انخفاض في المؤشرات العامة للإجرام الظاهربنسبة (-2)، والإجرام الموسوم بالعنف بنسبة(3-). مثلت أبرز الخلاصات التي تضمنها التقرير الإجمالي الصادر عن المصالح المركزية لمديرية الشرطة القضائية برسم سنة 2010. التقرير شكل مناسبة لرصد مؤشرات الجريمة واتجاهاتها المستجدة على صعيد جميع ولايات الأمن ومفوضيات الأمن الإقليمي والجهوي بالمغرب، وباستقراء احصائيات الجريمة وآليات ومعدلات زجرها، يلاحظ ارتفاع في وتيرة إفراز الظواهر الإجرامية النوعية. وحسب إحطائيات الإدارة العامة للأمن الوطني، فإنه إذا كان المؤشر الإجمالي العام للإجرام الظاهر قد عرف تراجعا ملحوظا خلال سنة 2010، فإن عدد من الجرائم عرفت في المقابل بعض الارتفاع بسبب تداخل مجموعة من العوامل، التي إما أنها عوامل داخلية مرتبطة بالمناحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإما خارجية تتصل بمتغيرات دولية راهنة، ساهمت في إفراز دوافع قوية تفضي بالأشخاص إلى ارتكاب الفعل الإجرامي النوعي. وفي تحليلها للظواهر الإجرامية، بينت التقارير الأمنية أنه إذا كان لتلطيف السمة الجامدة للسيادة الوطنية للدول، والرفع شبه الكامل للحدود الإقليمية في ظل نظام العولمة، الأثر البارز على مستوى التحديات والاكراهات الامنية، إذ تم فسح المجال لتصدير الأنماط الجديدة للجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية إلى المغرب، مثلما هو الحال بالنسبة للجريمة الارهابية والاتجار في المخدرات، وسرقة السيارات والهجرة غير الشرعية، يضاف إلى ذلك شيوع استعمال التقنيات الجديدة للاتصال، التي وضعت رهن اشارة المجرمين أدوات وتجهيزات فاعلة ومتطورة، تساعدهم على ارتكاب أفعالهم الاجرامية، مثلما هو الحال بالنسبة للأدوات والتجهيزات المعلوماتية والانترنت والهواتف المحمولة، التي كان لها وقع حقيقي ودور كبير في ارتفاع مؤشرات بعض الجرائم، خاصة جرائم السرقة بالخطف التي تطال الهواتف المحمولة، إذ بعدما كان ضحايا هذا النوع من الإجرام هن نساء يحملن حقائب يدوية تحوي بعض النقود والحلي، إلا أن مع شيوع استعمال الهواتف المحمولة، تغير أسلوب هذه الجريمة بشكل جذري، بحيث بات المجرم يستهدف أي كان ... رجلا أو امرأة أو شابا أو فتاة ... لعلمه المسبق واليقين بأن الضحية تحمل هاتف محمول، وأن محاولته ستكون مكللة بمسروق عبارة عن هاتف محمول وان اختلفت قيمته المادية !. وإذا كانت السياسة الجنائية تختلف بحسب كل بلد، آخذة في الاعتبارات خصوصية الاجرام المسجل، وملامح الجناة، وتقود العوامل المفرزة للجريمة وتباين الخلفية القانونية والدينية والأخلاقية للمواطنين، ففي المغرب مثلا، يقع مستهلكو المخدرات والخمر(المسلمون) تحت طائلة العقوبة، بينما في دول أخرى يتم النظر إليهم على أنهم ضحايا يحتاجون إلى دعم اجتماعي. نفس الشىء بالنسبة لساحبي الشيكات بدون رصيد، والأشخاص الذين لايسددون الديون العالقة بهم، إذ أن بعض الدول تفرد لهم عقوبات زجرية بينما في دول أخرى، تكتسي هذه القضايا طابعا مدنيا صرفا لايرتب المسؤولية الجنائية. وفي معرض الحديث عن السياسة الجنائية لابد من التنويه إلى عدم فاعلية مسطرة إعادة الادماج المنتهجة، وعدم استجابتها للانتظارات المعلقة عليها، بالنظر إلى عدم مواكبتها بإجراءات مجتمعية، فعلى سبيل المثال أضحت بعض مؤسسات الاعتقال مكانا للاستقطاب والعدوى والاعداد للإجرام المنظم بدلا من مؤسسات لإعادة الادماج، هذا المعطى تؤكده معاينة مؤداها أن عددا كبيرا من السجناء يعودون إلى الجريمة مباشرة بعد الإفراج عنهم من السجن. من جهة أخرى وحتى إن كان القانون الجنائى ينص على أنه لايعذر أحد بجهله القانون، إلا أن الأمية وتدني المستوى التعليمي، وضعف ثقافة المواطنة تساهم بدورها في ارتكاب بعض المواطنين الذين تنعدم لديهم المعرفة القانونية، أفعالا معاقبا عليها (الولوج أو المساس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، الحمل غير المشروع للأسلحة ... ). محمد كريم كفال