ما خرج به اجتماع مجلس الحكومة الذي انعقد أول أمس عقب سحب مشروع قانون المالية، أضاف صعقة أخرى إلى الصعقة الأولى التي تلقاها الكل من جراء سحب مشروع قانون المالية للسنة المقبلة من البرلمان: الحكومة لم توقع أي مرسوم لسحب مشروع قانون المالية من البرلمان وكل ما هناك هو وقف مساطر النظر فيه. مصدر حكومي كان في طاولة اجتماع مجلس الحكومة أكد «للأحداث المغربية» أن الكل نأى بنفسه عن مسؤولية ما جرى مساء الأربعاء الماضي: وزير المالية صلاح الدين مزوار وبحسب المصدر نفسه قال إن لا خطأ وقع في المشروع الذي هيأته وزارته وأن السحب لم يكن لسبب نابع من نص المشروع. دافع أحد وزراء حزب الاستقلال عن موقف رئيس الحكومة معتبرا أن الحديث عن ارتباك لدى رئاسة الحكومة هو خال من الصحة مادام أن الحكومة صادقت على نص المشروع. الحكومة إذن، يقول مصدر الجريدة «لم تسحب مشروع قانون المالية بل أوقفته فقط منتظرة أن تواتي الفرصة الكاملة من أجل الضغط على زر مناقشته من جديد». يستدل نفس المصدر على قوله بانعدام وجود مرسوم موقع باسم الحكومة يقضي بسحب مشروع قانون المالية. ما الذي وقع إذن حتى يتم إخراج 800 مطبوع التي كانت تضم مشروع القانون من البرلمان ساعات فقط بعد وضعها؟ الذي طرأ يقول المصدر الحكومي، هو أن دائرة ضيقة من المسؤولين تضم رئيس الحكومة عباس الفاسي والأمين العام للحكومة إدريس الضحاك إضافة لرئيس مجلس النواب عبد الواحد الراضي، هي التي اتخذت قرار توقيف حركة سير مشروع قانون المالية. مصادر أخرى قالت، «إن الأمين العام للحكومة دافع عن نفسه، في مواجهة أحد الوزراء الذي حمله مسؤولية سحب مشروع القانون، بكونه غير مختص بسحبه، وكل ما فعل هو وقف عملية توزيع نص المشروع في البرلمان لا غير». لماذا اتخذ هذا الإجراء الأخير تجيب مصادر الجريدة، أن الضحاك أجاب عن هذا التساؤل، وهو يوجه كلامه لنفس الوزير، بالقول: «إن مناقشة القانون التنظيمي لمجلس النواب في لجنة الداخلية بمجلس النواب لم تتجاوز الفصل الخامس فكيف يعقل أن نمضي في تقديم ومناقشة قانون آخر؟». المهم تقول مصادر «الأحداث المغربية» أن مجلس الحكومة قرر أن يرمم الفجوة التي خلقها الطارىء الأخير، بتشكيل لجنة تضم ممثلين عن كل الأحزاب الممثلة في الحكومة، لتتدارس مع رئيس مجلس النواب عبد الواحد الراضي الجدولة الزمنية التي قد تمكن من إعادة مشروع قانون المالية إلى البرلمان. ألم يكن من الممكن التكهن بكل هذا قبل وضع مشروع قانون المالية في البرلمان بل وبعد صدوره في الجريدة الرسمية؟ تجيب نفس المصادر بأن «التكهن باختلال الآجال يمكن أن يقع في الظروف العادية أي التي يقدم فيها قانون المالية، ويناقش، وفق الآجال الدستورية، «أما والمغرب يعيش في ظل أحداث استثنائية فإن مثل حوادث السير هاته يتوقع حدوثها» تضيف نفس المصادر. هل كان للداخلية يد في سحب أو توقيف مشروع قانون المالية؟ لم يظهر من خلال إفادات مصادر الجريدة ما يمكن أن يؤكد ان للداخلية يدا في ذلك. في حين اتفقت كل المصادر الحكومية، التي استقت «الأحداث المغربية» مواقفها في الموضوع حول القول بأن الحكومة لم تكن واعية فعلا بما يمكن أن يشكله عرض مشروع قانون المالية، إضافة إلى القوانين الانتخابية من ثقل على البرلمان، فكان أن تمت التضحية بمشروع القانون الثاني لأن التراجع عن موعد الانتخابات النيابية أصبح في شبه المستحيلات وما على البرلمان إلا أن يتفرغ لمناقشة القوانين الانتخابية التي ستؤطر العملية دونا عن سواها. الجيلالي بنحليمة