على 14 كمبيالة قيمة كل واحدة ألف درهم شريطة ألا أتكلم خوفا من الفضيحة نظرا لظروف الانتخابات».
وفي اليوم الموالي أخبر رحو عبد الواحد تودي بأن أوجلاخ وابن عمه حمو وشخص آخر ضربوه لأنه تصرف بغباء وباح بالسر، وخوفا من افتضاح أمره منح رحو لعبد الواحد تودي أصله التجاري في المقهى المسمى أوبيرا بخنيفرة، بحضور عدلين وشاهدين.
شكاية إلى النيابة العامة
رهبة العصابة لم تقتصر على الاحتيال على الأموال، بل سعت إلى أن تفرق بين تودي وعائلته، فأوهموه بأن عائلته قد تتشبه بالشياطين، وتصيبه بمكروه، يقول: «طيلة مدة النصب تغيرت سلوكاتي فحديثي إلى عائلتي أصبح قليلا، وأصبحت كثير الخوف، وقطعت كل علاقاتي بأصدقائي» وعن الإجراءات التي قام بها تودي بعد اكتشاف المصيدة التي وقع فيها، يحدثنا قائلا: «تقدمت على إثرها بشكاية في الموضوع إلى النيابة العامة بخنيفرة سجلت تحت رقم 2339 ش 2003 بتاريخ 17/09/,2003 وبعد علم الرأي العام بالواقعة بدأت ترد علي أخبار عمليات نصب بأساليب مماثلة وبأساليب أخرى أكثر خطورة، تفضي بالمنصوب عليهم إلى السكوت وعدم تقديم أية شكاوى، وبعدها فوجئت بأن رحو قدم شكاية إلى النيابة العامة مدعيا أنني ضربته واحتجزته أنا وأخي مصطفى والمدعو اشبوكي والدرقاوي، وهما الشاهدان على العقود العدلية والعديد من العمال وشخصين آخرين لا علاقة لي بهم»
الأموال مزورة عند لمسها
أول لقاء للسيد محمد حمدي مع أوجلاخ كان في شهر شتنبر ,2002 حيث قدم هذا الأخير نفسه على أنه الحاج لحسن المومني، تاجر ويقطن بتالبرجت بأكادير، ودامت عملية النصب هاته من 08/09/2002 إلى حوالي 01/06/2003 بالطرق نفسها التي وقعت مع الضحية الأول عبد الواحد تودي (الجن وابن السلطان). فقد على إثرها 100 مليون سنتيم، حسب ما صرح لنا به حمدي، المبالغ التي تم النصب عليه فيها كان يؤديها حمدي بالتقسيط، فتارة كفالة تقدم للجن للإفراج عن أوجلاخ ومرة زكاة يمنحها للجن، حتى بعض الأفرشة أتى بها حمدي لسجين الجن أوجلاخ. وعن إحدى الخرجات الليليلة يقول حمدي: «ذهبنا كالعادة إلى منطقة خالية فقدم لنا الجن الطعام والشراب، ثم قدموا لي علبة (كارطونا) بها مبلغ 445 مليون وأمروني أن أحصي 15 مليون وآخذها مقابل أن أمنحهم ثلاثة مليون سنتيم، غير أنني لم أكن أتوفر على المبلغ المذكور، وقلت لهم سأمنحكم من هذا المبلغ 15 مليون سنتيم غير أنهم رفضوا مصوبين نحوي بندقية وخامرني شك أن الأموال مزورة من خلال لمسها».
نصب بتهمة الإرهاب
بعد مدة طويلة استطاع حمدي أن يتعرف على الحاج المومني، حيث اكتشف هويته أثناء انتخاب المجلس البلدي لموحى وحمو الزياني في الانتخابات الأخيرة، شاهد حمدي الحاج المومني هذا الأخير لم يكن سوى أوجلاخ ، فطالبه بأمواله، فأعطاه شيكا بنكيا بقيمة455 مليون سنتيم تحت إسم شركة الحليب بالرباط ثم وجده دون رصيد فأعاده إليه ثم سلمه شيكا آخر بقيمة مليوني درهم، مدعيا أن هذا عربون ثقة، مطالبا إياه بصرفه وأن يعيد له الفرق مليون درهم، ولما قام حمدي بصرف الشيك اكتشف أنه بدون رصيد، والشيك من بنك القرض الفلاحي وكالة خنيفرة باسم الجعيدي محمد رقم الحساب .6015704647
بعد اكتشاف حمدي أن الشيك بدون رصيد عزم على تقديم شكاية، غير أنه وقع ما جعله يتراجع عنها، يقول حمدي: «خاطبني شخص في الهاتف فقال لي: نحن ولاية الأمن بالرباط ولقد وجدنا هاتفك عند متهم بالإرهاب يدعى مزال عبد الله، فكان جوابي أنا تاجر ورقمي مشاع، وانقطع الاتصال» يسترسل حمدي قائلا: «بعد هذا الاتصال التقيت بأوجلاخ فأخبرته بأمر الهاتف فطمأنني، مؤكدا لي أنه سيتصل بولاية الأمن بالرباط ويحل المشكل، وهذا ما حصل، إذ اتصل بي من ادعى أنه من الأمن بالرباط، مؤكدا لي أن القضية انتهت بسلام وأمروني بالتوجه عند مسؤول أمني بخنيفرة وتوجه حمدي عند المسؤول الأمني بخنيفرة حسب قوله فأخبره بحكاية اتصال أمن مدينة الرباط وطمأنه المسؤول الأمني، مؤكدا له أنه على علم بالأمر وأن كل شيء انتهى بسلام.
باع شاحنتين وسيارة مقابل جرة فارغة
الضحية الثالث يسمى محمد بحري (70 سنة)، التزم الصمت خمس سنوات، ولم يتكلم إلا بعد اعتقال أوجلاخ... توجه إلى الدرك الملكي حاملا جرته التي خبأها مدة خمس سنوات، كانت الجرة ثقيلة، مغلقة بالطين لم يكن يعلم ما بها، لأنه لم يستطع فتحها خوفا من الجن. ووقع النصب على محمد بحري بالأسلوب نفسه الذي اعتمد مع الضحايا الآخرين، يقول بحري «تعرفت على أوجلاخ عن طريق صديق لي يدعى محمد الحلوي، فأوهمني بوجود كنوز في ممتلكاتي، واستولى على 37 مليون سنتيم، بعد أن بعت شاحنتين وسيارة، هذه الجرة سلمني إياها الجن مدعيا بأن بها كنزا، ومازلت أحتفظ بها ولم أفتحها».
ويتابع بحري قوله: «كلما التقيت أوجلاخ أحدثه عن الجرة ويحثني على الانتظار، وبعد أن ألقي عليه القبض قررت تقديم شكاية في الموضوع». وعما إذا كان صديق بحري شريكا لأوجلاخ في عملية النصب، يقول: «لا، إنه هو الآخر ضحية، فلقد باع كل ممتلكاته والآن أصبح فقيرا، ومع ذلك ما زال يعتقد أن أوجلاخ ولي من أولياء الله».
شرطي جني
مصطفى بن الشرقي رشيدي، تاجر مشهور ببلدة أجلموس، له معاملات تجارية مع 180 أسرة، هو أيضا من ضحايا المستشار الجماعي. يحكي بن الشرقي عن بداية عملية النصب قائلا: «قبل عيد الأضحى لسنة ,2002 أتى عندي صهري (زوج أخته) المدعو بناصر عميتشي رفقة ابنه الشرقي، واقترحوا علي العلاج من إعاقتي (معاق حركيا من يده ورجله اليسرى)، مدعين معرفتهم بفقيه ماهر ينحدر من مدينة مراكش، غير أنني رفضت ذلك»، وبعد مدة أتى صهري حاملا جديا أبيض وذبحوه أمام بيتي، وأخبروني أن الفقيه هو الذي أمرهم بفعل ذلك». وعملية الذبح التي تمت جعلت بن الشرقي يعتقد أنه سيصاب بمكروه إذا لم يخضع لعلاج الفقيه، وبعد مدة خمسة عشر يوما قدم صهر ابن الشرقي رفقة أوجلاخ، وعن اللقاء الأول، يقول رشيدي: «أخذ أوجلاخ يقبل رأسي، مدعيا أنه لا يريد أن يحرم من أجر علاجي وأنه من أغنى الأغنياء، ويقدم زكاة للسعودية قدرها 700 مليون سنتيم».
بعد لقاء التعارف الأول رافق أوجلاخ بن الشرقي خارج بيته ليلا، إذ «سلمني أوجلاخ أحمد ساعة يدوية قائلا أنها تتحكم في الجن، وقام بتحريكها فحضر أمامي شخص بلباس الشرطة فطلب مني ما أريد، فأجبته أنني أريد شفائي فغاب عني بعد ذلك، وطلب مني أوجلاخ أن أضع الساعة في الصندوق الحديدي الذي أضع فيه أموالي ففعلت ووعدني بأن يحضر أعشابا من مدينة مراكش». وعند اقتراب عيد الأضحى كانت زيارة أخرى لكنها كانت الأخيرة، يقول بن الشرقي ساخرا من نفسه: «عاد عندي أوجلاخ فوضع الساعة في يده فحركها فخرج علينا ذلك الشخص الشرطي، فطلب مني أوجلاخ أن أسلمه مفاتيح الصندوق الحديدي ليعيد الساعة إلى مكانها، وأخذ يهمس بكلمات غامضة، طالبا مني عدم الاقتراب لأن الجن سيغضب، وأمرني بأن لا أفتحه إلا بعد أن يحضر أعشابا من السعودية وانصرف إلى حال سبيله».
فتح الصندوق بعد أن نطق بالشهادتين
ولى عيد الأضحى وشركاء بن الشرقي يطلبون منه أرباح الغنم، فهو قد باع ما يفوق 2000 كبش، وكان بن الشرقي يجيب كل من أراد المال بأن صندوقه الحديدي من نوع «كوفر فور» به عطب. مر أسبوع ولم يحضر أوجلاخ الأعشاب من السعودية، لم يستطع بن الشرقي الاقتراب من الصندوق خوفا من الجن، وبعد مضي ثلاثة أشهر عزم على فتح الصندوق بعد أن نطق بالشهادتين، فكانت المفاجأة يقول بن الشرقي: «وجدت الصندوق فارغا وكان يحتوي على 268 مليون سنتيم، النساء بالبيت أردن الصراخ فمنعتهن وحاولت تهدئة الوضع، وقررت الانتقام منه».
ضحية ينتظر إشفاء الغليل
اجتهد مصطفى بمساعدة بعض الأشخاص للعثور على منزل أحمد أوجلاخ، فتوجه لبيته حاملا بندقيته لتهديده، ولما اكتشف أوجلاخ طارق الباب اتصل هاتفيا برجال الأمن الوطني الذين اعتقلوا بن الشرقي ومساعديه، وأفرجوا عنهم بعد ذلك... ويحكي مصطفى: «قدمت شكاية في الموضوع للنيابة العامة فتمت إحالة الملف على المحكمة الابتدائية بخنيفرة حسب محضرها رقم: 360 / ش ق بتاريخ 11/06/2002 ثم ملف تحقيقي بمكناس رقم: 195/02 ورغم ذلك استغل المشتكى به نفوذه وعلاقاته المشبوهة ولم ينل جزاءه، لدرجة أن صهري صرح بالوقائع عند الضابطة القضائية ثم تراجع عنها تحت تهديد مسؤول أمني».
هكذا تم استغلال بن الشرقي وهكذا كلفته رغبته في الشفاء من إعاقته 286 مليون سنتيم، ورغم إلقاء القبض على أوجلاخ من قبل الدرك الملكي فإن غليله لم يشف بعد، وينتظر أن تنصفه العدالة.
شكر وامتنان لرجال الدرك الملكي
توجهنا إلى مركز الدرك الملكي، الذي ألقت مصالحه القبض على بعض المتهمين، خصوصا المتهم الرئيس أحمد أوجلاخ، انتظرنا طويلا لقاء المسؤول المباشر عن الملف، غير أن انتظارنا لم يسفر عن أية نتيجة، فمجريات البحث ما تزال جارية. واعتقاله جاء إثر شكاية تقدم بها الضحية مولاي محمد حمدي، القاطن ببوميا، رغم أنها لم تكن الشكاية الأولى الموجهة إلى السلطات في الموضوع، فمن بين الشكايات التي تم توجيهها شكاية الضحية رشيدي المصطفى بن الشرقي التي أحيلت على المحكمة الابتدائية بخنيفرة تحت رقم 360ش ق بتاريخ 11 يونيو ,2002 ثم فتح ملف تحقيق بمكناس رقم 195 02 ولم تسفر هذه الشكاية عن أية نتيجة، حسب ما صرح به الضحية ل «التجديد»، مما دفعه أخيرا إلى تقديم شكاية إلى الدرك الملكي لعل هذا الأخير يحقق له مبتغاه.
وشكاية تظلم أخرى سبق أن تقدم بها المواطن امحمدي سي محمد بوراس، مدير شركة تأمينات أكسا بخنيفرة، يوم 18 أكتوبر 2002 إلى مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، حصلت التجديد على نسخة منها، وكان مما جاء في الشكاية الموجهة: «آخر المستجدات، سيدي المدير، أنه بتاريخ 5 مارس 2001 اشتريت الملك جواد عبارة عن أرض فلاحية من صاحبها أوجلاخ أحمد وقمت بتحفيظ الملك المذكور وسلمت لي نسخة من رسمه العقاري، والبائع هو الذي فوت السيارة ميرسيديس 190 للسيد الوكيل، وأحمد أوجلاخ هذا موضوع عدة شكايات من أجل النصب والاحتيال عن طريق أفعال الشعوذة ومزاعم علاج المرضى واستخلاص الكنوز».
هذا الاحتيال والمنصب بدعى البحث عن الكنوز سبق أن عرفته مدينة أزيلال وقرية أكلموس، التي توجد بضواحي اخنيفرة، وذهب ضحيتها أطفال أبرياء سفكت دماؤهم، قدمت قربانا للجن، حسب ما حكى لنا أحد سكان أجلموس، وقائع بعضها تعود إلى سنة ,1999 كما هو الشأن بالنسبة للطفل عتيق بوصحيب، الذي عثر على جثته بمقبرة بالقرية المذكورة.
ومعظم من التقيناهم عبروا عن شكرهم وامتنانهم لرجال الدرك الملكي، سواء الضحايا أو ساكنة مدينة خنيفرة، فالضحايا يترقبون وينتظرون نهاية الملف، هل سيحال أوجلاخ وأصدقاؤه على غرفة الجنايات بمدينة مكناس؟ أم ستبث فيه ابتدائية مدينة ميدلت؟ وبقدر ما كان اعتقاله مفاجأة، باعتبار علاقاته مع بعض المسؤولين الأمنيين بالمدينة، حسب ما يتحدث به العادي والبادي في اخنيفرة ونواحيها، بقدر ما خلف ارتياحا كبيرا في صفوف بعض ساكنة خنيفرة.
خديجة عليموسى /اخنيفرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.