علمت «المساء»، من مصادرَ حزبية، أن المفاوضات التي تجري بين اللجنة الوزارية المُصغَّرة، التي تشكّلت لتدارس الجدولة الزمنية التي تمكّنت من إعادة مشروع قانون المالية إلى البرلمان، ما زالت تراوح مكانها. ولم يُفض اجتماعان عقدتهما اللجنة، التي يرأسها عباس الفاسي، رئيس الحكومة، وتتشكل من إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، وإدريس لشكر، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، وصلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، وامحند العنصر، وزير الدولة، مساء يومي الخميس والجمعة الماضيين، في مقر الوزارة الأولى في الوصول (لم يُفضيا) إلى صيغة للتعامل مع القانون المالي، لكنْ دون أن تستبعد مصادرنا إمكانية أن يكون هذا الأسبوع نهاية لمأزق سحب الحكومة مشروعَ القانون المالي، بإعادة إرجاعه في الدورة الاستثنائية للبرلمان. ومن جهة أخرى، رفض الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان التعليق على مسار المفاوضات بين الأطراف الحكومية المُشكِّلة للجنة المصغرة، مكتفيا بالقول، في اتصال مع «المساء»، إن الحكومة قرّرت تأجيل عرض المشروع إلى أن تقرر ما ستقوم به في إطار صلاحياتها. وشدّد لشكر على أن القرار الذي اتخذتْه الحكومة يحترم الدستور ومقتضيات القانون التنظيمي للمالية، الذي يحدد الآجال في 20 أكتوبر، والنظام الداخلي لمجلس النواب في مادته ال98، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق بأزمة أو بخطأ دستوري وإنما بإجراءات اتّخذتْها الحكومة، وهي الآن محط مراجعة ومناقشة، وهو أمر لا يتعارض مع الدستور. إلى ذلك، كشفت مصادر حكومية ل«المساء» أن مجلس الحكومة، الذي انعقد يوم الخميس المنصرم، عقب قرار سحب قانون المالية من البرلمان، شهِد توترا وجدلا حادّين بين بعض وزراء حكومة الاستقلالي عباس الفاسي، الذين حاولوا أن يُبعِدوا المسؤولية عن أنفسهم. وأفادت بعض المصادر الحكومية أن التوتر وقع بعد أن ألقى الاشتراكي محمد اليازغي، وزير الدولة، كرة الاتهام السياسي في ما يخص سحب نسخ مشروع قانون المالية لسنة 2012 في حضن إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، بالقول إنه المسؤول عن سحب نسخ المشروع ساعات قليلة بعد وضعه في البرلمان. وهو الأمر الذي أثار حفيظة الأمين العام للحكومة، الذي انبرى للدفاع عن نفسه بنبرة أقربَ إلى النرفزة، قائلا لليازغي إن قرار سحب مشروع قانون لا يمكن أن يأتي من الأمين العام للحكومة بل يجب أن يتم وفق مرسوم مُوقَّع من رئيس الحكومة شخصيا. وأوضح الضحاك أن مهمته لم تكن إلا وقف توزيع المشروع، بعدما تَبيّن أن مناقشة القانون التنظيمي لمجلس النواب تسير بخطى متثاقلة وأنه من غير المعقول أن تتم إضافة مناقشة قانون آخر إلى أجندة مجلس النواب. ولم تقتصر المناوشات على الضحاك واليازغي بل امتدت إلى الاستقلالي نزار بركة، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، والتجمعي صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، الذي حاول أن ينأى بنفسه عن مسؤولية سحب قانون المالية واكتفى بالتمليح إلى أن رئاسة الحكومة هي المخولة قانونا بسحب مشاريع القوانين من البرلمان، الشيء الذي لم يرُق لصهر عباس الفاسي، الذي رد على مزوار بالقول إن رئاسة الحكومة لا تشكو من أي اختلال وكل ما هناك أن قانون المالية توقف النظر فيه مؤقتا إلى حين الانتهاء من القانون التنظيمي لمجلس النواب.