قبل سبع سنوات استدعي أعضاء المجلس البلدي لعين حرودة على عجل، لعقد دورة استثنائية تصادق على «بروتوكول اتفاق يتعلق بتهيئة المدينةالجديدة زناتة بالجماعة الحضرية لعين حرودة»، ويهم تجزيء 2000 هكتار أي مجمل تراب بلدية عين حرودة الخارج عن المدار الحضري. حين عرض ممثل العمالة نسخا من هذا البروتوكول على أعضاء المجلس، وأثناء تلاوة فقراته على المجلس كانت علامات الاستياء والتذمر بادية على وجوه المستشارين، وما إن أعطيت الكلمة لهم حتى انتفضوا في وجه ممثل العمالة معلنين له عن رفضهم القاطع المصادقة على الاتفاقية إلا بعد حذف فصلين منها. كان الفصل الأول يتعلق بحذف البند الذي يشير إلى نزع الملكية، والثاني حذف البند المتعلق بإدخال الوكالة الحضرية كشريك مع صندوق الإيداع والتدبير لإنجاز هذا المشروع، معتبرين أن نزع الملكية هو بمثابة «سيف سيوضع على أعناق الملاكين»، أما الوكالة الحضرية فقد اعتبروها «خصما بما أن لها سوابق في نزع مجموعة من الأراضي بعين حرودة سنة 1989 بذريعة المنفعة العامة، دون أن تخرج أي مشروع إلى الوجود». لم يجد ممثل العمالة أمام إصرار كافة المستشارين، على حذف البندين المذكورين، سوى طي مشروع هذه الاتفاقية مع وعد المستشارين بإبلاغ مطالبهم للعامل. عاد ممثل العمالة بمشروع اتفاقية معدلة عن الأولى استجابة لمطالب مستشاري المجلس، عرضت عليهم خلال دورة استثنائية ثانية للمجلس عقدت بتاريخ 28 يناير 2004، لتتم المصادقة عليها بإجماع المستشارين، معتقدين بذلك أنهم أزاحوا كابوسا كاد يرخي بظلاله على السكان الذين ستدمج أراضيهم بالمشروع، لكنهم سيفاجؤون لاحقا بكون بعض المصالح الوزارية ممثلة في الوزارة الأولى ووزارة المالية، قد أصدرت مرسوم قرار لنزع ملكية الأراضي الخاضعة لمشروع المدينةالجديدة، ففي 28 فبراير 2006 صدر عن الوزير الأول «المرسوم رقم 20. 06.2 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5403 بتاريخ 13 مارس 2006، الصفحة 728، القاضي ب «إعلان أن المنفعة العامة تقضي بالتهيئة الحضرية لمنطقة زناتة ببلدية عين حرودة المحمدية والذي تم نشره بالجريدة الرسمية عدد 5403 بتاريخ 13 مارس 2006 بالصفحة 728». وقام وزير المالية بنشر «إعلان بإيداع مشروع قرار بالجريدة الرسمية عدد 4961 بتاريخ 28 نونبر 2007 يقضي بالتخلي عن ملكية القطع الأرضية اللازمة لإنجاز مشروع التهيئة الحضرية لمنطقة زناتة ببلدية عين حرودة بعمالة المحمدية»، كل هذه القرارات تبين أن الاتفاقية التي صوت عليها المجلس البلدي في صيغتها المعدلة أصبحت لاغية ولا جدوى منها، وأنها فقط كانت بوابة لخروج مشروع المدينةالجديدة إلى حيز الوجود ضد رغبات السكان والمستشارين، عبر إشهار سيف نزع الملكية حول رقاب الملاكين والسكان، مع العلم أن إحدى بنود الاتفاقية المعدلة التي صادق عليها المجلس الجماعي لعين حرودة تقول بالحرف: «إن الأراضي التابعة للخواص بالمدينةالجديدة لزناتة سيتم دمجها في عملية التهيئة، سواء في إطار اتفاقية شراكة مع الملاكين الذين يختارون مبدأ التهيئة التشاورية واقتسام تكاليف التجهيز حسب نصيبهم من مساحات الأرض، وإما بواسطة الطرق القانونية للاقتناء الجاري بها العمل». هذا البند ظل حبرا على ورق بما أن المشرفين على مشروع المدينةالجديدة شرعوا في فرض الأمر الواقع على السكان غير معترفين ببنود الاتفاقية ولا بقرارات المجلس البلدي لعين حرودة، ليظهر جليا أن هناك لوبيات للعقار تتحين الفرصة لاقتناص أراضي بخسة وإعادة تجزيئها. مواجهة التجاوزات والخروقات أمام الانزلاقات التي بدأ ينحوها مشروع المدينةالجديدة، وشعور السكان والملاكين بأن الدولة سائرة نحو فرض الأمر الواقع بفرضها الأثمنة الهزيلة التي خصصتها مديرية الأملاك المخزنية كتعويض عن الأملاك المنزوعة، (تراوحت بين 100 و150 درهما للمتر المربع)، بادر السكان إلى تأسيس «جمعية ملاكي أراضي زناتة» بتاريخ 22 يونيو 2006، كما تأسست (الجمعية الاجتماعية أولاد سيدي علي بن عزوز) بتاريخ 30 دجنبر 2007، تلاها بعد وقت قصير تأسيس (جمعية أرباب المعامل) وانضمت إليهم مجموعة من الوداديات السكنية كودادية الموظفين، «بسمة»، «أنس»، «المستقبل». شكلت هذه الجمعيات تكتلا فيما بينها، وشرعت في دق أبواب مجموعة من المسؤولين سواء بعمالة المحمدية أو بولاية الدارالبيضاء، لوضعهم أمام حقيقة الأوضاع التي بات يعاني منها السكان. أرسلت الجمعيات والوداديات المذكورة ما يناهز 120 شكاية لمختلف الإدارات والوزارات والمصالح المعنية، بدء من الديوان الملكي ووصولا إلى رئيس المجلس البلدي، ولم تتلق سوى بعض الأجوبة اليتيمة التي تفيد إحالة الشكايات على الجهات المعنية. بعد المراسلات طلبت الجمعيات مقابلات مع بعض المسؤولين فعقدت سلسلة من الاجتماعات مع كل من عامل عمالة مدينة المحمدية السابق عبد السلام زوكار، تلاه اجتماع آخر مع المندوب السابق بمندوبية وزارة السكنى بمدينة المحمدية ومع المدير الجهوي للأملاك المخزنية بمدينة الدارالبيضاء بحضور محمد قربال النائب البرلماني بحزب العدالة والتنمية، حيث طرحت أمام الجميع كافة المشاكل التي أصبحت تقض مضاجع السكان. ظلت الجمعيات تتلقى الوعود والتطمينات كما هو الشأن للوداديات السكنية دون أن يلوح في الأفق ما يثبتها ويؤكدها، وموازاة مع هذه التحركات قامت الجمعيات بتوقيع بيانات استنكارية، نشرت العديد منها بعدة جرائد وطنية، وأمام الضغط الذي قامت به الجمعيات إعلاميا وإداريا، عادت مديرية الأملاك المخزنية لتشكيل لجنة ثانية لإعادة تقييم أثمنة العقارات بعد أن أغفلت في السابق التعويضات عن المباني والمستودعات والمحلات التجارية وغيرها، وزادت في أثمنة التعويضات المخصصة للأراضي وصلت أحيانا إلى 300 درهم للمتر مربع، ورغم ذلك فقد رأى فيها المتضررون إجحافا، واعتبروها تعويضات هزيلة لا ترقى إلى الأثمنة المتداولة في سوق العقار بمنطقة عين حرودة والمدن المجاورة لها. دائرة الأملاك المخزنية بالمحمدية تتعهد بتوفير شقق للمفرغين أفاد مصدر مسؤول بدائرة الأملاك المخزنية بالمحمدية، بأن قضية الإنذارات التي توصل بها مجموعة من السكان قصد الإفراغ بعين حرودة، يهم فقط الأراضي التي تعود ملكيتها للأملاك المخزنية، وهو إجراء عممته المديرية العامة للأملاك المخزنية على كافة الأراضي بالتراب الوطني، بحكم أن بعض الأشخاص يحتلون مساحات شاسعة تفوق عشرات الهكتارات بدون سند أو مبرر قانوني، وبالتالي فقد شمل هذا الإجراء بعض السكان الذين يوجدون داخل مجال مشروع المدينةالجديدة كدوار أولاد سيدي علي بن عزوز، وأضافت نفس المصادر أن دائرة الأملاك المخزنية بالمحمدية قد استقبلت مجموعة من سكان الدوار، وطمأنتهم حول سبب هذا الإجراء الذي لن يتسبب في إفراغ أي شخص كان إلا بعد إيجاد صيغة توافقية، من بينها اقتناؤهم لشقق بمشروع المدينةالجديدة وفق استراتيجية تعمل الدائرة حاليا على تحيينها. الغضب يدفع بالسكانإلى الاحتجاج حين اتضح للجمعيات أن مديرية الأملاك المخزنية الجهة النازعة، وصندوق الإيداع والتدبير الجهة الممولة للتعويضات وللمشروع ماضيان في عملهما دون الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات السكان، نظمت الجمعيات المذكورة وقفة احتجاجية في 7 شتنبر 2008 بالقرب من مقر باشوية عين حرودة دامت حوالي ساعة شارك فيها أزيد من 500 مواطن ومواطنة. رفع المحتجون مجموعة من اللافتات ورددوا شعارات منددة ب «الخروقات والتجاوزات التي يعرفها مشروع المدينةالجديدة». أصداء الوقفة ترددت على مستوى جهة الدارالبيضاء الكبرى وعلى الصعيد الوطني، وعرفت تغطية إعلامية مهمة من طرف مجموعة من الجرائد الوطنية. وبعد مرور أربعة أشهر على الوقفة الاحتجاجية، عقد المجلس الجماعي لعين حرودة دورة استتنائية بتاريخ 14 يناير 2008 صادق فيها بالإجماع على مقرر يؤكد فيه: 1 تمسكه بمقرره عدد03/2004 المتخذ برسم الدورة الاستثنائية المنعقدة بتاريخ 28 يناير 2004 بشأن المصادقة على بروتوكول الاتفاق المتعلق بتهيئة المدينةالجديدة زناتة، وذلك في صيغته المتضمنة للتعديلات المقترحة من طرف المجلس البلدي لعين حرودة» (حذف منه بند نزع الملكية). 2 يعتبر المجلس أن المرسوم رقم 20.06.20 المؤرخ في 28 فبراير 2006 لا يتضمن المنفعة العامة. 3 يلتمس المجلس من السلطات الموقعة على بروتوكول الاتفاق المشار إليه أعلاه والعمل على تفعيل مقتضياته والعدول عن إجراءات نزع الملكية. ورغم هذا المقرر المتخذ من طرف المجلس فإن مديرية الأملاك المخزنية استمرت في سلك مسطرة نزع الملكية غير آبهة بتعرضات المتضررين لهزالة التعويضات عن المساكن والأراضي والمعامل، ومن بين هذه التعرضات، الملاحظات المسجلة من طرف المتضررين بسجل الملاحظات بالبلدية خلال الفترة الممتدة من تاريخ 28 نونبر 2007 إلى غاية 28 فبراير 2008، مع تقديم مجموعة من الطعونات من طرف جميع ملاكي الأراضي والمعامل والوداديات السكنية إلى المجلس الأعلى خلال شهري يناير وفبراير من سنة 2008، والبالغ عددها أكثر من 200 طعن، رغم كل ذلك لجأت مديرية الأملاك المخزنية إلى سلك المساطر القضائية. أمام عدم الاستجابة لمطالبها، قامت الجمعيات والفيدرالية المغربية للوداديات السكنية، بتقديم ملتمس لجلالة الملك عبر رسالة بتاريخ 16 شتنبر 2008، تلتمس فيها منه القيام بتحكيم ملكي. لم تمر سوى أيام قليلة على هذه الرسالة حتى توصلت الجمعيات باستدعاء لحضور اجتماع بالعمالة بتاريخ 10 أكتوبر 2008، ضم العامل السابق عبد السلام زوكار وحضره سعيد التدلاوي النائب البرلماني بالغرفة الثانية وعبد اللطيف الجيراري رئيس بلدية عين حرودة ومحمد المتوكل الرئيس السابق للمجلس الإقليمي للمحمدية، وعدد من ممثلي المصالح المتدخلة في المشروع، كالأملاك المخزنية، الوكالة الحضرية بالبيضاء، صندوق الإيداع والتدبير. توج هذا الاجتماع في الأخير بحصول الجمعيات بطلب منها على محضر موقع من طرف العمالة والباشوية ورئيس المجلس البلدي لعين حرودة وشركة ديار، ممثلة عن صندوق الإيداع والتدبير، قلل نسبيا من حالة الاحتقان والغليان في صفوف الساكنة بعد أن وردت في هذا المحضر مجموعة من التطمينات من بينها المحافظة على حقوق السكان والملاكين وأرباب المعامل. العامل من جهته، أكد خلال هذا الاجتماع أن سلك المساطر القضائية من طرف مديرية الأملاك المخزنية هو إجراء روتيني من أجل الحيازة ونقل الملكية، وأن أي عامل للعمالة لا يمكن له أن يزكي قرارات التنفيذ، وبالفعل فقد كان العامل السابق صادقا في قوله، فرغم أن بعض ملاكي الأراضي قد استصدروا أحكاما بالإفراغ ضد بعض السكان بتهم الترامي والاحتلال لأراضيهم تحت ضغط مديرية الأملاك المخزنية من أجل تمكينهم من التعويضات التي حددت لهم، لكن لم يتم تنفيذ هذه الأحكام (سكان دوار أمزاب، عائلة امحيريش بدوار لبزوعة، فاطمة الحسن بسيدي أحمد بن ايشو، إبراهيم كريم بدوار احروضات)، علما أن العديد من أرباب بعض المستودعات المحادية للطريق 107 سابقا، قد اضطروا لإفراغها لفسح المجال لبناء العمارات. في مقابل ذلك صدر أول حكم قضائي بالإفراغ لفائدة مديرية الأملاك المخزنية ضد ابن السنوسي الجيلالي بدوار مغراوة. نزل خبر أول حكم بالافراغ كالصاعقة على السكان خصوصا بعد الضغوطات التي بدأ يتعرض لها المعني بالأمر من أجل الإفراغ، لكون منزله يوجد ضمن أراضي مشروع الشطر الأول من المدينةالجديدة الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك، وأصبح السكان يفكرون في تنظيم وقفات احتجاجية أو مسيرات سلمية للتنديد بهذا الإفراغ معتبرين أن الإفراغ بمثابة إنذار موجه لهم، لكن بفضل جهود الجمعية الاجتماعية لأولاد سيدي علي بن عزوز وجمعية ملاكي أراضي زناتة وبتنسيق مع السلطات المحلية وسلطات عمالة المحمدية، تم تجاوز هذا المطب عبر البحث عن إيجاد حل توافقي للجيلالي السنوسي، خصوصا أن الاجتماعات التي يعقدها كل أربعاء ممثلو كافة المصالح المتدخلة في مشروع المدينةالجديدة، والتي بلغت مايناهز35 اجتماعا، تمكنت كذلك من تدليل كافة العقبات والصعاب التي يواجهها مشروع المدينةالجديدة. محكمة الاستئناف تخفض قيمة التعويضات بعد دخول مساطر نزع الملكية والحيازة إلى ردهات المحاكم الإدارية، تم انتداب مجموعة من الخبراء الذين خرجوا لمعاينة العقارات بطلب من دفاع السكان والملاكين، وبالفعل فقد ضاعف خبراء العقار من التعويضات التي حددتها الأملاك المخزنية بأزيد من خمس مرات في بعض الأحيان، حيث تراوحت قيمتها ما بين 300 درهم و800 درهم للمتر مربع، مما يبين بجلاء أن مديرية الأملاك المخزنية كانت قد فرضت تعويضات «غير عادلة» على الأراضي المنزوعة، والتي تراوحت قيمتها بين 115 درهما و300 درهم للمتر مربع، وهو مادفع مديرية الأملاك المخزنية إلى طلب خبرات مضادة، مكنتها خلال مرحلة الاستئناف من تخفيض هذه الأثمنة إلى الثلثين. الشطر الأول من مشروع المدينةالجديدة الذي حددت له ثلاث سنوات، يسير حاليا بوتيرة سريعة، حيث بدأت العديد من العمارات في البروز، لكن أغلب السكان يشبهون شققها ب«أقفاص الدجاج»، لكونها تفتقد للجمالية وللنسق المعماري، فنوافذها صغيرة الحجم ومساحات الشقق تبدو ضيقة وعلوها منخفض وأغلبها لا يتوفر على شرفات مما جعلها تبدو ككتل إسمنتية. تم الشروع في تسويق بعض الشقق بثمن يتجاوز 7000 ألاف درهم للمتر مربع، علما أن أغلب سكان المنطقة وخصوصا سكان الدواوير ببلدية عين حرودة يطالبون ببقع أرضية على غرار سكان دواوير جارتهم جماعة الشلالات، أو ببلدية المحمدية كدوار الجمعي والشانطي الجديد وماكري، أو ببعض الجماعات بجهة الدارالبيضاء الكبرى ككاريان سيدي مومن وكاريان الحي المحمدي وسكان دوار السكويلة، الذين استفادوا من بقع أرضية بعدة طوابق لم تتجاوز قيمتها أربعة ملايين سنتيم، إضافة إلى كون أصحاب المساكن الممتازة بعين حرودة يطالبون ببقع أرضية تتراوح بين 120 و160 مترا مربعا أو ببقع أرضية خاصة بالفيلات وبأثمنة تفضيلية. انقلب المشروع من اجتماعي إلى مشروع تجاري، تستفيد منه بعض الأطراف، ومن بين هذه الدلائل أن مديرية الأملاك المخزنية قد حازت أراضي مجموعة من الوداديات السكنية، التي كان منخرطوها يطمحون إلى بناء منازل فوقها وبثمن التكلفة، قبل أن يكتشفوا أنها نزعت منهم بثمن بخس لإعادة بيعها بأثمنة خيالية. الوداديات السكنية تستغيث هي ثلاث وداديات سكنية تحمل أسماء «بسمة»، «المستقبل» و«أنس»، أسماء تحيل على التفاؤل الذي كان يشع نوره في قلوب 376 منخرطا، وهم يمنون النفس ببناء مساكن تقيهم شر الكراء والمضاربات العقارية، بما أن أغلبهم موظفون بسطاء أو من رجال التعليم، خصموا من أجورهم الهزيلة أصلا، مبالغ مالية تعد بالملايين لدفعها في حساب الوداديات السكنية كتسبيقات، وتمكنوا بذلك من اقتناء أراضي بين سنوات 1994 و1996 بعين حرودة تبلغ مساحتها الإجمالية سبعة هكتارات. بمجرد حصول هذه الوداديات على الوصولات النهائية من طرف السلطة المحلية، شرعت في الاتصال بمجموعة من المصالح والإدارات على الصعيد المحلي والإقليمي والمركزي، من أجل الحصول على التراخيص للشروع في تجهيز الأراضي التي اقتنتها، وبعد عدة مراسلات واجتماعات هنا وهناك تم تدليل بعض الصعاب التي كانت تواجهها هذه الوداديات، بسبب شرائها لأراضي خارج المدار الحضري والتي تدخل في خانة منطقة (Rs) أي الأراضي قيد الدرس، حيث توصلت هذه الوداديات السكنية والتي ستتكتل لاحقا تحت اسم الفيدرالية المغربية للوداديات السكنية، بأجوبة وزارية سنة 2002 تطلب منها التنسيق مع شركة ليدك بالمحمدية والوكالة الحضرية بالدارالبيضاء الكبرى ومهندس الفيدرالية، لإنجاز دراسة حول أشغال الصرف الصحي بأراضي الفيدرالية، كلفتها ميزانية تقدر بحوالي 45 مليون سنتيم. كان الأمل يتقوى لدى المنخرطين وهم يرون بصيصا من النور قد يمهد لإخراج مشروعهم السكني إلى حيز الوجود، لكن أحلامهم سيتم إجهاضها بجرة قلم عندما سيصدر قرار لنزع ملكية 2000 هكتار من الأراضي بتاريخ 28 فبراير 2006 لإنجاز مشروع مدينة جديدة بعين حرودة، وأراضي عدة وداديات سكنية أخرى من بينها ودادية الموظفين وودادية شركة كريسطال وودادية الأمانة، حيث يفوق منخرطوها إجماليا حوالي 4000 منخرط، مع تخصيص تعويضات مالية هزيلة لم يتقبلها كافة المتضررين الذين لجؤوا إلى المحاكم. لم تقف الفيدرالية المغربية للوداديات السكنية بعين حرودة مكتوفة الأيدي أمام هذه التجاوزات الخطيرة، بعد أن وجدت أراضيها تنزع عنها، بل شرعت حسب أعضاء الفيدرالية المغربية للوداديات السكنية، كما جاء ذلك خلال ندوة صحفية عقدوها شهر يوليوز المنصرم بالفضاء الاجتماعي الفداء بالدارالبيضاء، في الاتصال بمجموعة من المتدخلين في مشروع المدينةالجديدة كعمالة المحمدية، مديرية الأملاك المخزنية، صندوق الإيداع والتدبير، وشركة ديار المنصور المكلفة بالإشراف على إنجاز مشروع المدينةالجديدة، لكنهم اصطدموا بتهرب الجميع من تحمل المسؤولية. كانت كل جهة تحيلهم على جهة أخرى، ليجدوا أنفسهم داخل حلقة مغلقة، ويكتشفون حسب تدخلات أعضاء الفيدرالية أنهم يواجهون لوبيا عقاريا، وهم يستدلون في ذلك بشقق يتم عرضها للبيع مساحة بعضها 49 مترا بثمن 36 مليون سنتيم، علما أن مثل هذه الأثمنة حسب قولهم لا وجود لمثلها في بعض المشاريع السكنية الاجتماعية بجهة الدارالبيضاء الكبرى والتي تشرف عليها شركة العمران. أعضاء الفيدرالية السكنية طالبوا برفع أيدي المتدخلين عن أراضيها السكنية لإخراج مشاريعها السكنية للوجود، أو بمعاوضتها على الأقل بأراضي أخرى داخل تراب ولاية الدارالبيضاء الكبرى، لكونها ترفض التعويضات الممنوحة لها جملة وتفصيلا، ولم يفت أعضاء الفيدرالية الإشارة إلى أن الأيام القادمة ستشهد خطوات نضالية بتنسيق مع الجمعيات المهتمة في الموضوع، وكافة المتضررين من مشروع المدينةالجديدة، خصوصا أن مديرية الأملاك المخزنية تقوم حاليا بإرسال إنذارات لمجموعة من السكان، بدوار أولاد سيدي علي بن عزوز، قصد إفراغ مساكنهم، مما يبين بجلاء أن بلدية عين حرودة أصبحت بمثابة برميل بارود فوق صفيح ساخن. في 11 فبراير 2006 ترأس جلالة الملك محمد السادس بالقصر الملكي بالدارالبيضاء مراسيم التوقيع على اتفاقية تهيئة المدينة، وقع عليها آنذاك إدريس جطو الوزير الأول، وفتح الله ولعلو وزير المالية والخوصصة، وكريم غلاب وزير التجهيز والنقل، وأحمد توفيق احجيرة الوزير المكلف بالإسكان والتعمير (حسب التسمية السابقة للوزارة)، ومحمد القباج والي جهة الدارالبيضاء الكبرى، وعبد السلام زوكار عامل عمالة المحمدية، وفوزية إمنصار العامل مدير الوكالة الحضرية، وشفيق بنكيران رئيس مجلس الجهة، ومحمد ساجد رئيس مجلس المدينة، ومحمد المتوكل رئيس المجلس الإقليمي للمحمدية، وعبد اللطيف الجيراري رئيس المجلس البلدي لعين حرودة، ومصطفى الباكوري المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير. أحمد بوعطير